انفلات زمام الأسعار في مصر يقود أسواقها إلى المجهول

حذر محللون من احتمال انفجار الغضب الشعبي في مصر بعد اشتعال أسعار جميع السلع والخدمات، في أعقاب زلزال خفض قيمة الجنيه بنسبة 14.5 بالمئة، في وقت تعتمد فيه البلاد بشكل كبيرة على الواردات.
الاثنين 2016/03/21
اختفاء الزبائن

القاهرة – أكد مواطنون مصريون أن خفض سعر صرف الجنيه انعكس فورا على الأسواق وأن الأسعار سجلت قفزات كبيرة لا تقل عن 20 بالمئة، وأكدوا أن أسعار بعض الأدوية المستوردة تضاعفت تقريبا.

وكان البنك المركزي قد خفض سعر الجنيه أمام الدولار بنسبة 14.5 بالمئة، ثم رفع سعره بشكل طفيف يوم الأربعاء الماضي، الأمر الذي فجر موجة ارتفاع في الأسعار.

ورصدت “العرب” من خلال جولة في عدد من الأسواق موجة الغلاء الجديدة، حيث ارتفع سعر كيلو الزيت بنسبة 22.2 بالمئة في وقت ارتفع فيه سعر الأرز بنسبة 50 بالمئة. وارتفع السكر بنسبة 25 بالمئة، ما يعني ارتفاع كافة المنتجات التي يدخل السكر في صناعاتها.

وتستورد مصر نحو 90 بالمئة من الزيت من الخارج، لعدم توافر محاصيل زيتية بمعدلات تساعد على تطور صناعة الزيت. وحذر مراقبون من ارتفاع معدلات التضخم وتآكل القدرة الشرائية لعموم المواطنين.

قال عمرو عصفور مدير شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية للقاهرة إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 25 بالمئة، منذ اشتعال أزمة الدولار والخفض الأخير للجنيه المصري.

وأكد لـ”العرب” أن المؤشرات تكشف عن تراجع في القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 بالمئة، في ظل الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين، محذرا من دخول السوق في حالة ركود بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.

وأظهر تقرير التضخم الذي يصدره البنك المركزي شهريا ارتفاع معدلات التضخم خلال شهر فبراير الماضي بنسبة 0.97 بالمئة، أي قبل الخفض المزلزل لسعر صرف الجنيه.

وقالت الغرفة التجارية بمحافظة الجيزة (المجاورة للقاهرة) إن أسعار السلع المستورة ارتفعت بشكل كبير مثل الشاي، الذي تستهلك البلاد منه سنويا ما يصل إلى 340 مليون دولار.

رشاد عبده: سياسات الحكومة الحالية تعمل ضد سياسات وجهود الرئيس المصري

وعلى صعيد الأجهزة الكهربائية، رصدت جولة “العرب” ارتفاعا في أسعار الثلاجات بمختلف أنواعها بنحو 5 بالمئة، أما الأدوات المنزلية ومستلزمات المائدة فارتفعت بنسبة 50 بالمئة تقريبا.

وتستورد مصر نحو 95 بالمئة من هذه المستلزمات من الصين وتايوان، وتأثرت أسعارها نتيجة زيادة التعريفة الجمركية عليها من جهة وخفض قيمة الجنيه من جهة أخرى.

ورفعت مصر التعريفة الجمركية على نحو 615 سلعة في فبراير الماضي بنسبة 10 بالمئة، بهدف تقليل فاتورة الاستيراد لعدم توافر الدولار الأميركي للمستورين.

وقد ارتفعت أسعار كشافات الإضاءة بنحو 25 بالمئة، وهي ضروية لمواجهة انقطاع التيار الكهربائي مع دخول فصل الصيف، حيث الاستهلاك الكبير للطاقة بسبب أجهزة التكييف.

وقال رجب العطار عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية للقاهرة ورئيس شعبة العطارة، إن مصر تعتمد بشكل أساسي على استيراد 95 بالمئة من التوابل.

وأضاف لـ”العرب” أن أسعار الفلفل الأسود ارتفعت بنسبة 66 بالمئة وهو الأكثر استهلاكاً على مائدة الطعام لدى الكثير من الأسر، في ظل إحجام كبير من جانب المستهلكين على الشراء.

ووصلت فاتورة الواردات المصرية خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي إلى 37.2 مليار دولار، في وقت تراجعت فيه الصادرات بنحو 17.5 بالمئة لتبلغ نحو 15.4 مليار دولار.

ولم تسلم أسعار الأدوية المستوردة من لعنة الدولار التي تطارد المنتجات بالسوق، حيث أكد حازم محمود (صيدلي) بمنطقة القاهرة أن أسعار الأدوية المستوردة شهدت ارتفاعاً بنحو 20 بالمئة.

وأضاف لـ”العرب” أن هذه الارتفاعات وصلت إلى نحو الضعف في عدد منها، حيث ارتفع سعر عبوة “جيسبرين” مثلا من 0.56 دولار إلى 1.12 دولار.

عمرو عصفور: القدرة الشرائية تراجعت إلى النصف ومخاوف من دخول مرحلة ركود

كما ارتفعت أسعار غالبية مستحضرات التجميل بنحو 30 بالمئة، فيما صعدت أسعار العدسات اللاصقة بنسبة 75 بالمئة.

وحذر رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة من تزايد مؤشرات السخط الشعبي على الحكومة الحالية، بسبب موجات الغلاء التي طالت الأسواق.

وقال لـ “العرب” إن رئيس الوزراء شريف إسماعيل أكد مرارا أنه لن تترتب على خفض قيمة الجنيه أي ارتفاعات في الأسعار، إلا أن السوق أظهر عكس ذلك تماما.

ودعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى حملة لخفض الأسعار الشهر الماضي، وطلب من المؤسسات المنتجة التابعة للجيش تزويد السوق بالمزيد من المنتجات للحد من ارتفاع الأسعار.

وأشار رشاد عبده إلى أن الرئيس السيسي “يعمل في واد والحكومة تعمل في واد آخر، ما ينذر بغضب شعبي، بسبب عدم قدرة سياسات الأخيرة على توفير مظلة اجتماعية لحماية الفقراء”.

ومع أن مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية رحب بدعوة تخفيض الأسعار، غير أن التجار قاموا برفعها فعلا، وهو ما ضاعف الأعباء على كاهل المواطنين.

وقال عضو في مجلس إدارة الاتحاد “إننا قمنا منذ بداية العام بحساب سعر صرف الدولار أمام الجنيه عند مستويات 10 جنيهات لكل دولار، بدلا من السعر المعلن في البنوك حينها والبالغ 7.83 جنيه لكل دولار، لأننا لم نجد سياسة واضحة لسعر الصرف”. وأضاف لـ“العرب” أن التجار قاموا بخطوة استباقية برفع الأسعار الفترة الماضية، ورجح أن يشهد السوق المصري زيادات جديدة نتيجة حالة الغموض التي تشهدها السياسة النقدية.

11