الحيتان أسطورة وواقعا في معرض تونسي

بداية من 15 ديسمبر الجاري وإلى غاية 8 مايو 2016، تمنح مدينة العلوم بتونس العاصمة زوارها فرصة اكتشاف عالم الحيتان، هذه الثديات البحرية المهددة بالانقراض.
يقدم المعرض عالم الحيتان التي تعيش في البحار والمحيطات (الحوت، الدلفين، خنزير البحر، حوت العنبر..) والتي تتوزع تقريبا على 80 نوعا، رحلة ممتعة من خلال منحوتات للعديد من الحيتان البحرية في حجمها الحقيقي، وأخرى أحفورية وقطع من مجموعات وقع تركيبها، كما يحتوي المعرض على عروض لأفلام سمعية بصرية.
يقول المشرفون على المعرض إنه يمكن للزائر من خلال تجوله في المعرض أن يتابع التطور المثير لهذه الكائنات عبر الأزمنة، كما يتيح المعرض الفرصة إلى رواد مدينة العلوم للاستمتاع بمشاهدة أحفوريات حقيقية تعود إلى أسلاف الحيتان التي انقرضت.
واستوجبت عودة هذه الكائنات إلى الحياة البحرية قدرة كبيرة على التأقلم مما ساعدها على مضاعفة توغلاتها وتوسعها في الأعماق قبل أن تتمكن من التحول إلى كائنات برمائية، ثم بحرية بشكل نهائي.
كشفت الدراسات التي تناولت هذه الأنواع من الحيتان في كل أنحاء العالم أن سلوكياتها تشبه تماما الثدييات على اليابسة، حيث تتميز بدماء حارة وهي تتنفس الهواء كذلك بواسطة رئتيها وترضع أولادها بعد الولادة.
ولحصول هذه الكائنات على حاجياتها الحيوية، فإنها تعتمد بشكل كبير وغريزي على البيئة البحرية التي تعيش فيها، لذلك أحسنت التأقلم معها.
منذ الملايين من السنين كانت أسلاف الحيتان العملاقة برية، وقد استوجبت عودتها إلى الحياة البحرية قدرة كبيرة على التكيّف، حيث ضاعفت من توغلاتها في الأعماق قبل أن تتمكن من التحول إلى كائنات برمائية ثم بحرية بشكل نهائي. ولقد أثارت هذه الكائنات العظيمة التي تسود البحار، فضول الإنسان، بما تتمتع به من مميزات.
لقد ورد في رواية “موبي ديك” من تأليف الروائي الأميركي هيرمان ملفيل والتي صدرت في 18 أكتوبر 1851، حكاية صراع تراجيدي بين حوت العنبر وإنسان، فكانت رواية ملفيل بمثابة نبوءة لما ستصير إليه هذه القوة الكامنة.
الحيتان كانت دائما هدفا للإنسان، حتى أساء إليها بالاستغلال المفرط والصيد الجائر من أجل لحومها والزيوت التي تستخرج من شحومها، مما جعل بعض الأنواع مهددة بالانقراض والبعض الآخر تراجعت أعداده بشكل مفزع، رغم المرسوم الصادر عن المحكمة الدولية بلاهاي سنة 1986، والذي يمنع صيد بعض الأنواع وخاصة الحيتان.
ويطرح المعرض كيفية تأقلم هذه الثدييات بشكل كلي مع الحياة البحرية، كما يجيب على الكثير من الأسئلة حول طبيعتها الفيزيولوجية والبيولوجية وسلوكياتها؛ كيف تتغذى؟ وكيف تتنفس؟ وكيف تتكاثر؟ وهل تتواصل في ما بينها؟
كما يتناول المعرض أيضا العلاقات بين الإنسان والحيتان من حيث ما أحاط بها من خرافات وأساطير، والمراوحة بين الإعجاب والغموض. ويبرز مختلف التهديدات التي تتعرض لها هذه الكائنات اليوم بسبب الاستغلال المفرط للمحيطات وارتفاع نسب التلوث فيها وكثرة الضجيج والاحتباس الحراري.