الإصلاحات الاقتصادية تُدخل الحكومة التونسية في صراع مع اتحاد الشغل

المنظمة النقابية تدرس خياراتها في مواجهة الزيادات في الأسعار.
الاثنين 2021/06/07
الاتحاد ينضاف إلى قائمة المناوئين للمشيشي

تونس - سرعت الزيادات الأخيرة التي أقرتها الحكومة التونسية في بعض المواد الأساسية في دخولها في صراع ليس مع الشارع الذي يقف على صفيح ساخن فحسب بل مع المنظمات الوطنية حيث لوح الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية في البلاد، باتخاذ موقف جديد من الحكومة برئاسة هشام المشيشي.

ويعقد الاتحاد الاثنين اجتماعا في أحد نزل العاصمة ستكون الزيادات الأخيرة في الأسعار التي جاءت في سياق محاولة حكومة المشيشي ضبط التوازنات المالية أحد أبرز نقاطه كما قال الاتحاد في بيان له.

وبعد أن أصدر بيانا استنكر فيه الزيادات الأخيرة من المتوقع أن يدرس الاتحاد تلك الزيادات وخطوات الحكومة المقبلة تمهيدا لتبني موقف جديد منها وهو موقف قد يعمق أزمة الحكومة التي بدا وكأن الجميع يتنصل منها بما في ذلك حزامها السياسي الداعم لها الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية.

ولا يستبعد مراقبون سياسيون أن يصل الأمر في العلاقة بين الاتحاد والحكومة إلى القطيعة رغم أن قنوات الحوار بين الطرفين ظلت مفتوحة طيلة الفترة الماضية وأفضت لتفاهمات في أكثر من ملف على غرار إصلاح المؤسسات العمومية وهو ما أعطى انطباعا على تحالف بين المشيشي والاتحاد رغم بعض الانتقادات التي ما انفك الاتحاد وقياداته يوجهونها لحزام المشيشي.

خليفة بن سالم: الاتحاد قد يصدر موقفا يعتبر فيه أن الحكومة في عداد المنتهية
خليفة بن سالم: الاتحاد قد يصدر موقفا يعتبر فيه أن الحكومة في عداد المنتهية

وقال المحلل السياسي خليفة بن سالم إن “اجتماع الاتحاد يأتي في محاولة لردة فعل إزاء الزيادات الأخيرة خاصة وأنّ هناك حديثا عن زيادات أخرى، فالاتحاد استشعر غضب قواعده لذلك سيسعى إلى ردة فعل قد تكون في التفاوض مع حكومة المشيشي حول الملفات الكبرى المتعلقة بالمفاوضات مع المانحين وخاصة صندوق النقد الدولي مثل منظومة الدعم والمؤسسات العمومية وكتلة الأجور وغيرهم”.

واستدرك بن سالم في تصريح لـ”العرب”، أن “الاتحاد سيرفض المساس بالمقدرة الشرائية للتونسيين وقد يصدر موقفا سياسيا يعتبر فيه أن الحكومة في عداد المنتهية، وهذا ليس مستبعدا”.

 ويأتي اجتماع الاثنين في وقت كان فيه الاتحاد قد ندد بالزيادات الاخيرة متهما في بيان نشره الخميس الماضي الحكومة باستهداف الشعب وفق تعبيره وهو بيان وصفه مراقبون بأنه لا يستجيب للموقف الذي وجد فيه التونسيون أنفسهم في ظل ما تعرفه البلاد من أوضاع صعبة.

وهو ما جعل هؤلاء المراقبين يرجحون أن تشهد العلاقة بين الطرفين شدا وجذبا في الفترة المقبلة خاصة أن الحكومة التي لا يزال رئيسها هشام المشيشي في قطيعة مع الرئيس قيس سعيد تواجه انتقادات من كل صوب وحدب حتى أن حزامها السياسي تنصل مؤخرا من الإصلاحات التي تعتزم تنفيذها.

لكنّ العديد من الجهات السياسية تستبعد أن يكون موقف الاتحاد حاسما في تحديد مصير حكومة المشيشي التي تخضع في النهاية لتوازنات سياسية في البرلمان حيث تقود حركة النهضة الإسلامية الغالبية.

حاتم المليكي: الاتحاد ربما يذهب في مواجهة مباشرة مع الحكومة والداعمين لها
حاتم المليكي: الاتحاد ربما يذهب في مواجهة مباشرة مع الحكومة والداعمين لها

وقال النائب البرلماني حاتم المليكي إن “مصير حكومة المشيشي تحدده التوازنات داخل البرلمان وليس الاتحاد أو المنظمات الأخرى، لن يكون موقف الاتحاد حاسما، من سيحدد مصير الحكومة هي الحسابات التي تحكم الغالبية المكونة من حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس، مستقبل الحكومة رهين ملف بقاء راشد الغنوشي (رئيس النهضة) في رئاسة البرلمان”.

وتابع المليكي في تصريح لـ”العرب” أن “هناك فرضية تبقى قائمة وهي أن يذهب الاتحاد في مواجهة مع الحكومة وبالتالي مباشرة سيكون في مواجهة مع الذين يحمون المشيشي وهي الغالبية البرلمانية، لكن شبح الانفجار الاجتماعي هو الذي يبقى مدعاة للمخاوف، لأن كل مقومات الانفجار موجودة اليوم بسبب انهيار المقدرة الشرائية للمواطن، الانقسام السياسي يتعمق وغيره، البلاد مهددة بالانهيار أكثر من أي وقت مضى”.

وكانت الحكومة التونسية التي تُجري مفاوضات مع المانحين الدوليين قد أقرت مؤخرا زيادات في سياق رفعها التدريجي للدعم شملت العديد من المواد وهو ما أثار حفيظة أحزاب ومنظمات وطنية.

وفي مواجهة الضغوط الداخلية المتصاعدة عليه وعلى فريقه الحكومي حاول المشيشي البعث برسائل طمأنة للتونسيين حيث أكد مستشاره الاقتصادي عبدالسلام العباسي أنه لن يتم رفع الدعم بل سيتم تعديله عبر توجيهه لمستحقيه فقط.

وفي وقت سابق تنصل الحزام السياسي الداعم للمشيشي عبر تصريحات متفرقة من الإجراءات التي أقرها الرجل حيث أكد رئيس كتلة حركة النهضة البرلمانية والناطق السابق باسم الحزب عماد الخميري أن المشيشي لم يستشرهم في الزيادات الأخيرة.

وبدوره، أعرب رئيس كتلة حزب قلب تونس أسامة الخليفي عن رفض حزبه للزيادات التي أقرتها الحكومة مؤخرا.

وفي تعليقه على مواقف الحزام السياسي لحكومة المشيشي قال خليفة بن سالم إنها “مواقف لا تعني التخلي عن المشيشي بقدر ما تستهدف كسب ود المواطن في ظل حالة الاحتقان الشعبي”.

4