العالم يسير نحو إنهاء سيطرة الرجال على سوق العمل

أحدث البيانات تشير إلى سيطرة الفتيات على مقاعد الدراسة في الجامعات.
الأربعاء 2021/09/22
النساء يهيمن على سوق العمل يوما تلو الآخر

واشنطن - تُحاول النساء منذ عقود تحقيق المساواة مع الرجال في مختلف مجالات الحياة ولعلّ في مقدمتها سوق العمل الذي يهيمن عليه الذكور.

ومنذ سنوات قليلة يشير المحللون والخبراء إلى قرب انقلاب موازين القوى وانتهاء عصر سيطرة الرجل على سوق العمل، مع ظهور الاقتصاد الجديد الذي لم تعد أغلب وظائفه تحتاج إلى قوة عضلات الرجل، بقدر ما تحتاج إلى مستويات أعلى من التعليم.

وفي الوقت نفسه، فإن أحدث البيانات المتاحة تشير إلى سيطرة الفتيات على مقاعد الدراسة في الجامعات. وخلال السنوات القليلة المقبلة ستكون هناك بنتان حاصلتان على درجة جامعية مقابل كل شاب يحصل على الدرجة.

وتقول أليسون شراجر الخبيرة الاقتصادية وأحد كبار زملاء معهد مانهاتن للدراسات “يمكن القول إنه أخيرا ستحصل المرأة على حقها بعد عقود من التهميش في سوق العمل والحصول على أجر أقل من الرجل”، مضيفة أنه تجب الإشارة إلى أن الرجال مازالوا يمثلون الأغلبية من المسجلين لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المدارس العليا والجامعات وهو يتيح لهم الحصول على وظائف ذات أجر أعلى.

وتوضح شراجر في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن الاقتصاد ليس معادلة صفرية، وأن تخلف جزء كبير من الرجال عن تطورات سوق العمل لن يفيد أحدا.

فالرجال ذوو الدخل المنخفض ومستوى التعليم الأقل، ليس من المحتمل بدرجة كبيرة أن يكونوا مستعدين للزواج. ولكي يصبح الأمر أسوأ، فاحتمال التحاق الأطفال الذين ينشأون في أسرة ذات عائل واحد بالجامعة يكون أقل.

لكنّ هذا التأثير لن يكون بنفس القدر بالنسبة إلى الفتيات اللائي ينشأن في أسرة من عائل واحد.

مع سيطرة النساء على مجالات العمل الأسرع نموا ينزلق الرجال غير الحاصلين على مؤهلات عليا إلى الطبقات الأدنى

وتقول شراجر إن هناك أسبابا عديدة غير وضع الأسرة تفسر عدم إقبال الأولاد على استكمال تعليمهم الجامعي. فبعض الشباب الذكور لا يرون قيمة كبيرة في اقتراض مبالغ طائلة لتمويل تعليمهم الجامعي والحصول على شهادة لا ترتبط بشكل مباشر بالوظيفة. والحقيقة أن بعض المدارس لا تضيف الكثير للطلبة بالفعل.

ويرى ديريك تومسون من معهد ذا أتلانتك الأميركي أن الأولاد أكثر عرضة للمعاناة في المدرسة، لذلك من غير المستغرب أن نجدهم لا يرغبون في قضاء عدد سنوات أكثر في الدراسة. كما يشير تومسون إلى أن البحث يقول إن الأولاد أقل قدرة على الصبر وانتظار التقدير لما يبذلونه من جهد.

وهذه مشكلة كبيرة. فالاقتصاد يتطور، والتعليم ما بعد الثانوية أصبح شرطا أساسيا لحياة مستقرة في الطبقة المتوسطة. وهناك تفاوت كبير في الدخول بين الحاصلين على شهادات جامعية وغير الحاصلين عليها.

ويمكن أن نرى تأثيرات ذلك على المدى الطويل. فالرجال الأقل تعليما لا يعملون فقط في الوظائف الأقل أجرا، وإنما قد لا يعملون على الإطلاق.

ففي عام 1992 كان حوالي 72 في المئة من الذكور الحاصلين على شهادة المدارس العليا فقط والأقل من 25 عاما يعملون. ولكن نسبة الذين كانوا يعملون من هذه الفئة قبيل تفشي جائحة فايروس كورونا المستجد في العام الماضي كانت 64 في المئة فقط. وازداد الأمر سوءا بالنسبة إلى هؤلاء خلال العام ونصف العام الأخير. فقد انخفضت نسبة من يعملون من هذه الشريحة خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 61 في المئة فقط.

وتعني التغيرات الحالية في التكنولوجيا والتجارة أن الاقتصاد يتطور بحيث يكون الجزء الأكبر من النمو في أنواع الوظائف التي تعمل فيها النساء بشكل عام، مثل الرعاية المنزلية والتعليم، والكثير من الوظائف ذات الأجر الأعلى والتي تحتاج إلى مؤهلات جامعية.

وتسيطر البنات على أغلب مقاعد الدراسة الجامعية في هذه المجالات فالبنات أكثر من الأولاد في كليات الطلب. وكذلك يزيد عدد النساء الحاصلات على درجة الدكتوراه عن الرجال.

ومع سيطرة النساء على المجالات الأسرع نموا، سيكون من المحتّم أن يواجه الرجال غير الحاصلين على مؤهلات عليا خطر الانزلاق إلى الطبقات الأدنى بصورة دائمة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها الرجال أنفسهم مضطرين للتكيف مع تغيرات الاقتصاد وسوق العمل حتى لا تسيطر عليه النساء. فبحسب جويل موكير المؤرخ الاقتصادي في جامعة نورث ويسترن الأميركية فإنه عندما قامت الثورة الصناعية، كان أصحاب المصانع يفضلون النساء والأطفال على الرجال في العمل بالمصانع لأن النساء والأطفال كانوا أكثر استعدادا لطاعة الأوامر وأكثر مناسبة لنمط الاقتصاد التصنيعي.

لكن الرجال تمكنوا من التكيف مع هذا التطور وعادوا للسيطرة على سوق العمل من جديد وهو ما استغرق نحو 100 عام منذ انطلاق الثورة الصناعية.

والآن يدور التطور الاقتصادي دورته ويظهر اقتصاد جديد يتيح للمرأة فرصا أكبر من الرجل للعمل والحصول على أجر أعلى. وسيكون على الرجال بذل الجهد وتغيير القناعات مرة أخرى حتى يلحقوا بقطار الاقتصاد الجديد.

21