أحزاب المعارضة تنشط على هامش الحياة السياسية في مصر

تنسيق حول انتخابات قانونها غائب والحكومة لا تبدي نية لإجرائها.
الاثنين 2021/11/29
مساع لتوحيد المواقف

القاهرة - تسعى بعض أحزاب المعارضة، رغم حالة الفراغ السياسي في مصر، لمحاولة إنعاش حالتها وهياكلها الحزبية بالبحث في شكل قانون المحليات والانتخابات المتوقع أن تتم بموجبه، في وقت لم تظهر الحكومة نية جادة لإجراء الانتخابات ولم يكشف البرلمان عن تحركات حقيقية لإصدار قانونها المعطل.

ويراود أحزاب المعارضة الأمل في توسيع نطاق المشاركة السياسية، اتساقا مع إشارات مختلفة بعثت بها الحكومة توحي برغبة في إدخال إصلاحات تستوعب تدريجيا الطيف الحزبي بما يتناسب مع مطالب تتصاعد لخروج الحياة السياسية من القتامة التي تتربع عليها منذ سنوات.

وبدأ نشاط ظاهر يدبّ في عروق عدد من الأحزاب أخيرا، وهو ما لم تعترض عليه الحكومة، وهي رسالة التقطتها بعض القوى لتجهيز حالها بأن هناك انفراجة ربما يقدم عليها النظام المصري الذي يريد أن يبدو منفتحا من خلال السماح بنشاط نسبي لأحزاب المعارضة ويسمح لها بممارسة دور قد لا يكون في صلب القضايا السياسية العاجلة.

فريد زهران: مناقشة إجراء الانتخابات في أقرب  وقت ممكنة لأنها تأخرت
فريد زهران: مناقشة إجراء الانتخابات في أقرب  وقت ممكنة لأنها تأخرت

وبدأت أحزاب مصرية معارضة تنشغل مبكرا بالمشاركة في طرح صياغة قانون الإدارة المحلية المجمد منذ سنوات عبر تدشين “اللجنة التنسيقية للمحليات” التي انعقد الاجتماع التمهيدي لها قبل أيام.

ومرّ الاجتماع من دون أن يشعر به الكثيرون في مصر، لأن وسائل الإعلام الحكومية تجاهلته باعتباره يعكس تنفيسا سياسيا ليس أكثر، لأن انتخابات المحليات لا تزال غائبة عن حسابات الحكومة في هذه المرحلة، ولم يدرج قانونها على جدول البرلمان حتى الآن، والحديث عنها من وقت إلى آخر لم يتبلور في تحركات تخرج القانون والانتخابات من الأدراج.

وتعترف جهات حكومية بوجود خلل في الإدارة المحلية في ظل غياب المحليات التي تقوم بدورها، ومع شيوع الفساد بدأ النظام المصري يلجأ إلى الاستعانة بقيادات عسكرية للحد من انتشاره، في إشارة إلى عدم اقتناعه بأن انتخابات قيادات محلية يمكن أن تتعامل مع هذه المشكلة بجدارة.

ويمهد خروج قانون للإدارة المحلية إلى النور الشروع عمليا في إجراء انتخابات المحليات التي تراهن عليها بعض الأحزاب كبروفة لاختبار مدى جدية الحكومة في الانفتاح، وقياس مدى تجاوب الرأي العام ومحاولة إخراجه من حالة التيبس التي انتابته بعد فقدانه الثقة في أي عملية انتخابية.

وأكدت عضوة الهيئة العليا بالحزب المصري الديمقراطي آمال السيد أن الهدف من تأسيس اللجنة التنسيقية لأحزاب المعارضة إنعاش طموحات الشارع المتعلقة بالإدارة المحلية وضوابطها، وعندما يحين موعد مناقشة قانون المحليات تكون الأحزاب مستعدة بمشروع مواز للقانون الحكومي.

وأضافت لـ”العرب” أن أحزاب المعارضة تعمل على القيام بدور في التوعية والتثقيف بأهمية الإدارة المحلية للمواطن العادي غير المهتم بالانتخابات عموما، وتدريب واكتشاف القيادات وإعدادها إلى حين صدور القانون وإجراء الانتخابات، فيما يشبه حرثا للأرض وتمهيدها سياسيا.

ومشروع القانون المنتظر العمل على تعديله من قبل اللجنة التنسيقية للمحليات هو مسودة القانون المقدم للحكومة من قبل النائب أحمد السجيني رئيس لجنة الإدارة المحلية في مجلس النواب المصري.

ويقول مراقبون إن أزمة أحزاب المعارضة أنها أقلية في البرلمان ما يجعل من الصعوبة أن تفرض رؤيتها على الغالبية الموالية للحكومة في حال مناقشة مشروع القانون وطرحه على مجلس النواب.

ويشير هؤلاء إلى أن الخبرات السابقة تؤكد صعوبة نجاح المعارضة في الضغط على الحكومة أو على أعضاء مجلس النواب للتصديق على مقترحهم وإقناع الأغلبية بالموافقة على مشروع القانون المنتظر.

وأوضحت آمال السيد لـ”العرب” أن لدى الحزب المصري الديمقراطي سبعة نواب، وهناك عدد آخر من النواب يمثلون حزب العدل يمكن التنسيق معهم، “وإذا لم نستطع التغيير فعلى الأقل يظهر رأي آخر داخل مجلس النواب يشعر نواب الأغلبية أن هناك صوتا معارضا”.

وتضم اللجنة التنسيقية للمحليات، أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي والمحافظين والكرامة والعدل والتحالف الشعبي والحزب الاشتراكي المصري والحزب الناصري والحزب الشيوعي وحزب العيش والحرية (تحت التأسيس).

خروج قانون للإدارة المحلية إلى النور يمهد الشروع عمليا في إجراء انتخابات المحليات التي تراهن عليها بعض الأحزاب كبروفة لاختبار مدى جدية الحكومة في الانفتاح

وتسعى اللجنة لضم منظمات من المجتمع المدني لتكوين جبهة تتبنى فكرة المحليات من حيث القانون وتدريب المستعدين لخوض الانتخابات من الأحزاب والمستقلين.

وتقول مصادر داخل المعارضة لـ”العرب” إن اللجنة التنسيقية للمحليات لن تكتفي في عضويتها بالأحزاب وتسعى للتنسيق مع المجتمع المدني.

وشدد الأمين العام لحزب الكرامة محمد بيومي في تصريح لـ”العرب” على أن اللجنة التنسيقية للمحليات تعمل على توسيع عملها في المحافظات المصرية المختلفة، وتشكيل لجان للعمل على تثقيف وتدريب الراغبين في الترشح لانتخابات المجالس المحلية.

وذكر أن عمل اللجنة يضخ نشاطا في هياكل الأحزاب بشرط أن تكون الانتخابات نزيهة ويتم التخلي عن فكرة القائمة المغلقة المطلقة التي تتبناها الحكومة، والضغط عليها ليأتي النظام الانتخابي للمحليات بالقائمة النسبية.

ولفت رئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران في تصريح لـ”العرب” إلى أن تحالف الأحزاب جاء في إطار تنسيقي للتشاور وتوحيد المواقف حول قانون انتخابات الإدارة المحلية والحكم المحلي، وأنه تمكن مناقشة المطالبة بإجراء الانتخابات في أقرب وقت لأنها تأخرت كثيرا، مشددا على أنها تحالف “غير انتخابي”.

وتعد المحليات برلمانات مصغرة تخفف الضغط الواقع على كاهل النواب في البرلمان فيما يتعلق بالخدمات، ويعتبر وجودها من العناصر المهمة في حل مشكلات المواطن اليومية في الأقاليم المختلفة.

ومنح الدستور المصري أعضاء المجالس المحلية صلاحيات تقترب من نظيراتها في النواب، فالمجلس المحلي قادر على سحب الثقة من رئيس الحي واعتماد الميزانيات الخاصة بالجهاز التنفيذي واعتماد قرارات التخصيص الخاصة بالإدارات المحلية، إذ تحتوي المجالس المحلية جهازا تنفيذيا، وآخر شعبيا يراقب الأجهزة التنفيذية ويحاسبها.

2