راعي الماعز
تعتبر تجربة لوان ستاروفا الروائية والشعرية معبرا ضروريا لقراءة مسارات الأدب المقدوني الحديث. في فضائها تلتقي آثار أصوله الألبانية وذكرى دولة كانت تسمى يوغسلافيا وصوت بلد حديث الولادة من مفارقاته أنه ذكر في الإنجيل.
يستحضر لوان ستاروافا في ثلاثيته مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حينما عمل النظام الجديد على إجبار الفلاحين على مغادرة قراهم وعلى الاستقرار بالمدن لخلق طبقة بروليتارية جديدة.
كانت مرحلة النظام الستاليني فترة مأساوية بالنسبة إلى لوان ستاروفا. وكان بإمكانه أن يعبر عن تراجيديا الدول الشيوعية بطريقة تأريخية وكرونولوجية، غير أن هدفه لم يكن هو الكتابة عن الألم وإنما عن البلاهة التي تخلق هذا الألم، وعن هؤلاء المجانين الذين أقدموا على قتل حيوانات الماعز مدفوعين بنزعة العنف.
يعتبر لوان ستاروفا تجربة الكتابة سفرا يتجاوز الحدود التي تشكل تعبيرا عن تصور ضيّق للإنسان ولحريته. لذلك ستكون تجربته كسفير ليوغسلافيا السابقة لدى الفلسطينيين بتونس محطة استثنائية في مساره.
عاش لوان ستاروفا إذن هذا الحلم، وكانت ثمة، بالنسبة إليه، علاقة بين التاريخ العريق لقرطاج ومقاومتها العميقة وبين تواجد الفلسطينيين بتونس الذين كانت تربطه بهم علاقة تعاون كبيرة باعتباره سفيرا لدى دولتهم التي لم تكن موجودة حينها.
ولذلك نسج لوان ستاروفا علاقة خاصة مع العرب ومع الفلسطينيين خصوصا. وذلك بحكم ما يعتبره ستاروفا ألما مشتركا. وانسجاما مع ذلك، كان ديوان “قصائد قرطاج”، الذي أصدره ستاروفا بتقديم من أدونيس، شكلا من الاحتفاء بكل هذه التفاصيل وأيضا بقيمة اللقاء بين تراجيديا حياة ستاروفا الخاصة وتراجيديا المكان.
كاتب من المغرب