أطفال تونس يلوّنون شعر محمود درويش بالحياة

تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للطفل وذكرى وفاة الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، نظم الفضاء الثقافي مانديلا بالرقاب (محافظة سيدي بوزيد/ وسط تونس)، أول معرض رسم للأطفال بالجهة تحت عنوان “ألوّن شعرا لدرويش”، الذي افتتح في السادس من ديسمبر الجاري ليتواصل إلى غاية الـ16 منه، ويضم المعرض لوحات مختلفة تعكس خيال أطفال ورشة الرسم للأطفال “طلة فن”، وذلك في الفضاء الثقافي مانديلا بالرقاب.
الطفلة إسلام عيوني من بين الأطفال المشاركين في المعرض، قالت: أنا من مدينة الرقاب، أبلغ من العمر 12 عاما، أدرس بالمعهد الثانوي ابن أبي الضياف، الهدف من مشاركتي في ورشة “طلة فن” كانت اكتشاف عالم الألوان، ولكن أن يتوّج العمل بضمّه إلى المعرض، فهذا ما لم أكن أتصوّره.
وتضيف الفنانة الصغيرة: الاعتماد في الرسم على قصائد محمود درويش صوتا وصورة كانت تجربة جميلة بالنسبة إليّ، مشيرة إلى أن الفضاء ساعدها في تأمين احتياجاتها الفنية وساندها معنويا.
الفنانة فدوى سليمي المشرفة على ورشة “طلة فن” والمشاركة في تنظيم المعرض أيضا، قالت لـ”العرب”: إن افتتاح معرض فني للأطفال في ظل ما تعرفه الجهة من غياب شبه تام للمرافق الثقافية، له تأثير كبير على نفسية الأطفال في الرقاب، إذ أن إظهار مواهب الأطفال قد يساعد في تحسين الأجواء المحيطة بهم، والهدف من افتتاح المعرض هو تطوير قدرات، ومواهب الأطفال في جميع الظروف.
وتضيف سليمي: نظرا إلى أن ذكاء الطفل قائم على الدهشة والتعجب وعلى ولعه بحب الاستطلاع واكتشاف المحيط من خلال نزعة اللعب المسيطرة على أنشطته، سعت ورشة “طلة فن” منذ انطلاقها إلى تطوير الجانب الإبداعي للطفل باعتبار أن فنون الطفل لها سمات تختلف عن إنتاج الكبار، فالطفل خيالي في رسومه ولا يلتزم بالواقع.
ومن أهداف ورشة “طلة فن” بحسب المشرفين عليها تشجيع الطفل على استخدام أفكاره الذاتية من خلال تعبيراته، ومن هنا كان المنطلق أو المحمل، هو استماع الطفل لقصائد الشاعر محمود درويش قبل الرسم، وذلك لإدراك مدى قدرة الطفل على تجسيد ما يسمعه في لوحة فنية، أي الاعتماد على مخيلته، كما تقوم الورشة على التأطير التشكيلي للطفل ليصبح قادرا على القراءة الفنية والتمييز بين اللون والخط والشكل.
وفي اليوم الأول من المعرض الذي يتواصل على امتداد عشرة أيام عرضت عشر لوحات مختلفة الأحجام تعكس خيال عشرة أطفال من ورشة الرسم للأطفال “طلة فن”، الذين اشتغلوا عليها لأكثر من ثلاثة أشهر، وأتت اللوحات تحت عناوين صاغها مبدعوها بعفويتهم المميّزة: “سفينة الفراشات” لمحمد علوي، و”الجزيرة” لمها علوي، و”البيت الكبير” لأريج جلالي، و”الأطفال” لمحمد عزيز العميني، و”فرحا بشيء ما” لإسلام عيوني، و”المزهرية الجميلة” لأميرة جلالي، و”المنزل” لأماني سعدان.
وقدم كل من الطفلين ريان زارعي وعبدالكريم القادري لوحة مشتركة حملت عنوان “الإنسان من الداخل”، كما قدم محمد عيوني لوحتين تحت عنوان “إلى أمي” و”أشكال وفنون”.
ويعرف الرسام الصغير محمد علوي البالغ من العمر 10 أعوام، أنه انخرط في عالم الرسم، من خلال رسوم لقصائد محمود درويش، وأول رسم له كان يعبر عن الأم، وحسب ما أفادت به والدته حليمة سعيدان، فإن هذا المعرض الذي تزامن مع اليوم العــالمي للطفل هو أحسن هدية لأطفال تونس.
والجدير بالإشارة أن المعرض سجل غيابا تاما لممثلي وزارة الثقافة التونسية محليا وجهويا، الأمر الذي جعل أستاذة الرسم والمشرفة على ورشة “طلة فن” الرسامة فدوى سليمي تتساءل عن سرّ هذا الغياب، قائلة: هل حضور ممثلي وزارة الثقافة التونسية واهتمامهم بالفن والحراك الثقافي يقتصر على إنجاح البرامج المدعومة من الدولة والوزارة فقط؟