أحداث مطار تونس قرطاج تضع المشيشي في مواجهة حزامه البرلماني

يواجه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي ضغوطا كبيرة بمحاسبة المتورّطين في اقتحام مطار تونس قرطاج الدولي مساء الاثنين. وشهد المطار أعمال عنف وحالة من الفوضى بين موظفين ورجال أمن تابعين له ونواب عن كتلة ائتلاف الكرامة بسبب منع امرأة من السفر، وهو ما يضع المشيشي في مواجهة حزامه البرلماني.
تونس – عجّلت الفوضى التي عمّت مطار تونس قرطاج الدولي مساء الاثنين، بوضع رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي أمام اختبار صعب في مواجهة أحد مكونات حزامه البرلماني والسياسي، الذي ندّدت به أطراف سياسية وازنة.
وحضر نواب عن ائتلاف الكرامة مساء الاثنين إلى المطار يتقدمهم المحامي سيف الدين مخلوف رئيس كتلة الحزب في البرلمان لدعم امرأة ممنوعة من السفر، ودخلوا في مشادات وعراك مع أمن المطار ونقابات أمنية توافدت إلى المكان، كما ظهر في مقاطع فيديو.
واعتدى النائبان مخلوف ونضال السعودي على ضابط أمني في المطار، مما أدى إلى تدخل الأمن وطردهما.
وبعد الفوضى التي أدت إليها “أحداث المطار” إثر توافد عدد من أنصار كتلة ائتلاف الكرامة تحول رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى المطار، حيث شدّد من هناك على أن “ما حدث استعراض وسيتم التوجه إلى القضاء”.
ومتفاديا ذكر نواب ائتلاف الكرامة، ندّد المشيشي بما تعرض له أعوان أمن المطار، مشددا على أن “الاعتداء على الأمنيين أمر غير مقبول وغير مسموح به وسيتم تقديم قضايا في حق من يتمتع بالحصانة، وأنا أساند الأمنيين”.
وتتالت ليلة الاثنين – الثلاثاء ردود الفعل المندّدة بـ”أحداث المطار” حيث أجمعت جل الأطراف السياسية الفاعلة على ضرورة وضع حد لتلك الممارسات التي طالت هذه المرة مؤسسة سيادية تونسية من قبل طرف سياسي من الداعمين لحكومة المشيشي.
ويعد ائتلاف الكرامة أحد أبرز المقربين من حركة النهضة الإسلامية وله 18 نائبا في البرلمان من مجموع 217.
واللافت أن حركة الشعب والتيار الديمقراطي لم يشاركا بقية الأطراف السياسية الإعراب عن المخاوف بعد “أحداث المطار”، ما فتح الباب أمام تأويلات مختلفة خاصة في ظل استمرار الأزمة السياسية والحسابات التي ترافقت مع ذلك.
وعبرت حركة تحيا تونس عن استهجانها الشديد لاقتحام مجموعة من نواب ائتلاف الكرامة لمطار تونس قرطاج، معتبرة ذلك “خرقا واضحا للقانون وتصرفات فوضوية لها خطورة على الأمن القومي التونسي”.
وانتقدت الحركة في بيان لها نشرته ليلة الاثنين “اعتداء النواب على رجال الأمن بشتى أنواع الاستفزاز والتهديد”، داعية النيابة العامة إلى التدخل “لفرض الانضباط بالوسائل القانونية”.
وعبّر حزب التيار الشعبي بدوره عن إدانته الشديدة لـ”الهجوم الذي نفذه أعضاء كتلة الإرهاب على مطار تونس قرطاج الدولي” وفق تعبير الحزب في بيان له.
ولم تتردّد كتل نيابية في التعبير عن استنكارها لما وقع في “أحداث المطار” حيث كشفت كتلة حزب قلب تونس (30 نائبا) في بيان عن “صدمتها” لتلك الأحداث، مندّدة بهذه “السلوكيات المشينة الصادرة عن نواب شعب بما يزيد من ترذيل صورة مجلس النواب ويحطّ من هيبة المؤسسة التشريعية”.
واعتبرت الكتلة الوطنية (9 نواب) أن ما حصل هو “تجاوز خطير ومرفوض ولا يجب السكوت عنه”، مشيرة إلى “خطورة الانسياق وراء الخطابات التحريضية والتصرفات غير المسؤولة”.
وأدان الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية ذات النفوذ القوي في تونس، “الفوضى في المطار”، وأوضح في بيان له أنه “يعبّر عن تنديده الشديد بالهمجية التي تصرف بها أعضاء من كتلة الإرهاب داخل المطار، ويعتبر ما قاموا به تلبّسا يستوجب رفع الحصانة حالا وتتبع المعتدين قانونيا”.
ودعت شخصيات سياسية إلى رفع الحصانة عن رئيس كتلة ائتلاف الكرامة وإيقافه، وهو ما يخوله الدستور وفقا لهؤلاء، ما يضع المشيشي أمام إحراج كبير بسبب تصرفات “وسادته البرلمانية والسياسية”.
وقال رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق، إن “ما حصل مساء اليوم (الاثنين) من تهجّم وصعلكة على الموظفين الأمنيين الذين يؤدون واجباتهم من طرف النائب عن الذراع السياسية للإرهاب مخلوف، يعني التمادي في استباحة الدولة ومؤسساتها ورموزها بشكل مخز ومهين” وفق قوله.
وأكد مرزوق أنه كان “يتوجب إعطاء الأوامر لرجال الأمن للقبض على هذا الشخص على عين المكان”، مبينا أن “الحصانة البرلمانية لا تحميه في مثل ذلك الفضاء ولا عن مثل تلك الأفعال”، مبيّنا أن “المطار فضاء أمني مطلق”.
وقالت الناشطة الحقوقية ومستشارة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي سعيدة قراش إنه كان يمكن إيقاف نواب ائتلاف الكرامة الذين اقتحموا المطار الاثنين في “حالة تلبس” وفقا للفصل 69 من الدستور.
وبالرغم من شجبه للأحداث التي عرفها مطار تونس قرطاج الدولي، والضغوط التي تفرضها أطراف سياسية لمحاسبة النواب البرلمانيين الذين هاجموا رجال أمن المطار، إلا أن مراقبين لا يتوقعون أن يتحرك المشيشي ضد نواب ائتلاف الكرامة لاعتبارات عدة.
واعتبر المحلل السياسي خليل الرقيق، أن هشام المشيشي “لا يمكنه اتخاذ أي إجراء”، محمّلا مسؤولية الأحداث التي شهدها المطار لرئيس الحكومة باعتبار أن “ائتلاف الكرامة بعد استشعاره للقوة إثر تنفيذ المشيشي ما أراده هذا الائتلاف من خلال فض اعتصام الغضب (للدستوري الحر بقيادة عبير موسي أمام اتحاد علماء المسلمين بتونس) باستعمال مفرط للقوة، يبدو أن هذه الخطوة شجعت هذا الائتلاف”.
وأضاف الرقيق في تصريح لـ”العرب” أن “المشيشي لا يستطيع فعل أي شيء لأن استمرار حكومته يبقى رهين ذلك التحالف الثلاثي (النهضة، ائتلاف الكرامة وقلب تونس)، إذا نقصت كتلة من هذا التحالف، فالمشيشي سينتهي، دائما سلاح حجب الثقة موجود وسلاح دفعه على الاستقالة موجود أيضا، هشام المشيشي يدفع غاليا ثمن خروجه عن طابع الاستقلالية”.