الدعم الاقتصادي والأمني على رأس أجندة زيارة المشيشي لإيطاليا وفرنسا

ينتظر أن يقوم رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي بزيارتين إلى كل من إيطاليا وفرنسا منتصف هذا الشهر في أول جولة خارجية له كرئيس حكومة ستخصصان على الأرجح للبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية التي باتت تعصف باستقرار تونس في ظل تنامي الاحتجاجات الشعبية تزامنا مع أزمة سياسية حادة. كما من المرجح أن يفتح الأوروبيون مع المشيشي ملفات أمنية عديدة على غرار تعزيز جهود مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب ومصير المتطرفين التونسيين في هذين البلدين.
تونس- يستعد رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي للتوجه منتصف الشهر الحالي إلى كل من فرنسا وإيطاليا في زيارتين تتصدرهما قضايا التصدي للمهاجرين الذين ينوون العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط وكذلك سبل التعاون على المستويين الأمني في مكافحة الإرهاب وكذلك الاقتصادي.
وتأتي هاتان الزيارتان في وقت يحاول فيه المشيشي إيجاد مخرج للأزمة التي تتخبط فيها بلاده، حيث ترزح تونس تحت وطأة أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية غير مسبوقة.
وأشرف المشيشي الثلاثاء على مجلس وزاري مضيق خصّص للنظر في التعاون التونسي الفرنسي من جهة والتعاون التونسي الإيطالي من جهة أخرى.
وأبرز رئيس الحكومة أن هذا المجلس يأتي للإعداد للزيارتين المرتقبتين اللتين سيجريهما إلى كل من فرنسا وإيطاليا استجابة إلى دعوات من الوزير الأول الفرنسي ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي، مشيرا إلى عمق العلاقات الثنائية التي تجمع تونس مع كل من باريس وروما في العديد المجالات.
ولفت المشيشي إلى ضرورة العمل على إعطاء الدفع اللاّزم للمشاريع والاستثمارات الفرنسية والإيطالية الكبرى في تونس والترفيع من نسق إنجازها بالنظر إلى حجمها وأهمية دورها في الدفع بالتنمية في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تشهده تونس، مضيفا أن “بلادنا في حاجة اليوم إلى دعم ومساعدة كل أصدقائها خصوصا من شركائها التقليدين”.
ويرى مراقبون أن المشيشي سيضع في أولويات زيارتيه تعزيز التعاون مع الشركاء الأوروبيين على المستوى الاقتصادي مدفوعا بالأزمة التي تمر بها بلاده مقابل الالتزام بتنفيذ حلول ناجعة لملفي الإرهاب والهجرة غير النظامية.
وتلقى الاقتصاد التونسي ضربات موجعة سببتها الأزمة الصحية الأمر الذي جعل تونس تتوقع أن يصل عجز موازنتها إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري، في حين تسعى لخفضه إلى 7.3 في المئة في 2021.
ويثير تدهور الوضع الاقتصادي مخاوف من تفجّر الوضع الاجتماعي في ظل حالة الاحتقان الشعبي التي تدفع بالتونسيين في قطاعات مختلفة إلى الاحتجاج.
لكنّ متابعين يستبعدون أن يحظى الجانب الاقتصادي باهتمام كبير في هاتين الزيارتين خاصة في ظل ما تعانيه فرنسا وإيطاليا من تداعيات فايروس كورونا المستجد.
وأفاد النائب في البرلمان حاتم المليكي بأن “الزيارات غالبا ما تكون موجهة خصوصا مع الشركاء التقليديين (فرنسا وإيطاليا).. من الواضح أن زيارتي المشيشي لن تكونا بخصوص ملفات الاستثمار باعتبار أن أغلب دول العالم تشهد أزمات اقتصادية تبعا لتداعيات وباء كورونا العالمي”.
وقال المليكي في تصريح لـ”العرب” “في تقديري سيغلب على الزيارتين الجانب الإقليمي في علاقة بالصراع على منطقة شرق المتوسط وتونس مطالبة بتوضيح موقفها”.
وأشار إلى “طرح ملف الهجرة غير الشرعية التي سيقع النقاش فيه ومراقبة المجال البحري وقوارب المهاجرين، فضلا عن التصدي لظاهرة الإرهاب التي تهدد الاستقرار في مختلف الدول الأوروبية”. واستدرك المليكي قائلا “لكن المؤسف أن السلطات التونسية الآن لا تملك الإمكانيات لتكون حارسا للحدود وتمر بأضعف حالاتها وهي فترة صراعات وأزمات”.
ويرى مراقبون أن يهتم الثلاثي التونسي والفرنسي والإيطالي خلال زيارتي المشيشي بقضايا الهجرة غير النظامية وتكثيف جهود محاربة الإرهاب.
ويرى مصطفى عبدالكبير، رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان في تصريح لـ”العرب”، أن “الزيارتين ستشملان أساسا الحديث عن اتفاقيات تونسية فرنسية وإيطالية في ما يتعلق بهجرة الشباب التونسي إلى أوروبا مثل الاتفاقية التي أبرمها الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي مع إيطاليا سنة 2017”.
وأضاف “ستكون فرصة للبحث عن أرضية مشتركة للحد من الهجرة، وتقريبا أكبر عدد من المهاجرين التونسيين إلى أوروبا تم تسجيله في العشرية الأخيرة”.
وتثير مسألة ترحيل التونسيين المتطرفين من فرنسا مخاوف في تونس بشأن استعداد البلاد لاستقبال هؤلاء والإجراءات التي ستتخذها في سبيل مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.
وقال عبدالكبير “هناك أيضا التنسيق الأمني لتبادل المعلومات خاصة في علاقة بالإرهاب وبما يقع في ليبيا التي أصبحت فيها كل السيناريوهات واردة (..) لذلك قد تركز المباحثات مع الجانب الفرنسي أيضا على العناصر الإرهابية في ليبيا والمتطرفين التونسيين في أوروبا على غرار منفذ عملية نيس الإرهابية الأخيرة”.
وأشار إلى أن “الزيارتين ستشملان أيضا دراسة الجهود الأمنية بخصوص ما تقوم به تركيا في الأراضي الليبية وتباحث سيناريو الوضع القادم في ليبيا وتفعيل الاتفاقيات”.
ومثل ملف الهجرة غير النظامية بين الحدود البحرية التونسية والإيطالية معضلة مشتركة بين البلدين في الفترة الأخيرة، وتصدّر الملف اهتمام الاتحاد الأوروبي وسط دعوات إلى ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وتوافقية لاحتواء الأزمة التي رمت بظلالها على الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي.
وسبق أن خصصت السلطات الإيطالية سفنا وطائرات بالاتفاق مع تونس لرصد قوارب المهاجرين وإيقاف محاولات الهجرة المنطلقة من السواحل التونسية.
تلقى الاقتصاد التونسي ضربات موجعة سببتها الأزمة الصحية الأمر الذي جعل تونس تتوقع أن يصل عجز موازنتها إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري
وقالت وزيرة الداخلية الإيطالية لوتشانا لامورغيزي إنّ “سلطات بلادها قامت بالاتفاق مع تونس بتخصيص طائرات وسفن خارج مجاليها البري والبحري لرصد قوارب المهاجرين غير النظاميين لإنذار السلطات هناك وإيقاف محاولات الهجرة المنطلقة من السواحل التونسية”.
وبالنسبة إلى العمليات الإرهابية تحاول فرنسا قيادة حملة واسعة ضد المتطرفين وترحيل بعضهم خاصة بعد عملية نيس.
وشهدت فرنسا مؤخرا سلسلة اعتداءات وذلك بعد سجالات بينها وبين تركيا من جهة، وبينها وبين بلدان عربية من جهة ثانية على خلفية الرسوم الكاريكاتورية التي رأت فيها هذه الدول إساءة للنبي محمد.