تكريم موسم أصيلة للإعلامي المغربي محمد البريني يطرح سؤال الاستقلالية والمهنية

تجربة الإعلامي محمد البريني مثلت فرصة لعدد من الإعلاميين والمهنيين لتدارس هموم وآفاق مهنة الصحافة وتحدياتها وواقعها.
الاثنين 2021/11/15
صاحب بصمة بازرة

أصيلة (المغرب)- اختار موسم أصيلة الثقافي هذه السنة الاحتفاء بالإعلامي المغربي محمد البريني بوصفه شخصية مهرت المشهد الفكري والسياسي والثقافي ببصمة بارزة.

وقال رئيس مؤسسة موسم أصيلة محمد بنعيسى الذي قرر إطلاق اسم محمد البريني على القاعة الرئيسية لمركز الحسن الثاني للمؤتمرات إن “هذا التكريم لم يكن فقط محطة لتعداد خصال الرجل المهنية، لكن كان فرصة لتتبع نشأة ومسارات تجارب صحافية مهمة في تاريخ المغرب المعاصر، انطلاقا من الحزبي الى مرحلة المستقل بعد أن أصبح هاجس الصحافة كمهنة أولويته الأولى”.

وأضاف بنعيسى أن “مفهوم الرأي العام لم يعد مجرد مستقبِلِ سلبي للخطاب الإعلامي، بل أصبح متفاعلا مع منشئ المضمون، بالنقد والتثمين والتصحيح والتجريح، ما يجعل مهمة القيادات الصحافية مهمة معقدة”.

وكان التكريم محطة لتعداد خصال الرجل المهنية، وتتبع مساره المهني والإنساني والسياسي، حيث راكم تجارب صحافية مهمة عندما اشتغل صحافيا ثم رئيسا لتحرير جريدة “الاتحاد الاشتراكي” من عام 1983 إلى غاية 1995، قبل أن يشرف على إطلاق صحيفة “الأحداث المغربية” منذ عام 1998 حتى غاية 2014.

ومثلت تجربة الرجل فرصة لعدد من الإعلاميين والمهنيين لتدارس هموم وآفاق مهنة الصحافة وتحدياتها وواقعها، وذلك في جلستين عنوانهما “محمد البريني: الصحافة الحزبية على ضوء تجربة إدارة جريدة الاتحاد الاشتراكي” و”الصحافة المستقلة: تجربة صحيفة الأحداث المغربية”، عبر ثلة من الصحافيين والإعلاميين والكتاب.

وكان الاحتفاء بقيدوم الصحافة المستقلة في المغرب مناسبة لتسليط الضوء على الصحافة الحزبية بالمغرب، خصوصا مع تجربة وباء كورونا التي كانت قاصمة لظهر مؤسسات صحافية محليا وعالميا، ليؤكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية عبدالله البقالي “أن الذي استطاع الصمود أكثر هو الصحافة الحزبية، دون الحديث عن أدائها، بل ولأن وراءها مؤسسة حزبية”.

وتوقف المدير العام لوكالة المغرب العربي خليل الهاشمي الإدريسي عند جهود محمد البريني، رفقة ثلة من الناشرين والمسؤولين بالصحف، في هيكلة قطاع الصحافة والإعلام والتي بذل فيها “مجهودا كبيرا لا يمكن نسيانه، مؤمنا بالتدرج في تحقيق المكتسبات وفي بناء الثقة المتبادلة”، معتبرا أن النموذج المغربي في تأطير المهنة كان فريدا وناجحا، بل حقق الريادة المغربية إقليميا وقاريا. لكن الهاشمي أكد “أننا في حاجة إلى زخم جديد ودينامية جديدة لإعادة بناء قطاع متهالك اقتصاديا وأخلاقيا، والبحث عن مصداقية جديدة إزاء الرأي العام وكذلك إزاء السلطات العمومية”.

ويرى الهاشمي من منطلق التجربة أن الصحافة المهنية أقسى من قيود الصحافة الحزبية؛ ففي الصحافة المهنية هناك مواجهة الخط التحريري أي سوق القراء المتقلب، والسوق نفسه أي سوق الإعلانات بانحرافاته وإغراءات الرقابة التي تتخلله.

وأكد محمد برادة، الرئيس المدير العام لشركة “سابريس” لتوزيع الصحف سابقا، أنه “آن الأوان لأن توجه الدولة هذا الدعم للصحافة المكتوبة من أجل مواجهة الارتفاع الحاصل في أسعار الورق والطباعة، وتكاليف التجهيز والتكوين المستمر”، وأضاف أنه “إذا كان دعم الصحافة مكسبا يجب المحافظة عليه فبالموازاة مع ذلك يجب تحديد الأهداف التي من أجلها يُمنح الدعم”.

واعتبر يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، أن “المغرب في حاجة إلى صحافة قوية مع التحول الرقمي الطاغي والضاغط يوما بعد يوم، وهذا يحتاج إلى إعادة النظر في النموذج الصحافي كله”.

من جانبه قال وزير الثقافة والاتصال السابق محمد الأشعري “عندما يوضع البريني في وضعية الاختيار بين المهنية والانتماء السياسي، يرجح بصرامة وشغف أيضا كفة المهنية، ولهذا في وقت الاصطدام داخل الحزب كان اختياره هو الخروج من دائرة الصحافة الحزبية الضيقة المحكومة بأفكار الحزب، نحو صحافة مستقلة بخط تحريري مغاير”.

ويقول الهاشمي “رغم أن الانتماء السياسي كمناضل والمهني كصحافي نهجان لا يلتقيان في العادة إلا أن البريني عمل جاهدا كي يجمع بين الأمرين، وعندما لم يعد ذلك ممكنا كان لا بد له من الاختيار”، موردا أن “الصحافي المهني انتصر على المناضل السياسي دون أن يتنكر لقيمه أو يخون قناعاته، كونه استطاع دحض تلك التبعية السياسية العمياء التي تلغي الذكاء، والسلوك الحزبي الذي ينفي أي نشاط فكري لائق أو عقلاني”.

يذكر أن البريني من مؤسسي الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، وكتب مشروع القانون الأساسي وحرر ميثاق الأخلاقيات الفيدرالي، يقول رئيس فيدرالية ناشري الصحف بالمغرب نورالدين مفتاح، حيث ظل ضمير التنظيم وصوت الاعتدال فيه، وهاجسه دائما هو إصلاح قانون الصحافة وأخلاقيات المهنة.

16