تركيبة البرلمان القادم تثير تساؤلات حول مستقبل الأزمة الجزائرية

أي دور للمستقلين في تعويض دور الأحزاب السياسية المتآكلة؟
الخميس 2021/04/29
هل يحل الاستحقاق الانتخابي الأزمة السياسية في البلاد

الجزائر – أعلنت السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات الجزائرية عن انقضاء مهلة إيداع لوائح المرشحين للانتخابات النيابية المقررة في الـ12 من يونيو المقبل بعد أن مددت لخمسة أيام، مع تسجيل تقدم غير مسبوق لصالح المستقلين على حساب المنضوين تحت لواء أحزاب سياسية، وهو ما يطرح تساؤلات حول تركيبة البرلمان الجزائري المقبل ودور الانتخابات البرلمانية في حلحلة الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ أكثر من عامين؟

واستقبلت فروع السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات إلى غاية منتصف ليل الثلاثاء، أكثر من 1800 لائحة حزبية لخوض غمار الاستحقاق النيابي، بينما فاق تعداد اللوائح المستقلة سقف الـ3 آلاف لائحة، قبل أن تخضع جميع اللوائح لعملية التدقيق والتمحيص من طرف المصالح المختصة، والقيام بالرد على أصحابها في التاسع من مايو.

وكانت السلطات الجزائرية قد قرّرت تمديد آجال إيداع اللوائح الانتخابية لدى مكاتب وفروع السلطة المستقلة إلى غاية الثلاثاء بعدما كان مقررا الخميس الماضي، مبررة في برقية لوكالة الأنباء الرسمية قرار الإرجاء بـ”الكم الهائل من المتقدمين لإيداع ملفات ترشحهم لهذا الاستحقاق الانتخابي، الأمر الذي استدعى توفير الوقت الكافي للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات لدراستها”.

غير أن دوائر معارضة للمسار الانتخابي للسلطة، وللانتخابات التشريعية تحديدا، علقت على القرار بـ”صعوبة العثور على لوائح تدخل السباق”، وأن “عزوف الشارع ومقاطعة الطبقة السياسية وضعا الانتخابات المذكورة في مأزق حقيقي، حيث صار الحصول على مجرد مئة توقيع لأي مرشح في اللائحة يمثل عبئا ثقيلا على أصحابه، نتيجة الرفض المطلق للمسار برمته”.

وقال رئيس السلطة محمد شرفي “القرار أملاه الكم الهائل للأحزاب السياسية والقوائم الحرة التي تقدمت لإيداع ملفات الترشح، لاسيما الخميس الماضي، وتجنبا للتسرع في دراسة ملفات الترشح، وتمكين كل ملف من حقه من العناية”.

23 ألف مرشح

للانتخابات التشريعية على الأقل يتنافسون على 407 مقعد في المجلس الشعبي

أما المجلس الدستوري فقد أكد بدوره “دستورية” أحكام الأمر الموقع من قبل الرئيس عبدالمجيد تبون لكونها “لا تمس بالضمانات الدستورية لممارسة المواطن لحقه في الترشح”.

ووفق هذا المعطى تكون الهيئة الوصية قد أحصت أكثر من 23 ألف مرشح للانتخابات النيابية، وتميل الكفة فيها لصالح المستقلين على حساب القوى السياسية، الأمر الذي يلمح إلى هوية البرلمان المقبل ويضعه لأول مرة منذ دخول البلاد عهد التعددية السياسية في 1989، خارج قبضة الأحزاب السياسية التقليدية.

ويتنافس هؤلاء على 407 مقاعد في الغرفة السفلى (المجلس الشعبي الوطني) وسط جدل محتدم حول جدوى الاستحقاق برمته في حلحلة الأزمة السياسية، وحول قدرة الاستحقاق على تحقيق التغيير السياسي المرفوع في الشارع، في ظل استمرار سياسة التشديد الأمني والقمع تجاه الرافضين للانتخابات.

وعبرت غالبية الأحزاب السياسية عن نيتها دخول المعترك السياسي، حيث أعرب 50 حزبا عن نيته خوض السباق فيما اقتصرت المعارضة على قوى راديكالية معروفة بمواقفها المناوئة للسلطة، لكنها على ثقل ووزن سياسي معتبر.

ويتعلق الأمر بما عرف بقوى تكتل البديل الديمقراطي، وعلى رأسها الحزبان البربريان (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية) فضلا عن حزب العمال اليساري، والتي شكّل موقفها حرجا للسلطة، كونها تساهم في حالة العزوف والمقاطعة التي تتميز بها منطقة القبائل، الأمر الذي يرشحها لأن تكون منطقة بلا تمثيل نيابي، فتزداد بذلك فرص القطيعة مع النظام وتصبح أرضية خصبة للمروجين لمشروع الانفصال.

وكان قانون الانتخابات الجديد قد أدخل تعديلات وصفت بالمهمة في المسار الانتخابي الجزائري، كونه “قطع الطريق على تجار الحصانة النيابية”، باشتراط ممارسة ولايتين فقط وبأثر رجعي، إلى جانب اشتراط المناصفة بين الجنسين في اللوائح وضرورة وجود ثلث اللائحة من الشباب الذي يقل عمره عن 35 عاما.

ورغم المحفزات التي كشفت عنها السلطة من أجل استقطاب العنصر الشبابي والنسائي للعملية الانتخابية يبقى نفور الشارع الجزائري من الاستحقاق هاجسا حقيقيا أمام المنظمين ومن يستعدون لخوض الانتخابات، لدرجة أن صار هؤلاء يكتفون ولو بنسبة مشاركة ضئيلة لتمرير الاستحقاق، على حد تعبير النقابي والبرلماني السابق مسعود عمراوي، بالقول “العزوف أو المقاطعة ظاهرة عالمية ويتوجب التعاطي معها في حدودها دون تهويل أو تضخيم”.

4