المعارض المصري أحمد الطنطاوي لـ"العرب": نسعى لمشروع جديد عابر للأيديولوجيات

الطنطاوي أمام تحدي تشكيل تنظيم سياسي بعد خروجه من الاستحقاق الرئاسي.
الأربعاء 2023/10/18
ماض في مشروعه رغم التحديات

عززت معركة التوكيلات التي خاضها أحمد الطنطاوي للمنافسة في انتخابات الرئاسة بمصر عزمه على الدفاع عن مشروعه البديل عن السلطة السياسية القائمة، ويستعد المعارض الشاب للخطوة التالية التي ستكون على الأغلب تشكيل تنظيم سياسي، مستفيدا في ذلك من قاعدة شعبية نجح في تثبيتها على مدار الفترة الماضية.

أعلن أحمد الطنطاوي، البرلماني السابق وأحد أبرز الوجوه التي كان من المقرر لها المنافسة في الانتخابات الرئاسية المصرية، خروجه من سباق المنافسة لعدم استيفائه عدد التوكيلات المطلوب لترشحه رسميا بعدما جمع نحو 14 ألف توكيل فقط، بينما كان مطلوبا منه 25 ألف توكيل، مؤكدا أن السلطة منعته من جمع التوكيلات اللازمة، وذلك قبل موعد غلق باب الترشح في الرابع عشر من أكتوبر الجاري.

وأشار السياسي الشاب إلى منع أنصاره عمدا من تحرير التوكيلات بمكاتب الشهر العقاري في محافظات مصر المختلفة، لافتا إلى أنه بصدد إطلاق مشروع سياسي كبير سوف يغير الوجه السياسي في مصر خلال سنوات معدودة.

التقت صحيفة "العرب" أحمد الطنطاوي، وحاورته حول خططه المستقبلية وتفاصيل مشروعه السياسي الجديد، فكشف أنه مازال محل تشاور مع شركائه في الحملة الانتخابية والنخبة السياسية والحزبية التي أعلنت دعمه الفترة الماضية، وغيرهم من أصحاب الرأي والفكر، وسيكون الإعلان عن تفاصيل مشروع التغيير في السابع والعشرين من أكتوبر الحالي، ويتكون من أربعة مستويات، هي: تنظيم سياسي، وتحالف واسع، وبرنامج إجرائي، وفريق عمل متنوع من ذوي الخبرة والكفاءة.

قال الطنطاوي إن مشروعه سيكون عابرا للأيديولوجيات، وأساسه برنامج يتكون من منطلقات فكرية في إطار جامع، ويتسع التحالف لكل المؤمنين بالتغيير السلمي الديمقراطي والمستعدين للتعامل مع السلطة كبديل وليس كتابع، ولديه برنامج يعتبره مسودة لمشروع “إنقاذ وطني”، مع انفتاحه على أن يكون البرنامج محل تشاور وتعديل، وسيطلق فريقا للعمل يتكون من مشارب سياسية مختلفة ويضم كفاءات وخبرات.

وأضاف أن الفكرة المبدئية موجودة في لوائح العديد من الأحزاب، ومعمول بها في الكثير من الديمقراطيات، وهي: “حكومة الظل، فالشعب المصري يرى سلطة لها أداء، ومُعارضة تقدم بديلًا حقيقيا، ولا تُبدي اعتراضها فقط، بل تطرح بدائلها وحلولها".

تحالف سياسي واعد

◙ التف حوله الكثير من الأنصار والمؤيدين
◙ مشروع التف حوله الكثير من الأنصار والمؤيدين

حقق الطنطاوي خلال الأسابيع الماضية شعبية، حيث جاب فيها الكثير من محافظات مصر سعيا للترشح في انتخابات الرئاسة التي من المقرر أن تجرى في ديسمبر المقبل، والتف حوله الكثير من الأنصار والمؤيدين، الأمر الذي كشفته جولاته الميدانية، وبلغ عدد المتطوعين في حملته نحو 25 ألف متطوع، وهو أحد الأسباب التي دفعته إلى التفكير في تأسيس تحالف سياسي يضم طيفا واسعا من المؤيدين بدلا من انفراط عقدهم.

وحول نيته تأسيس حزب سياسي، كشف الطنطاوي أن هذا الأمر "لم يُحسم بعد، لكنه أحد الاتجاهات الراجحة بين غالبية أعضاء الحملة، والتي من مميزاتها اعتمادها على طاقات بشرية مخلصة، معظمها مارس العمل السياسي للمرة الأولى، وأسعدني أنها ضمت أشخاصًا من غير المؤمنين بالمسار السياسي، ووجدوا في الحملة فرصة لمراجعة هذا الطريق، وأن التغيير عبر صناديق الاقتراع ممكن".

يتطلب تأسيس كيان حزبي وفقًا للقوانين المصرية الحصول على توقيع خمسة آلاف عضو من المؤسسين وتوثيق توقيعاتهم رسميا، وهي عملية شبيهة بالتوكيلات الانتخابية للترشح للرئاسة التي واجه الطنطاوي فيها تحديات كبيرة، وهو ما طرح سؤالا حول مدى قدرته على تأسيس هذه الكيان، وهل سيواجه منعا من السلطة؟

أحمد الطنطاوي: السلطة لا تظهر القدر الكافي من الفهم أو الاستعداد للنصح
أحمد الطنطاوي: السلطة لا تظهر القدر الكافي من الفهم أو الاستعداد للنصح

وقال السياسي المصري المعارض "لم يكن هناك منع أو تضييق بل جرائم ممنهجة وثقها آلاف من المصريين صوتًا وصورة ونشروها على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك أعداد كبيرة لجأت إلى الجهات الرسمية بهذه الشكاوى، ممثلة في الهيئة الوطنية للانتخابات والنيابة العامة".

ولفت إلى أن "السلطة قادرة على ارتكاب هذا الحد من الغشم (التهور)، لكن أرى أن قدراتها تتآكل نتيجة لفشلها وانهيار شعبيتها، ولا يوجد ضمان أنه يمكن تحقيق هذه الأهداف، لكن ثمة واجبا يستلزم الاستمرار في المحاولة، إذ لا أملك أمام القدر الكبير من محبة الناس إلا مواصلة البحث عن حلول ومخارج تجنبنا مخاطر اليأس أو الانفجار".

وقال الطنطاوي "السلطة لا تظهر القدر الكافي من الفهم أو الاستعداد للنصح، وإذا تصورت أنها بهذا السلوك تدفع الناس إلى الاستكانة فهي مخطئة، إذ يكفي أن تذهب نسبة محدودة جدا من الناس إلى الجهة العكسية، فندفع جميعنا ومعنا الوطن الثمن، والسلطة هي التي تدفع باتجاه هذه المخاطرة التي لا داعي لها".

ودعا أنصاره إلى التمسك بالأمل وعدم اللجوء إلى أي مسلك غاضب، قائلا "تعاهدنا على مجموعة من الثوابت في الحملة الانتخابية، وبالنظر إلى توقعاتنا لسلوك السلطة المرتبطة بالخبرات السابقة سُنواجَه بتصرفات غير قانونية وغير أخلاقية، وكان الاتفاق أن نتقاسم الألم بكبرياء ونتشارك الأمل بشجاعة، وفي سبيل ذلك ارتفع العدد إلى 136 من أعضاء وعضوات الحملة الذين تعرضوا للحبس، وهناك مئات تعرضوا للتكنيل بأشكال أخرى متنوعة".

وأكد الطنطاوي في حواره مع "العرب" أن عليهم التزاما أخلاقيا متعلقا بالأفراد، “لكن دائما نتوخى مصلحة الوطن ونحاول المحافظة على سلامته، ولن نجاري السلطة خطأ بخطأ، وإلا ستنقلب من ساحة سياسية إلى ما يشبه الغابة".

ويبدو أن التفاف شريحة من الشباب حول أحمد الطنطاوي يعود إلى أنهم رأوا فيه أملًا أو قاطرة تقود إلى التغيير وتحسين الأًوضاع، لكن أغلبهم لم يمارسوا العمل السياسي وقد يُؤثرون السلامة وعدم الرغبة في الانخراط في شكل تنظيمي، ما ستكون له انعكاسات على عملية تأسيس التنظيم السياسي الموعود.

وعلّق الطنطاوي على ذلك بقوله “كل تنظيم سياسي له أعضاء وجمهور، ليس مطلوبا من كل مواطن أن يتعاطى العمل السياسي بشكل منتظم ومستمر، وأي تنظيم يسير على نفس السياق يمكن أن يكون له جمهور واسع وحاضر ومعبر عن نفسه في مناسبات معينة، خصوصا الانتخابات، والعبرة أن نجد فريقا جيدا وبرنامجا عمليا قابلا للتطبيق وإقناع الناس، أما مسألة الإرادة الواضحة للشعب المصري فلا تخطئها العين، ولدينا أدلة عليها، من بينها أن الكثير من المواطنين مع هذا الطريق الذي نطرحه، وداعمون لي".

غرور أم طموح

◙ شعبية متنامية في صفوف الشباب
◙ شعبية متنامية في صفوف الشباب

يُؤاخَذ الطنطاوي من قِبل بعض المتابعين لمسيرته على غروره أو طموحه وجموحه السياسي الزائديْن عن الحد، واستخدامه مفردات عميقة لا تدل على الواقع الذي يدور فيه، وأنه يتعمد رفع سقف التوقعات عند الشباب لدغدغة مشاعرهم، ويتصرف كأنه يمتلك وحده مفاتيح التغيير في مصر.

وذكر المعارض المصري أنه سيقوم بتشكيل تنظيم سياسي عابر للأيديولوجيات، وثمة تجارب سابقة لأحزاب قامت دون أيديولوجيا، لكنها لم تستمر وباءت تجربتها بالفشل حتى ارتكزت على أيديولوجيا تسهم في رسوخ واستمرار الكيان التنظيمي.

ولا يخشى الطنطاوي هذا المصير موضحا “نحن في لحظة تأسيس وثمة تجارب كثيرة ناجحة في العالم لإنجاز تجربة التحول الديمقراطي تطبق هذا الطرح منذ عقود، وأؤمن بهذه الفكرة منذ سنوات، والتمييز بين إمكانية أن تكون لكل شخص هويته السياسية ومعتقداته الفكرية وبين صياغة ذلك في مشروع جماعي".

وأكد أنه وصل إلى صيغة منتجة منذ فترة طويلة، وأن هذا المشروع يتطلب برنامجًا واضحا، والبرامج في العصر الحديث بطبيعتها لم تعد مستقاة من معين واحد، ومن الصعب تواجد تجربة ناجحة في العالم تنطلق من أيديولوجيا جامدة، وإنما ترتكز على خليط من الأفكار المتعددة.

◙ التنظيم السياسي الجديد قد يضع الطنطاوي في مواجهة مع بعض الأحزاب، خاصة المنضوية تحت لواء الحركة المدنية

وأشار إلى أن القادم هو أحزاب "البرامج" وليس "الأيديولوجيا"، ولديه برنامج انتخابي اكتمل سيقوم بالإعلان عنه، وسيتعامل معه على أنه مسودة قابلة للتعديل وليس نصا نهائيا، وهو المنهج الذي يتبناه، داعيا جمهوره إلى أن يكون منفتحا ومستعدا لتطوير أفكاره، واستيعاب لحظة فيها أهداف مشتركة يمكن أن يعمل بها أشخاص متنوعو التوجهات السياسية.

وقد يضع التنظيم السياسي الجديد الطنطاوي في مواجهة مع بعض الأحزاب القائمة، خاصة المنضوية تحت لواء الحركة المدنية، ومنها من دعمه في معركة ترشحه، وربما ينتقل هؤلاء من أعضاء في هذه الأحزاب إلى حزبه الوليد، ما يُنذر بانشقاق سياسي محتمل.

وكشف الطنطاوي أن أول من صارحهم بالنقاشات الدائرة داخل الحملة الانتخابية هم الأحزاب التسعة التي أعلنت تأييدها له، أو على الأقل أبدت تأييدها لحقه في الترشح ودعت أنصارها إلى تحرير توكيلات داعمة له، وشرح الأسباب التي تقف خلف فكرته كمشروع متكامل أحد مستوياته الرئيسية هو الجبهة أو التحالف الواسع.

وتوقع البعض من المراقبين أن يؤدي تأسيس كيان جبهوي جديد إلى إضعاف الحركة المدنية، فقد يصبح بديلا عنها، وهو ما رد عليه الطنطاوي بالقول “الحركة المدنية نفسها في هذه اللحظة بها أكثر من اتجاه يتراوح بين من هو مستعد لتقديم نفسه بديلا عن السلطة وبين من يقدم نفسه على أنه تابع لها ويشارك في عمليات تجميل من قبلها، وهذا قرار الحركة المدنية وليس قراري".

وأوضح لـ”العرب” أن "الحركة المدنية هي التي تحدد ما إذا كانت مستعدة لعمل ذلك من عدمه كحركة أو كأحزاب من داخل الحركة، لأن لديها أيضا أسئلة كبيرة من بينها ما يتعلق بانتخابات الرئاسة وطبيعة العلاقة مع السلطة مع امتداد مظلة الحوار الوطني حتى الآن، ولا يمكن الإجابة بالنيابة عن أحد، لكن أنا على ثقة بأن مصر تحتاج إلى شيء أكبر ورؤية أوضح وقدرة على الفعل واتخاذ القرار الداخلي".

الطنطاوي وعودة الإخوان

◙ الإخوان خصم سياسي
◙ الإخوان خصم سياسي 

استدعى التفكير في تأسيس تنظيم جديد اتهامات واجهها أحمد الطنطاوي طوال فترة حملته الانتخابية ومحاولة ترويج أنه طرح عودة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسي، على الرغم من أنه أكد صراحة أنه يعتبر الإخوان خصما سياسيا.

وقال الطنطاوي "كلامي واضح في هذا الشأن، لكن الأزمة أن ثمة قدرة هائلة على التشويش في ظل الحالة البائسة للإعلام والأبواق التي تستخدم كل أنواع الجرائم المهنية والأخلاقية والقانونية وهي في مأمن من الحساب والعقاب، وأوضحت أن ثمة فارقا يفصل بين كل من الميزان السياسي والقانوني والأخلاقي، وفي الميزان السياسي لم أكن يوما حليفا للإخوان، وهناك فارق في أن تقيس الناس على ميزان السياسة وتقول هذا مؤيد، وهذا معارض، وهذا متفق، وهذا مختلف، وهذا حليف، وهذا خصم سياسي".

وأوضح "عندما يُطرح شخص لإدارة دولة هل يُحاسب الناس على هذا الأساس، أم هو مُلزم وليس مُخير بمعاملة المواطنين وفقا للدستور والقانون؟ وأنا في هذا الطرح لا أقول كلاما انتخابيا لكسب أصوات أو تجنب أذى أحد، وفي المعيار الأخلاقي يتوجب ألا نعمم الأحكام".

◙ الطنطاوي نزل إلى الشارع والتحم مع الجمهور وزار معظم المحافظات المصرية، ونمت شعبيته بشكل مفاجئ وغير متوقع

وكشف أنه في الثاني عشر من فبراير 2011، سُئِل عن رأيه في الحزب الوطني (الحاكم في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك) وكان مبنيا حول قياداته وما فعلوه، فقال “ليس فقط الفساد السياسي، لكننا رأينا بأعيننا في ميادين مصر وزراء ونواب برلمان وقيادات في التنظيم الأعلى من الحزب الوطني مارسوا العنف الذي وصل إلى حد قتل المواطنين، لكن هل يجوز قانونيا أو أخلاقيا تعميم هذه الأوصاف والاتهامات على نحو مليوني عضو في الحزب الوطني وقتذاك؟".

وأضاف "ما لا أقبله على الحزب الوطني لن أقبله على غيره، ولن أخضع في ذلك إلى ترهيب أو ابتزاز، إذ أتحدث من منطلق ضميري الوطني فقط، وهذا الزعم يتم استخدامه من قبل بعض المنتفعين من السلطة والمستفيدين من وجود الحزب لتأليب الناس على بعضهم البعض، وصرف أنظارهم عن المسؤول عن الفشل باستدعاء فزاعة الاتهامات".

وأكد أن تجربة التوكيلات أثبتت ذلك، "والناس رأوا الداعمين لي أمام مقرات الشهر العقاري بعدما تم ترويج أن الإخوان هم الذين يحررون لي التوكيلات، وأعضاء حملتي يعرفهم الناس، وكل واحد في محيط وجوده أو محافظته معروفة توجهاته، والكثير منهم معروفون لدى الشعب المصري بأكمله، سواء في الهيئة الاستشارية بالحملة أو الشخصيات العامة التي تدعمنا".

وخاض أحمد الطنطاوي معركة جمع التوكيلات بجسارة ونزل إلى الشارع والتحم مع الجمهور وزار معظم المحافظات المصرية، ونمت شعبيته بشكل مفاجئ وغير متوقع من قبل الكثيرين، ما فسره مراقبون بأنه يعود إلى مصداقيته وخطابه القوي وشعور الناس بأنه يعبر عن مطالبهم، لكن من جانب آخر قد يتطلب العمل السياسي قدرًا من المرونة والتوازنات كي يتمكن من الوصول إلى الهدف.

اعترض الطنطاوي على هذا الطرح ورأى أنه يعني استسلامه للقواعد، وينتظر السماح له أو منعه من خوض الانتخابات، وقال "هذا ما أرفضه، فالسلطة ليس من حقها منعي من الترشح أو أن تختار خطابي السياسي، وهو رهن بأدائها، وإذا كان أداؤها متوازنا فسيكون خطابي معتدلا، لكن مع هذا القدر من التعدي على الثوابت والفشل الذي يدفع ثمنه المواطن من أكل عيشه وحريته وكرامته وفزعه مما ينتظره غدا، لذا فهذه السلطة بأدائها لا تستحق غير الأوصاف التي أصفها بها".

المشكلات الكبرى

◙ مخاوف من أزمة اقتصادية وروافدها الاجتماعية
◙ مخاوف من أزمة اقتصادية وروافدها الاجتماعية

المشكلة الكبرى التي تعاني منها البلاد ويلمس آثارها الناس هي الأزمة الاقتصادية وروافدها الاجتماعية، ويضعها الطنطاوي ضمن أولويات مشروعه. وقال "حل المعضلة الاقتصادية وما يترتب عليها من تداعيات مختلفة مدخله سياسي، وهذا كلام العلم وتجارب الدول الأخرى، لأن العبرة باتخاذ القرار ونمطه، وهذا كله مسؤولية السلطة، ومصر مليئة بالكفاءات والأفكار والبرامج، لكن السلطة لها اختيارات خاطئة على مستوى البرامج، وبعدها على مستوى القائمين بالتنفيذ، وإذا كانت جادة عليها اختيار أفضل ما في البلد من أفكار، وأكفأ ما فيها من خبرات لتحمل المسؤولية".

وذكر في حواره مع "العرب" أن مصر تستحق أفضل من ذلك، “وتكمن الأزمة في أن ذلك لن يتغير إلا إذا تغيرت طبيعة النظام السياسي، وانتقلنا إلى دولة القانون والمؤسسات، ويكون هناك توازن بين السلطات والدستور، فلا يتم تطبيقها على حسب الحال إنما هي التزامات صارمة يعاقب من يخرج عليها".

وأعلن أحمد الطنطاوي في أبريل الماضي عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية إذا لم يُمنع بصورة مباشرة، وأن هدفه الأساسي الفوز كمقدمة لإنجاز التحول المدني الديمقراطي الآمن والرشيد، إلا أن الصورة قد تغيرت بعد خروجه من السباق، ما يطرح التساؤل: هل سيدعو أنصاره إلى دعم أحد المنافسين أم المقاطعة؟

◙ الطنطاوي يؤكد أنه لن يدعم أحدا من المنافسين إذ لا يوجد من بين الأسماء من يشترك معه في الهدف القائم على التغيير السلمي الآمن 

بشكل قاطع أكد الطنطاوي أنه لن يدعم أحدا من المنافسين، إذ لا يوجد من بين الأسماء من يشترك معه في الهدف القائم على التغيير السلمي الآمن والتحول المدني الديمقراطي حتى لو قالوا ذلك، “وما سنفعله هو أمر لا أستطيع الانفراد بقرار فيه قبل استكمال المشاورات مع شركائنا، إذ نسعى لموقف واضح ومؤثر وله صوت مسموع".

وشرح مشروعه السياسي وخططه في المنظور القريب؛ أما عن طموحاته في المنظور البعيد، وهل يعد نفسه للانتخابات المقبلة بعد ست سنوات؟ فقال "كل سياسي حركي، وليس تنظيريا ينطلق من معطيات الواقع، وهو غير مستقر، وعُرضة لتقلبات كبيرة لأن السلطة هي التي اختارت ذلك وتضعنا على حافة الخطر، ولو كنا في وضع ثابت لقلت إنني أعكف على صناعة خطط مستقبلية معروفة ملامحها ومفهوم شكل تطوراتها، لكن في هذه اللحظة أتعاطى مع هذا الواقع لتغييره، ونجهز لكل محطة، ونحن لا نعرف أوانها، فأحد أبرز ملامح نسق الحكم الحالي هو الخوف من الإرادة الشعبية والاحتكام إلى الناس".

وعبّر الطنطاوي في حواره مع "العرب" عن احترامه لكل الأشخاص الذين "اتخذت موقفا تجاههم بناء على اقتناع، بالتأييد أو المعارضة، وحتى أولئك الذين قُهرت إرادتهم لهم كل العذر والمحبة والحرص على الإسراع في طلب المستقبل".

وأضاف "أطرح نفسي كموظف عمومي يلتزم بشكل أمين بأداء مهام عمله وفقا للدستور، ولا يعامل الناس على أساس قربهم أو بعدهم عن دعمه، وكل مواطن سيكون في مأمن بعيدا عن أي إيذاء مرتبط بممارسة أفكاره والتعبير عن نفسه طالما لم يعتد على أحد، لم آت لفرض قناعات أو ممارسة وصاية أو أستغل موقعي لفرض نسق فيه اعتداء على الحريات الفردية وحق كل مواطن في الاختيار".

7