بورصة قطر وشركاتها تئن من تداعيات الوباء

الاعتماد المفرط على صادرات الغاز يثير قلق المستثمرين، والتراجع الحاد في الطلب على الغاز في أوروبا يزيد في عجز الدوحة.
الأربعاء 2020/04/01
أرقام مقلقة وآفاق قاتمة

تشير بيانات بورصة قطر إلى موجة نزوح صناديق الاستثمار الأجنبية وتخليها عما بحوزتها من الأسهم المحلية في ظل انسداد الأفق الاقتصادي، الذي تفاقم بسبب تفشي فايروس كورونا في ظل اعتماد البلاد المفرط على منتج واحد هو الغاز، الذي انهارت أسعاره بسبب تلاشي الطلب وتخمة الأسواق.

لندن - اتسعت خسائر البورصة القطرية الثلاثاء بعد تزايد المؤشرات على عمق الأزمات الاقتصادية الهيكلية لتصل خسائر المؤشر الرئيسي لسوق الدوحة للأوراق المالية إلى أكثر من 21 في المئة منذ بداية العام الحالي.

وأدّت ضغوط بيع المحافظ الأجنبية لما بحوزتها من الأسهم القطرية، إلى تراجع المؤشر الرئيسي منذ بداية الأسبوع بنحو 3.5 في المئة لتفقد القيمة السوقية للشركات العشرين التي يضمها المؤشر نحو 18 مليار ريال من قيمتها.

وتركزت عمليات البيع والتراجع الحاد هذا الأسبوع في أسهم الاتصالات والصناعات، وهو ما يعكس المخاوف بشأن عمليات الإغلاق الشامل للأنشطة الاقتصادية لمواجهة تفشي وباء فايروس كورونا “كوفيد – 19”.

وتزامن ذلك مع اتساع نطاق إغلاق الأنشطة الصناعية، حيث أعلن مجلس إدارة شركة “المجموعة” إيقاف تشغيل مصنعين للإسمنت اعتبارا من اليوم الأربعاء، دون وضع سقف زمني محدد.

ويرجّح محللون أن يصبح الاقتصاد القطري من أشد المتضررين من انتشار فايروس كورونا بسبب اعتماده الشديد على تصدير سلعة واحدة هي الغاز، الذي انهارت أسعاره نتيجة انهيار الطلب العالمي وتخمة الأسواق بالإمدادات الوفيرة.

21 في المئة نسبة تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة القطرية منذ بداية العام الحالي

وترجّح تقارير عالمية أن يضطر الصندوق السيادي القطري لتكثيف عمليات بيع الأصول الخارجية لمعالجة أزمة السيولة المتواصلة في البلاد منذ فرض المقاطعة العربية على الدوحة قبل نحو 3 سنوات.

وباع جهاز قطر للاستثمار بالفعل أصولا تقدر بعشرات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية لتخفيف نزيف السيولة المتواصل نتيجة انحدار ثقة المستثمرين بالآفاق الاقتصادية للبلاد.

وقالت داناي كيرياكوبولو كبيرة الاقتصاديين في منتدى المؤسسات النقدية والمالية، وهو مؤسسة بحثية، “إن المشكلة تكمن في أن بعض الدول نقلت في السنوات العشر الماضية احتياطيات من بنوكها المركزية إلى الصناديق السيادية بحثا عن تحقيق عوائد أكبر”.

وأضافت أن “ذلك يمثل مشكلة الآن لأنه أصبحت لديها احتياطيات أكبر في الصندوق السيادي مما لدى البنك المركزي في وقت تحتاج فيه للاحتياطيات للدفاع عن العملة”.

وتعاني قطر من نزيف متواصل للسيولة بسبب التداعيات الاقتصادية القاسية للمقاطعة العربية، التي أدت إلى انهيار كبير في أسعار العقارات والأصول وموجة متواصلة من رحيل الاستثمارات.

كما أن ارتفاع نسبة الوافدين، الذين يشكلون أكثر من 90 في المئة من السكان يفرض تحويلات متواصلة إلى الخارج والتي ارتفعت العام الماضي بنسبة 3.5 في المئة لتصل إلى نحو 12 مليار دولار.

إلغاء عقود شراء الغاز
إلغاء عقود شراء الغاز

وتظهر الأزمة في حجم تخصيصات البنك المركزي المنخفضة نسبيا لبرنامج دعم القطاع من قبل المصارف المحلية والذي وضع له سقفا عند 3 مليارات ريال (820 مليون دولار).

وتجد قطر صعوبة في بيع الغاز بعد إلغاء عقود شراء، الأمر الذي يضغط على إيراداتها المالية، التي تحتاجها بشدة لمواجهة تضخم إنفاقها المحلي وتداعيات المقاطعة العربية.

وكشفت مصادر مطلعة الأسبوع الماضي أن شركة قطر للبترول خاطبت في تحرك نادر عددا من المشترين في آسيا وأوروبا، عارضة عليهم شحنات غاز طبيعي مسال في السوق الفورية.

ويأتي ذلك بعد ازدياد عدد الناقلات المحملة بالغاز القطري، التي تجوب البحار دون أن تجد مشترين، بسبب تراجع الطلب وقيام بعض الشركات بإلغاء عقود مبرمة.

وأصدرت شركة بترونت الهندية، أكبر مستورد للغاز في الهند، إخطارا للشركة القطرية بإلغاء الشحنات المتعاقد عليها بسبب إعلان حالة القوة القاهرة بسبب تراجع الطلب وعدم قدرتها على استلام الشحنات القطرية.

احتقان اقتصادي مهدد بالانفجار
احتقان اقتصادي مهدد بالانفجار

كما أجبر التراجع الحاد في الطلب على الغاز في أوروبا، الناجم عن عمليات إغلاق حدت من الإنتاج الصناعي، مورّدي الغاز الطبيعي المسال مثل قطر على البحث عن مشترين بدلاء.

لكنّ العثور على مشترين أصبح في غاية الصعوبة بسبب انهيار الطلب الناجم عن شلل الاقتصاد العالمي وكون الأسواق متخمة بالمعروض أصلا قبل تفشي وباء كورونا.

وقالت ريبيكا تشيا المحللة لدى شركة كبلر للبيانات إن ناقلة الغاز المسال “السهلة” التي كان من المفترض أن تتجه إلى الهند في الأول من أبريل، متوقفة دون عمل في ميناء راس لفان.

ولا يبدو أن أمام الدوحة سوى مواصلة السحب من الاحتياطات المالية، في ظل التزاماتها الاستعراضية الواسعة في مشاريع البناء استعدادا لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 ومعاناتها من المقاطعة العربية، التي قوّضت معظم النشاطات الاقتصادية.

ويبدو أن قطر تتجه لاحتقان اقتصادي مهدد بالانفجار، حين تتحول مشاريع البناء الكبيرة إلى عبء ثقيل، بعد استخدامها لمرة واحدة في استضافة البطولة.

10