تعاون استخباراتي مغربي - فرنسي يُقوض مخططا إرهابيا لاستهداف الرباط

أسفر تعاون أمني بين الرباط وباريس إلى إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف العاصمة المغربية، حيث تم توقيف طالبة تبلغ من العمر 21 سنة، موالية لتنظيم "داعش"، وذلك في عملية أمنية استباقية جرت مساء الجمعة الماضي.
الرباط - مكّن تعاون أمني بين المغرب وفرنسا من إحباط مخطط إرهابي لاستهداف منشأة دينية في الرباط، في عملية استباقية تم خلالها اعتقال طالبة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وهو ما يعتبره المراقبون مؤشرا جديا على اليقظة الأمنية العالية في التصدي لمخاطر الإرهاب.
وأعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في المغرب، في إطار تعاون عملياتي وتنسيق معلوماتي مع الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية، عن توقيف طالبة تبلغ من العمر 21 سنة، موالية لتنظيم “داعش”، كانت بصدد الإعداد لمخطط إرهابي خطير يستهدف منشأة دينية في مدينة الرباط، وذلك في عملية أمنية استباقية جرت مساء الجمعة 28 يونيو الجاري.
ووفق بلاغ رسمي صادر عن المكتب، فإن هذه العملية نُفذت بناء على معلومات استخباراتية دقيقة وفّرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، حيث تم تحديد هوية المشتبه فيها التي تتابع دراستها في أحد المعاهد التقنية العليا، ورصد تحركاتها المتطرفة بعدما انخرطت فعليا في مراحل متقدمة من الإعداد لمشاريع إرهابية، وتم إحباط المشروع قبل بلوغه مرحلة التنفيذ بعدما اكتسبت مهارات في تصنيع المتفجرات وإعداد السموم القاتلة، وبدأت في جمع المعدات الضرورية لتنفيذ عملية إرهابية.
وخلال عملية التفتيش التي أجريت بمنزل المعنية بالأمر، تم حجز مواد قابلة للاشتعال، ومخطوطات تحرّض على التطرف والعنف، بالإضافة إلى كتب تروّج لأفكار التعصب والتكفير، ما يؤكد الطابع الأيديولوجي العنيف للمشروع الإرهابي.
وتُبرز هذه العملية الأمنية المشتركة، بحسب البيان، نجاعة التعاون الثنائي الوثيق بين مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ونظيرتها الفرنسية، وهو تعاون مكّن في أكثر من مناسبة من إحباط محاولات إرهابية كانت تستهدف أرواح المواطنين وسلامة المؤسسات الوطنية.
وأفاد هشام معتضد، الخبير في الشؤون الإستراتيجية، في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الخطوة الاستباقية تعكس مستوى الشراكة الجديدة بين باريس والرباط، من خلال التعاون في قضايا الأمن ومجال الاستخبارات باعتباره عنصرا محوريا يمكّن البلدين من دعم الاستقرار الإقليمي في حوض البحر الأبيض المتوسط، وقد أصبحت القضايا الأمنية، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، من التحديات المشتركة التي تؤثر على المغرب وفرنسا.”
ووصف وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، في آخر زيارة له إلى المغرب، التعاون الثنائي في هذا المجال بـ”الممتاز”، مشيدا بالعمل “الاستثنائي” الذي يقوم به المغرب في مجال تبادل المعلومات والاستخبارات من أجل التصدي للتطرف على نحو أفضل، والعمل سويا لتلافي الهجمات التي من شأنها أن تطال المغرب أو فرنسا، مشددا على أهمية الحفاظ على هذا التعاون في مجال تبادل المعلومات الذي “يسمح لنا بتجنب المآسي سواء في فرنسا أو في المغرب.”
وفي سياق التعاون الثنائي أوضح بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أن “أهمية هذا المخطط المشترك، تكمن في كونه يسمح بمأسسة آليات التعاون المتميز القائم منذ عقود بين مصالح الأمن المغربية والفرنسية، ويدفع كذلك في اتجاه تطوير وتوسيع مجالات هذا التعاون، لتشمل إمكانية خلق مجموعات عمل مشتركة لمواجهة مختلف التحديات المرتبطة بالجريمة المنظمة، بما في ذلك تعقب الأشخاص في حالة فرار والمبحوث عنهم دوليا.”
من جهته شدد خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية في تصريح لـ”العرب” على أن “التعاون المغربي – الفرنسي في مجال مكافحة الإرهاب مسألة أساسية في هذه العلاقات والتي يمكن توسيعها إلى المجال الأوروبي كاملا، مركزا على أن تحويلها إلى مجالات ذات طبيعة تربوية وتعليمية يبقى مسألة أهم، لأننا نتحدث عن منبع هذه الأفكار المتطرفة التي تتحول إلى شكل من أشكال الإرهاب العنيف، لأن الممارسات العنيفة تنهل من الأفكار ذات الطبيعة المتطرفة.”
وفي ظل تعزيز المساعدة المتبادلة بين الطرفين لضمان أعلى مستويات الجاهزية لتحييد مختلف المخاطر والتهديدات الأمنية والمخاطر المحدقة بأمن البلدين، أكد الجانب الفرنسي على أن منح عبداللطيف حموشي أسمى الأوسمة الفرنسية، هو اعتراف وتأكيد على الدور الريادي الذي تضطلع به مصالح الأمن الوطني بالمملكة المغربية في الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو أيضا إشهاد على نجاعة وفاعلية المساعدة الأمنية المتبادلة بين البلدين بما يدعم ويخدم قضايا الأمن المشترك.
وتؤكد هذه العملية مرة أخرى، حسب المكتب المركزي للأبحاث القضائية، على الأهمية البالغة للجهود الأمنية الاستباقية في مواجهة التهديدات الإرهابية، خصوصا في ظل استمرار محاولات التنظيمات المتطرفة استهداف أمن واستقرار المملكة المغربية، من خلال استغلال شبكات التجنيد الإلكتروني والتغرير بالشباب.
وتم وضع المشتبه فيها تحت الحراسة النظرية، بتعليمات من النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، في انتظار تعميق البحث للكشف عن الجهة التي قامت باستقطابها وتجنيدها، وتحديد طبيعة الارتباطات المحتملة التي قد تكون تجمعها بتنظيمات إرهابية دولية أو إقليمية.
ويُنتظر أن يُسفر التحقيق الجاري عن معطيات إضافية بشأن طبيعة المخطط الإرهابي الذي كانت المشتبه فيها تُعد له، وسُبل الدعم الذي تلقته في مراحل التخطيط، وهو ما يُسلّط الضوء مجددا على ضرورة رفع مستوى اليقظة في مواجهة خطر التشدد داخل الأوساط التعليمية والشبابية.
وفي مايو الماضي، تمكنت الأجهزة الأمنية المشتركة من تفكيك مخطط إرهابي، كان يقوده جندي فرنسي سابق تحول إلى متطرف خطير، ويتعلق الأمر بالمدعو مانويل ب، البالغ من العمر 41 عامًا، والذي كان يستعد للانضمام إلى كتيبة جهادية متشددة تنشط في سوريا، حيث يُعتبر محركًا لخلايا متطرفة محلية ويشرف على تدريبات شبه عسكرية.