المساعدات الاجتماعية للمتضررين من الجائحة الصحية تثير الجدل في تونس

تونس - انطلقت السلطات التونسية الأربعاء في صرف المساعدات المالية الظرفية لفائدة المتضررين من جائحة كورونا، ولئن ثمن مراقبون الخطوة لتخفيف الأعباء على المواطنين، فإن العملية رافقها جدل واسع بشأن الفئات المنتفعة بها وصعوبة الولوج إلى المنصات الرقمية لدى الكثير.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي أن “المساعدات الاجتماعية التي تم الانطلاق في توزيعها الأربعاء والمقدرة بثلاث مئة دينار (107 دولارات)، تخص المواطنين الذين يتحصلون على منحة قارة من الدولة.
وقال الطرابلسي في تصريح لإذاعة محلية إن “هذه المساعدات تشمل أيضا فئة من المواطنين غير المسجلين والتي تضررت من جائحة كورونا”.
كما أوضح أن الفئة الثالثة المعنية بالحصول على المساعدات الاجتماعية المقدرة بثلاث مئة دينار، تشمل المتقاعدين الذين يتحصلون على رواتب أقل من ثلاث مئة دينار وأيضا الأشخاص المضمونين اجتماعيا وغير المضمونين المتضررين.
وبخصوص تشكيات بعض المواطنين من منصة “أمان” بشأن التسجيل للحصول على المساعدات، أفاد الطرابلسي بأن ستّة ملايين شخص دخلوا هذه المنصة، وهو ما تسبب في بطئها داعيا إياهم إلى محاولة الولوج إليها خارج أوقات الذروة.
وكانت الحكومة وقعت على اتفاق القرض مع البنك الدولي منذ أبريل الماضي، وسيخصص لمساعدة نحو مليون عائلة فقيرة تضررت من تداعيات وباء كورونا.
حاتم المليكي: وزارة الشؤون الاجتماعية مطالبة بتفادي إخلالات توزيع المساعدات
ويشمل اتفاق القرض تخصيص مئة وعشرين مليون دولار لتمويل برنامج “الأمان الاجتماعي” من أجل صرف منح مقررة شهريا تقدر بـمئة وثمانين دينار (حوالي 65 دولارا) لنحو 266 ألف عائلة فقيرة، فيما ستوجه ثمانون مليون دولار الباقية من قيمة القرض لصرف منح للأطفال دون ست سنوات لأبناء هذه العائلات.
وثمنت أطراف سياسية أهمية هذه المبادرة ودورها في تخفيف الأعباء على المواطنين ومساعدتهم في مواجهة نفقات الحياة اليومية، في ظل تردي الوضع الصحي وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع نسب البطالة والفقر.
وأكد النائب المستقل بالبرلمان حاتم المليكي أن “هذه الهبة المقدرة بثلاث مئة دولار، قدمها البنك الدولي لتونس منذ بداية السنة، وتمت المصادقة عليها في البرلمان لوضع حد للآثار السلبية لجائحة كورونا”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “كان هناك اتفاق منذ البداية على إشراف رئاسة الجمهورية عليها”.
وبخصوص الجدل حول طرق توزيع المساعدات والفئات المنتفعة بها، قال المليكي “كانت لدينا تجربة في عهد حكومة إلياس الفخفاخ، وشاهدنا تلك التجمعات الكبيرة أمام مراكز البريد، حتى أن هناك أربعة آلاف شخص انتفعوا بالمساعدات وهم لا يستحقون ذلك”، مضيفا “يفترض أن تكون هناك مراجعة وتقييم لنقاط الضعف، والدولة ما زالت لم تتعلم من أخطائها، لأن سكان الأرياف وكبار السن خصوصا غير قادرين على الولوج إلى المنصات الرقمية”.
نجاة الزموري: هناك أشخاص تتوفر فيهم شروط الانتفاع ولم يتم قبولهم
وتابع المليكي “كان ينبغي أن يتم التنسيق بين الولايات (المحافظات) وفروع وزارة الشؤون الاجتماعية والمحافظين والمعتمدين الجهويين، وعلى الوزارة أن تتفادى هذه الإخلالات في أقرب وقت ممكن”.
واعتبر حقوقيون أن البادرة من منطلق مساعدة الفئات الهشة، طيبة، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المواطنين ووضعياتهم الاجتماعية ومحدودية تعاملهم مع وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.
وأفادت نجاة الزموري، عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن الحركة “بادرة طيبة ومساعدة مالية مباشرة للناس المتضررة، مهما تكن الجهة المشرفة عليها”.
وقالت في تصريح لـ”العرب”، “هناك أشخاص تتوفر فيهم الشروط ولم يتم قبولهم”، مفيدة بأنها “تلقت شكاوى من عدد من المواطنين في المسألة”.
وتابعت “تم إقصاء الفئات التي في أقصى الأرياف والأماكن الوعرة، والمدن الداخلية، وهي التي تستحق أكثر من البقية، وهي لا تمتلك الحد الأدنى من الدراية المعلوماتية”.
واقترحت الزموري أن “يتم الانتفاع بهذه المساعدة نقدا أو إدراجها ضمن الرواتب، فضلا عن تبسيط الإجراءت لتكون قد حققت أهدافها”.
وسبق أن اعتبر نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، أن نجاح تونس في تنفيذ مشروع الحماية الاجتماعية للتصدي العاجل لجائحة كورونا يشجع البنك الدولي على دعمها أكثر في المجال. وعبر بلحاج خلال لقاء بالوفد المصاحب له مع وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، عن ارتياحه للعمل الذي أنجز من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع شركائها في إطار الاستعداد لتنفيذ مشروع الحماية الاجتماعية للتصدي العاجل لجائحة كوفيد – 19، الذي ستقوم بموجبه الوزارة بصرف مساعدات ظرفية على العائلات المعوزة ومحدودة الدخل.
وأكد حرص البنك على تعزيز التعاون ودعم برامج تونس في مجال الحماية الاجتماعية ومقاومة الفقر والضمان الاجتماعي.
وتسببت الأزمة الاقتصادية في البلاد وتداعيات الأزمة الصحية وتدابير الغلق في انهيار غير مسبوق للنمو الاقتصادي، والذي بلغ نسبة انكماش فاقت ثمانية في المئة في 2020 مع خسارة الآلاف من فرص العمل في السياحة والخدمات والنقل، بجانب تضرر القطاعات غير المنظمة.
وارتفعت نسبة البطالة في تونس لتبلغ 17.8 في المئة خلال الثلاثي الأول من سنة 2021، مقابل 17.4 في المئة في الثلاثي الرابع من سنة 2020، وفق إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء.