الإخوان في ليبيا يستبدلون شرط الاستفتاء بالمشاركة في صياغة قانون انتخاب الرئيس

عرفت مواقف الإسلاميين من المستجدات السياسية في ليبيا تغييرات جديدة، حيث استبدل الإخوان في ليبيا موقفهم من شرط الاستفتاء على الدستور بالمشاركة في كتابة قانون انتخاب الرئيس، فضلا عن إعلان مجلس الدولة حرصه على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
طرابلس - غيّر الإخوان في ليبيا من حساباتهم السياسية، عبر استبدال شرط الاستفتاء على الدستور بالمشاركة في صياغة قانون انتخاب الرئيس الجديد، في خطوة لتفخيخ الانتخابات ما يشكل عائقا جديدا أمام إجرائها، رغم التصريحات الدبلوماسية لرئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.
وأعلن المجلس الأعلى للدولة الليبي الأحد حرصه على إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها، وعلى التوافق مع مجلس النواب حول اعتماد قوانين الانتخابات.
وجاء ذلك على لسان رئيس المجلس خالد المشري خلال لقائه في طرابلس مع السفير الإيطالي جوزيبي بوتشينو، ومبعوث وزير الخارجية الإيطالي نيكولا أورلاندو، وفق بيان المكتب الإعلامي للمجلس.
ومن المقرر أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية ونيابية، في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، وفق اتفاق ملتقى الحوار السياسي الذي عقد بتونس في الخامس عشر من نوفمبر الماضي.
وقال المشري، إن “المجلس الأعلى استكمل إعداد مسودة للقاعدة الدستورية والقوانين المقترحة للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وذلك لغرض التشاور فيها مع مجلس النواب كما ينص عليه الاتفاق السياسي”.
وأفاد بـ”حرص المجلس على إجراء الانتخابات في موعدها، وضرورة التوافق مع مجلس النواب على اعتماد قوانين هذه الانتخابات بشكل قانوني وغير مخالف للإعلان الدستوري ونصوص الاتفاق السياسي”.
وأردف “وأيضا عدم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب تُسهم في عرقلة العملية السياسية”.
وذكر البيان، أن اللقاء بحث “العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها ولاسيما في الجانب الاقتصادي منها، وذلك بما يخدم صالح الشعبين الليبي والإيطالي”.
ويرى متابعون للشأن الليبي، أن الإخوان يواجهون دعوات خارجية قوية تدفع نحو إجراء الانتخابات في موعدها، لذلك يقفزون اليوم لفرض أجنداتهم في صياغة القانون حتى لا تفرز صناديق الاقتراع رئيسا جديدا معاديا لهم.
وأفاد رافع الطبيب المحلل السياسي التونسي والمتخصص في الشؤون الليبية، بأن “موقف القوى الإقليمية في ليبيا اليوم أنه لا مجال لتأجيل الانتخابات، وهو ما جعل الإخوان في ليبيا يأخذونه بعين الاعتبار”، قائلا “الدول الغربية ودول الجوار على غرار تونس والجزائر ومصر دفعت الأطراف الليبية إلى الذهاب إلى الانتخابات في موعدها”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “بالنسبة للشأن الداخلي في ليبيا، الإخوان يسيطرون على المجلس الأعلى للدولة، وفشلوا في صياغة تصور للدولة، واليوم يريدون استهداف القانون الانتخابي، بعدما طالبوا سابقا بالاستفتاء على الدستور، وكانوا يدركون جيدا أنه سيتم إسقاطه وسيتم تأجيل الانتخابات لسنة أو سنتين إضافيتين، وسيكون الانتخاب انتقائيا ضدهم”.
وتابع رافع الطبيب “هم يخشون أن تفرز الانتخابات رئيسا معاديا لهم، لأنهم لا يقدرون على ترشيح شخصية تمثلهم، وبالتالي يريدون جعل مسألة انتخاب الرئيس بشكل مباشر ويصبح صوريا وليست لديه صلاحيات”.
وأردف “سيحاولون وضع بنود لا تسمح أن يكون الرئيس المنتخب معاديا لهم، وسيمنعون ترشّح العسكريين مثل المشير العام للجيش الليبي خليفة حفتر، وممثلي النظام السابق على غرار نجل القذافي”.
واستطرد “سيسعون إلى تفخيخ هذا القانون الانتخابي، ولا يريدون الذهاب إلى انتخابات وهي محسومة النتائج”.
ويحاول الإخوان في ليبيا تغيير التكتيك السياسي بالمشاركة في صياغة قانون انتخاب الرئيس، بعد أن كانوا يطالبون بالاستفتاء على الدستور.
وسبق أن أكد المجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه أعضاء من تنظيم الإخوان، تمسكه بإجراء الاستفتاء على الدستور، ما يعني تعطل إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد نهاية العام الحالي وتعثّر العملية السياسية في ليبيا.
وأكد المشري في مؤتمر صحافي “حق الشعب الليبي في الاستفتاء على مشروع الدستور قبل الانتخابات”، زاعما قدرة المفوضية على إجرائه قبل موعد الانتخابات المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر من العام الجاري.
وقال “إن قانون الاستفتاء على مشروع الدستور تم تجهيزه وتسليمه إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات منذ فبراير 2019"، متهما المفوضية بـ”التلكؤ” في إجراء الاستفتاء، موضحا أنه في حال رفض المشروع فيمكن الذهاب مباشرة إلى القاعدة الدستورية للانتخابات.
ودعا المجلس إلى اعتماد مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة التأسيسية كدستور مؤقت، لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة، للخروج من الأزمة الراهنة في البلاد وذلك في وقت تستمر فيه النقاشات داخل اللجنة القانونية التابعة لملتقى الحوار من أجل التوافق حول القاعدة الدستورية غير أن الإخوان لديهم رأي آخر.
لكن رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح الذي يواجه حملة من تنظيم الإخوان لإزاحته من منصبه، أكد في أكثر من مرة، استحالة إجراء هذا الاستفتاء خلال المدة المتبقية على الاستحقاق الانتخابي.
ووجه انتقادات إلى المجلس الأعلى للدولة بسبب تغير موقفه من الاستفتاء على الدستور، وقال خلال حوار تلفزيوني إن “مجلس الدولة وجه رسالة للمفوضية يطالب فيها بوقف فوري للاستفتاء على الدستور، واليوم تفاجأ بنفس المجلس يطالب بضرورة الاستفتاء على الدستور بنفس القانون الذي سبق أن اعترضوا عليه سابقا”.
وفي الخامس عشر من نوفمبر الماضي، اختُتمت أعمال الملتقى السياسي، الذي انعقد في تونس برعاية أممية، وتم خلاله تحديد الرابع والعشرين من ديسمبر موعدا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
ولا يزال الإخوان في ليبيا والمقربون منهم يحاولون عرقلة العملية الانتخابية من خلال التشبث بإجراء استفتاء على الدستور.
والسبت أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، تسجيل عشرة آلاف و729 مقيما بالخارج للتصويت في الانتخابات.
وأضافت المفوضية في بيان لها، أن إجمالي المسجلين بمنظومة الناخبين بلغ بالداخل والخارج مليونين و856 ألفا و624 ناخبا وناخبة.
وفي السادس عشر من مارس الماضي تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات، بعد معاناة ليبية لسنوات من الصراع المسلح حول الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.