تونس تحاول تفكيك العقبات المزمنة أمام صادراتها

تأمل الأوساط الاقتصادية التونسية أن يتمكن المجلس الأعلى للتصدير من إيجاد حلول للعقبات التي تواجه الصادرات بعد عودته للانعقاد لأول مرة منذ سنوات. كما تأمل باتخاذ إجراءات لتوسيع رقعة الأسواق الخارجية أمام الصادرات المحلية وكبح إغراق الأسواق بالواردات الرخيصة.
الجمعة 2018/01/05
البحث عن أسباب الركود التجاري

تونس- تحاول تونس تفكيك العقبات المزمنة أمام الصادرات التي تراجعت بشكل كبير منذ عام 2011 بسبب ارتباك السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة التي عجزت عن إيجاد حل مستدام لهذه المشكلة.

واعتبر محللون أن عودة المجلس الأعلى للتصدير، الذي تأسس قبل 17 عاما، للانعقاد مجددا بعد سنوات من التوقف مؤشر على حرص الحكومة الحالية على إعادة الروح للصادرات المحلية، وذلك في سياق الإجراءات التي تمّ اتخاذها خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ويسابق المجلس الزمن من أجل وضع أسس لتطوير قدرة الاقتصاد المحلي على تنمية طاقته التصديرية وتفعيل المسؤوليات المشتركة لكافة الوزارات والأجهزة الحكومية المعنية، فضلا عن متابعة تنفيذ الخطط والقرارات التي سيتمّ اتخاذها.

وقال رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال افتتاح المجلس أمس والذي عقد في مركز النهوض بالصادرات بالعاصمة إن “التصدير بات أولوية مطلقة بالنسبة إلى تونس وهدفنا بلوغ حجم صادرات بقيمة 50 مليار دينار (20.1 مليار دولار) بحلول عام 2021”.

ودفعت المؤشرات السلبية الحكومة إلى وضع استراتيجية بعيدة المدى من أجل دعم الصادرات بهدف تقليص العجز التجاري الذي بلغ مستويات غير مسبوقة.

وأوضح الشاهد في كلمته خلال الاجتماع أن “كل الأطراف معنية بالمساهمة في تعزيز مستوى الصادرات باتجاه الحد من العجز التجاري للبلاد والرفع من قيمة الدينار وإعادة التوازنات المالية الكبرى”.

وأظهرت بيانات رسمية أن العجز التجاري قفز إلى مستويات قياسية لم تشهده البلاد في تاريخها، بنحو 23.5 بالمئة على أساس سنوي خلال أحد عشر شهرا من العام الماضي حيث بلغ 14.36 مليار دينار (5.81 مليار دولار).

وتأتي هذه المؤشرات المفزعة فيما تحاول الحكومة كبح انفلات الواردات وخاصة تلك القادمة من الصين وتركيا، ما أثر على العملة المحلية التي فقدت نحو 20 بالمئة من قيمتها أمام اليورو والدولار.

ويقول الخبير الاقتصادي مراد الحطاب إن فقدان الدينار لقيمته سينعكس سلبا على قدرة تونس في تسديد ديونها بالعملة الأجنبية وجذب الاستثمار، إلى جانب تأثيراته على القطاع الصناعي والزيادة في الأسعار. وناقش المشاركون في المجلس الذي يتكون من 13 وزارة من بينها التجارة والصناعة والاستثمار والتعاون الدولي حزمة من التدابير لتعزيز الصادرات تشمل 20 قرارا.

وتتمحور القرارات حول دعم المناخ العام للتصدير وإزالة كافة العراقيل التي تعترض المصدرين سواء محليين أو أجانب، بالإضافة إلى اعتماد إطار عام للإصلاح الإداري والقانوني على أن يتم تفعيله سريعا.

ويعد البنك المركزي التونسي وأكبر نقابتين بالبلاد، وهما الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف)، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري من أهم أضلاع المجلس الأعلى للتصدير.

واعتبرت وداد بوشماوي رئيسة منظمة الأعراف في تصريح لإذاعة “موزاييك” المحلية أن انعقاد هذا المجلس يمثل بادرة تحفز على إنعاش التصدير بعد توقف دام سنوات. وقالت “هناك ضرورة اليوم لتسهيل الإجراءات لفائدة المصدرين وحل كافة المشكلات القائمة”.

وأوضحت أن تونس في حاجة إلى “إرساء ثقافة التصدير” بما يسهم في دعم مداخيل البلاد من العملة الصعبة ودفع الاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة. وتعوّل تونس على تعزيز الصادرات لإنعاش الاقتصاد المنهك بالتزامن مع عوامل تنموية أخرى لتحفيز المستثمرين للدخول إلى السوق المحلية وبالتالي توسيع قاعدة الأسواق الخارجية.

وكانت تونس قد أبرمت في 2014، اتفاقا مع البنك الدولي لتمويل البرنامج الثالث لتنمية الصادرات بقيمة 43.6 مليون دولار، والذي يمتد لغاية 2021. ويهدف البرنامج إلى تعزيز الدخول إلى الأسواق الخارجية ودعم الهياكل المعنية بتنمية الصادرات وتعزيز تنافسية المصدرين التونسيين وتشجيع الابتكار.

واعتمدت موازنة 2018 تدابير حمائية من أهمها فرض رسوم جمركية على الواردات من تركيا بنسبة تصل إلى 90 بالمئة. واستغلت تركيا اتفاقية التبادل الحر التي أبرمتها مع تونس في نوفمبر 2004، لكن تونس جمّدت مؤخرا الاتفاقية لمدة 5 سنوات.

وأصدر المركزي في نوفمبر الماضي أوامر للبنوك المحلية بوقف تمويل واردات نحو 220 سلعة مع سعي البلاد لوضع حاجز أمام تبخر ما تبقى من الاحتياطيات النقدية التي لا تتجاوز 5 مليارات دولار.

وتسجل تونس أكبر عجز تجاري مع الصين إذ بلغ 1.3 مليار دولار، تليها تركيا بنحو 525 مليون دولار وروسيا بنحو 372 مليون دولار، وفق الإحصائيات الرسمية، غير أن خبراء يرون أن العجز أكثر من ذلك. ويجمع الخبراء على أن نمو الواردات كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، مـا أدّى لإغراق السوق التونسية بالسلع وانتعاش السوق الموازية.

11