الاحتجاجات المطالبة برحيل الطبقة السياسية الحاكمة تتصاعد في تونس

صدامات بين المحتجين وقوات الأمن إثر وفاة محتج في ولاية القصرين.
الأربعاء 2021/01/27
الحل الأمني أداة الحكومة لتطويق الاحتجاجات

استأنف العشرات من التونسيين احتجاجاتهم الشعبية التي لم تخل من شعارات سياسية مناوئة للطبقة السياسية الحاكمة. وشهدت تونس الثلاثاء مسيرة حاشدة أمام البرلمان، فيما عرفت ولاية القصرين (وسط غرب) صدامات بين عناصر الأمن ومحتجين خرجوا إثر وفاة أحد المحتجين أصيب خلال مظاهرات اندلعت مؤخرا.

تونس - اندلعت احتجاجات جديدة في تونس بالتزامن مع وفاة أحد المحتجين في ولاية (محافظة) القصرين أصيب خلال المظاهرات الأخيرة وسط أزمة سياسية حادة دفعت إليها مناورات حركة النهضة الإسلامية وحلفائها في البرلمان.

وخرج الثلاثاء العشرات من المحتجين من مناطق في العاصمة نحو قصر باردو (مقر البرلمان)، حيث رفعوا شعارات مناوئة للطبقة السياسية الحاكمة ورئيس الحكومة هشام المشيشي وحركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا البرلمان.

وردّد المتظاهرون خلال المسيرة، التي خرجت من حي التضامن بالعاصمة ووصلت إلى مقر البرلمان، أين اشتبك المحتجون مع قوات الأمن الذين طوقوا البرلمان بإجراءات أمنية غير مسبوقة، العديد من الشعارات بينها “التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق” و”الغنوشي ارحل” و”لا خوف لا رعب.. الشارع ملك الشعب” وغيرها من الشعارات التي تكشف عن تعمق أزمة الثقة بين الطبقة السياسية الحاكمة والشارع التونسي.

وجاءت هذه المظاهرات في أعقاب اندلاع صدامات عنيفة ليلة الاثنين – الثلاثاء بين محتجين وقوات الأمن في مدينة القصرين (وسط غرب) على خلفية وفاة أحد المحتجين الذي شارك في الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها البلاد مؤخرا.

وانتشرت وحدات من الجيش أمام المؤسسات الحكومية في سبيطلة، المدينة الواقعة في ولاية القصرين، منعا لأي محاولة لاقتحامها.

باسل الترجمان: الاحتجاجات تتصاعد لأن هدفها إسقاط الحزام الفاسد للمشيشي
باسل الترجمان: الاحتجاجات تتصاعد لأن هدفها إسقاط الحزام الفاسد للمشيشي

وأفاد شهود عيان بأنّ الاشتباكات اندلعت في الحيّ الذي كان القتيل يقيم فيه وأنّ الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

وقال شوقي بن حمودة، مدير المستشفى الجهوي بولاية سوسة (شرق)، إنّ الشاب هيكل الراشدي فارق الحياة في المستشفى عصر الاثنين، من دون أن يحدّد سبب وفاته.

وكانت اشتباكات اندلعت في سبيطلة الأسبوع الماضي إثر ورود شائعات عن وفاة هذا الشاب الذي أكّدت وسائل إعلام محلية وأقارب له أنّه أصيب في 19 يناير الجاري بقنبلة مسيلة للدموع.

ويومها نفت وزارة الداخلية وفاة الشاب، مشيرة إلى أنّها فتحت تحقيقا للكشف عن ملابسات إصابته.

وتعرف تونس احتجاجات متصاعدة منذ منتصف يناير الجاري، حيث خرجت العديد من المظاهرات في مدن تونسية عدة للمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلا وبإطلاق سراح المئات من المحتجين الذين اعتقلتهم قوات الأمن بعد الاشتباكات.

وفيما اكتفى المشيشي وحزامه البرلماني والسياسي باتهام المحتجين بالتخريب والسرقة وتعبئة المزيد من القوات الأمنية لمواجهة الاحتجاجات، تحاول أطراف معارضة حشد الشارع للإطاحة بـ”المنظومة السياسية الفاشلة”.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “الاحتجاجات ستتصاعد لأن هدفها إسقاط الحزام الفاسد الذي يسيطر على حكومة المشيشي (..) المشكلة لم تعد بين الأحزاب وأطراف سياسية أخرى لكن بين الشعب التونسي وقوى تحتضن الفساد وتريد شرعنته والمزيد من تمكينه للهيمنة على مقدرات الدولة”.

وأضاف الترجمان في تصريح لـ”العرب”، أن “الشارع التونسي اليوم عبّر عن مطالبَ واضحة رافضة للفساد لأن لدينا حكومة في تونس تضم أربعة وزراء على الأقل تحوم حولهم شبهات فساد (..) ليس من المعقول بعد عشرة أشهر من مواجهة جائحة كورونا وأزمة اقتصادية نجد أن هناك من يريد تعديل الحكومة لكي تكون حكومة محاصصة حزبية لخدمة الفساد”.

ومع احتدام الأزمة السياسية بين الرئاسات الثلاث تنتقد أطراف سياسية استمرار الاحتجاجات الشعبية دون أي شعارات أو مطالب واضحة، ما قد يُفضي إلى الفوضى لاسيما بوجود مؤسسات منتخبة على غرار البرلمان ورئيس الجمهورية.

Thumbnail

والاثنين شهد اجتماع مجلس الأمن القومي خلافات حادة بين الرئيس قيس سعيد من جهة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان من جهة أخرى بسبب التعديل الوزاري المثير للجدل قبل أن يرفع الرئيس سعيد الاجتماع ملقيا كلمة بدت وكأنها إعلان للقطيعة بينه وبين المشيشي والغنوشي.

وقال البرلماني السابق والناشط السياسي الصحبي بن فرج، إن “الأخطر من الوضع الراهن أنه لا يوجد أفق سياسي واضح للتحركات الاحتجاجية السابقة والحالية واللاحقة باستثناء المراهنة على ما قد تنتجه من فوضى”.

وأضاف بن فرج في تدوينة له بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “هذا طبيعي بما أن الذين يمسكون اليوم بتلابيب الدستور ويتجاذبونه بينهم لا يريدون أن يقتنعوا أنه دستور متخلف وضع على مقاس أحزاب متخلفة تدير نظاما سياسيا فاسدا يحفظ مصالحها ويصنع الأزمات ولا يحلها وينتج الفشل ولا يضع له مخرجا”.

وفي مواجهة هذه الأزمة السياسية والاجتماعية الخانقة التي باتت تُنذر بتطورات قادمة قد تأخذ منحى خطيرا، تتزايد التساؤلات حول مآلات مبادرة الحوار الوطني التي دفع بها الاتحاد العام التونسي للشغل، أعرق المنظمات النقابية في البلاد.

ويبدو أن هذه المبادرة قد دخلت طي النسيان لاسيما في خضم تصاعد التجاذبات السياسية التي باتت تعصف بأي إمكانية لجلوس الأطراف السياسية الموجودة على الساحة السياسية حاليا للتوافق حول خارطة طريق تُنهي الأزمة التي تئن تحت وطأتها البلاد.

واستنتج الترجمان أن “الحوار الوطني انتهى وطُويت صفحته نهائيا (..) لا مجال لأن يعود الحديث عن هذا الحوار لأن الحكومة فاشلة وحزامها أيضا (..) هناك محاولة لتحميل الأمن مسؤولية الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية وهذه جريمة لأن من يريد حلحلة الوضع عليه أن يتحاور مع الشعب وليس الدفع بالأمنيين إلى الواجهة”.

4