أكبر شركة أدوية صينية تخطط لإنشاء مصانع في تونس

تونس - تلقت جهود تونس لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية دعما كبيرا مع إعلان أكبر شركة صينية لصناعة الأدوية عن خطط لاتخاذ تونس قاعدة للوصول إلى أسواق قارة أفريقيا. ومن المرجح أن يساهم ذلك في توسيع أبواب استقطاب المزيد من رؤوس الأموال مع ظهور علامات تعافي مناخ الأعمال.
كشفت أكبر شركة صينية لصناعة الأدوية أنها تتفاوض مع شركات تونسية لخوض مغامرة الاستثمار في هذا القطاع في بلد يعد واحدا من أبرز الأسواق الواعدة في منطقة المتوسط وقارة أفريقيا.
وتعكف شركة “ييتشانغ” في الوقت الراهن على استكشاف كافة الفرص الاستثمارية لا سيما وأن تونس بإمكانها أن تكون قاعدة إقليمية للإنتاج والتوسع بالنسبة للشركات الصينية التي تنوي النشاط مستقبلا.
ونسبت وكالة الأنباء التونسية الرسمية لنائب رئيس قسم العلاقات الاقتصادية الخارجية في الشركة شانغ جيانغ قوله إن “شركة ييتشانغ مهتمة بالسوق التونسية وأنها تتفاوض مع عدد من الشركات التونسية الناشطة في هذا المجال”.
وأوضح خلال لقاء مع مجموعة من الصحافيين من 28 دولة أفريقية في زيارة لمدينة هوباي الصينية مؤخرا، أن الشركة أبدت اهتماما منذ فترة طويلة بالسوق التونسية، التي تضم عددا كبيرا من الشركات ومراكز للأبحاث في مجال صناعة الأدوية.
وتبحث الشركة، التي تتخذ من مدينة يوهان مقرا لها وهي واحدة من بين 2400 شركة كبيرة تعمل في الصين حاليا، عن شركاء جدد في أفريقيا على غرار الجزائر وكينيا، سواء لتصدير أدويتها، التي بلغ عددها 224 نوعا، أو للاستثمار فيها.
ولدى الشركة استثمارات في دول أفريقية مثل شركة تصنيع الأدوية التي أسستها في إثيوبيا العام الماضي، بقيمة نحو 100 مليون دولار، توفر ألف فرصة عمل، إلى جانب أول مصنع لها في مالي، والذي أسسته في 2014.
وفي خضم هذا كله، تحاول تونس اقتناص الفرص الاستثمارية المتاحة القادمة من الصين مع تسارع وتيرة الإصلاحات لإعادة الروح في اقتصادها، الذي بدأ يأخذ طريقه نحو التعافي، حيث نما في الربع الأول من هذا العام للمرة الأولى منذ 2015.
ويعكس اهتمام ييتشانغ بالسوق التونسية مدى ثقة المستثمرين الأجانب والصينيين على وجه التحديد في مناخ الأعمال التونسي، كما يأتي ضمن استراتيجية بكين المتعلقة بمشروع طريق الحرير.
وأكد سام وانغ وينبينغ، السفير الصيني لدى تونس في افتتاح ندوة مجلس الأعمال التونسي الصيني المنعقدة الأسبوع الماضي في العاصمة، أن تونس تعد من بين الوجهات التي تشجع بكين على الانفتاح عليها.
وقال إن “اهتمامنا بتونس يأتي بالنظر إلى مميزاتها المتنوعة، وفي مقدمتها موقعها الجغرافي الذي يجعلها منصة مثالية بين أوروبا وبقية الدول الأفريقية”.
وكانت وزيرة الصحة السابقة سميرة مرعي قد دعت شركات صناعة الأدوية الصينية خلال زيارتها إلى بكين في نوفمبر 2016، إلى “ضخ استثماراتها نحو تونس التي يمكن أن تكون قاعدة إقليمية للإنتاج والتوسع بالنسبة لتلك الشركات”.
وتسعى ييتشانغ في الوقت الراهن للتعاون مع نظيراتها التونسية في مجال تسويق الأدوية، إلى جانب الدخول في صناعة بعض المستحضرات الصيدلانية والمواد الأولية.
وتعتبر هذه الشركة، الأكبر في الصين في مجال صناعة مسكنات الآلام وتقدر حصتها بنحو 60 بالمئة من السوق المحلية، وهي تحقق نمو سنوي بنحو 21 بالمئة وتصدر أدويتها لأكثر من 25 دولة، بينها 5 دول أفريقية.
وتمكنت الشركة، التي توفر حوالي 4600 فرصة عمل، من تحقيق عائدات العام الماضي، قيمتها تجاوزت نحو 414 مليون دولار، وهي تتعامل مع أكثر من 20 مركزا للأبحاث في الصين وخارجها.
كما أن لديها مركزين لتطوير البحوث حول مسكنات الآلام أحدهما في الولايات المتحدة، فضلا عن مركز للتسويق في أوروبا مقره في سويسرا.
وتسارعت وتيرة خطوات تونس باتجاه انتزاع حصة من الاستثمارات التي رصدتها الصين في العشرات من البلدان ضمن استراتيجيتها المتعلقة بطريق الحرير الجديد، في تحول يقول خبراء إنه سيحرك كافة القطاعات الاقتصادية بالبلاد.
وكشف مسؤولون الشهر الماضي عن خطط تونسية لبلورة استراتيجية واضحة المعالم لربط علاقات شراكة جديدة مع بكين في الأشهر القليلة المقبلة لتتمكن من جذب استثمارات إضافية لتحقق الانتعاش الاقتصادي للبلاد.
ويقول مصطفى كمال النابلي رئيس مكتب الدراسات الاقتصادية في شمال أفريقيا إن الصين ستكون في حاجة خلال السنوات القادمة إلى إطلاق مشاريع شراكة لاكتساح دول جديدة على غرار أفريقيا وستكون تونس بمثابة الحليف الأمثل لها.
وتوقع المحافظ الأسبق للبنك المركزي التونسي أن تستفيد بلاده من موقعه ا والعمالة الماهرة وتجربتها الناجحة في مجال التعاون مع دول جنوب الصحراء، حتى تكون قاعدة خدمات في مجال الشراكة مع بكين.
وتلقت تحركات تونس لإصلاح اقتصادها المنهك زخما إضافيا في يوليو الماضي، مع انطلاق رحلة الشراكة مع الصين بتوقيع اتفاقيات استثمارية بنحو نصف مليار دولار.
وتتعلق الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين بالقطاعين المالي والتكنولوجيا، فضلا عن بناء مول تجاري ضخم في مرفأ تونس المالي، الذي تم تدشينه في الضاحية الشمالية للعاصمة قبل يومين فقط من مؤتمر تونس الدولي للاستثمار المنعقد في أواخر نوفمبر 2016.
وكانت مجموعة كاكتو غروب التونسية قد وقعت في يوليو الماضي، شراكة مع مجموعة تشاينا تريونف إنترناشيونال أنجنيريغ، أكبر شركة صينية مختصة في الصناعة لإنشاء مصنعين، أحدهما لصناعة زجاج السيارات والثاني للمحركات، بمدينة الصخيرة التابعة لولاية صفاقس.