انبهرت بالمضمون إذن، وألفيت نفسي في الوقت ذاته منبهرا بهذا الأسلوب الذي لم أعهده في ما سبق أن قرأت، وهذه اللغة التي تسمّي الواقع بمختلف تجلياته.

الكتاب والشعراء في تونس وخارجها تجاوبوا مع المشروع الحضاري الذي حمل عنوانَ “مسافر زاده كتاب”.. والنية متجهة إلى تعميم الفكرة على سائر خطوط وسائل النقل.

ويلسون لا يكتفي بتشخيص العبثية واللاجدوى، فهو وإن عرف "الإنسان الخارجي" أو "اللامنتمي" بكونه إنسانا له إحساس حاد بعبثية الحياة، يعتقد أن وراء "النظام" الذي يتصوره معاصروه اضطرابا وفوضى.

كمن من كاتب عندنا في تونس مثلا يثور ثائره إذا ما لمّح ناقد أو باحث إلى أخطائه بدعوى أن الرواية عنده ليست مجرد لغة وقواعد.

طه حسين استفاد مما اطلع عليه من آداب الغرب في القصة والرواية أثناء دراسته في فرنسا، من جهة دقة الوصف وتخير اللفظ المناسب لتسمية الأشياء بأسمائها دون تعميم، ولكنه نهل مما اختزنته ذاكرته من لغة القرآن الكريم، الذي حفظه في سن التاسعة.

رغم المرارة التي كنا نلمسها في مقالات دأب على نشرها بجريدة القدس العربي، فإن الراحل لم يأل جهدا في تحليل الأوضاع التي عقبت الحرب الأميركية على العراق، والتنبيه إلى مزالق المرحلة.

شدتني روح المغامرة التي تحدو بحارة يغالبون المحيط وعواصفه وأنواءه لصيد حوت بعينه، أبيض اللون ليس لعظمة بنيته مثال، ثم انشددت إلى هذه الرغبة الجامحة في الانتقام التي استبدت بالربان آخاب وملكت عليه تفكيره.

الغريب ليس في إسناد الجائزة لنكرة، وإنما في هذه القدرة العجيبة للمترجمة ديبورا سميث، التي استطاعت أن تنفذ إلى أسرار عمل أدبي لنقُل “جليل” ما دام قد حاز إجماع اللجنة.

أجدني أميل إلى تخير الكتب التي لا تزال عالقة بالذاكرة، تلك التي أقبلت عليها أيام اللهفة على مصنفات لم تكن متوافرة بالقدر الكافي.

الأيديولوجيا ليست فقط فكرة أو مشروعا أو مثلا أعلى، بل هي أيضا حركة سياسية، ومعركة تدار في الغالب ضد أيديولوجيات أخرى.

النخب غلب عليها كرهها لإخوان النهضة وحلفائهم المناهضين للنظام السوري، فألهاها ذلك الكره عن النظر إلى المسألة بموضوعية، لترى أن شعبا عربيا يُذبح بيد حاكم ظلوم غشوم، وليس بطلا قوميا.