مشاركة جزائرية مخيّبة في أولمبياد طوكيو

الجزائر - منيت الجزائر بخيبة أمل كبيرة جراء مشاركتها السلبية في أولمبياد طوكيو حيث لم تحصل على أيّ ميدالية عكس بعض البلدان العربية وغير العربية التي لا تملك تقاليد في رياضات النخبة، الأمر الذي أثار جدلا في الوسط الرياضي والإعلامي المحلي حول الأسباب والخلفيات الحقيقية للنكسة الأولمبية لاسيما في ظل الصمت الذي يلتزم به مسؤولو الرياضة.
وتقترب الجزائر من تسجيل مشاركة صفرية في أولمبياد طوكيو في انتظار نتيجة رياضية الكاراتيه نبيلة معطوب التي دخلت مرحلة التصفيات منذ السبت، فيما عاد الوفد المشارك على مراحل إلى البلاد يجر خلفه أذيال الخيبة ووسط انتقادات شديدة للقائمين على شؤون رياضة النخبة.
وكشفت المشاركة الجزائرية في أولمبياد طوكيو أن منتخب كرة القدم الأول هو الشجرة التي تغطي الغابة، في ظل التراجع الرهيب في نتائج الرياضات التي امتلكت فيها الجزائر تقاليد خلال العقود الماضية على غرار الملاكمة وكرة اليد والعدو في المسافات المتوسطة وغيرها.
أسوأ مشاركة
اعتبر متابعون للشأن الرياضي الجزائري أن مشاركة طوكيو هي الأسوأ على الإطلاق، فقد سبق أن كانت النتيجة صفرية في أولمبياد أثينا، إلا أن عدد المشاركين كان أقل من العدد الحالي، ويبقى أولمبياد سيدني هو الأحسن في تاريخ الجزائر أين تم جلب خمس ميداليات.
وشاركت الجزائر في أولمبياد طوكيو بأربعة وأربعين رياضيا في مختلف التخصصات غير أن النتيجة كانت سلبية على طول الخط، وانكشفت معها أزمة رياضة النخبة في البلاد، حيث يعاني الرياضيون في صمت ووسط تهافت على المسؤوليات في الهيئات الرسمية للأغراض الضيقة.
وشكل الوفد المرافق المكون من 210 أعضاء علامات استفهام لدى الشارع الرياضي، واعتبروه وجها من أوجه الفساد الذي عمّ مختلف القطاعات بما فيها الرياضة، التي لا تزل حسب هؤلاء تمثل فرصة للسياحة والتبضع على حساب آمال الجمهور الرياضي الطامح إلى رفع الراية الوطنية في المحافل الدولية.
ومع عودة الوفد المشارك بدأ التراشق بالتهم وتحميل المسؤوليات بين رياضيين يشكون من غياب الإمكانيات الضرورية لتحضير منافسة من حجم الأولمبياد، ويتهمون مسؤولي الاتحادات واللجنة الأولمبية بالاستهانة بالرياضيين وبالرياضة عموما، وبين مسؤولين علّقوا كل شيء على جائحة كورونا والإغلاق، الذي أعاق عمل الرياضيين والهيئات المختصة.
الجزائر شاركت في أولمبياد طوكيو بأربعة وأربعين رياضيا في مختلف التخصصات غير أن النتيجة كانت سلبية على طول الخط
ويبدو أن انسحاب العداء توفيق مخلوفي (1500 متر) في اللحظات الأخيرة قبل سفره المقرر إلى طوكيو بدعوى الإصابة التي تجددت لديه قد حطم آمال هيئة الرياضة التي كانت تراهن عليه لإنقاذ الموقف، وهو الذي تعوّد على حفظ ماء وجه المشاركة الجزائرية في الأولمبياد السابق.
لكن اللافت أن الظروف الاقتصادية والمالية للبلاد قد ألقت بظلالها على القطاع الرياضي، فقد كلفت المشاركة الحالية بحسب أرقام أولية غلافا ماليا قدر بستة ملايين دولار، بينما قدرت في الأولمبياد الماضي بحوالي 18 مليون دولار، وهو ما انعكس على ظروف التحضير لمختلف الرياضيين ونفقاته.
غير أن شكوى الرياضيين ذهبت أبعد من ذلك، حيث صرح رحوي إلياس أحد رياضيي الجودو لدى وصوله إلى مطار الجزائر للصحافيين بأنه "لا نتائج بلا إمكانيات تحضير، أعطونا ظروفا ووسائل ملائمة وحاسبونا على النتائج.. أنا طالب مغترب كنت أحضّر بإمكانياتي الخاصة، ولا أستطيع أن أكون في مستوى إمكانيات دولة".
وظهر الارتباك على المشاركة الجزائرية وسوء التخطيط والبرمجة والاستشراف من خلال خسارة عدد من الرياضيين، أعلن عن إصابتهم بوباء كورونا في آخر المطاف قبل سفرهم إلى طوكيو من تركيا التي كانوا يتدرّبون فيها.
أهداف ضائعة
ضيّعت بذلك مشاركة وليد بيداني في رياضة رفع الأثقال والدراج يوسف رقيقي، والعداءين ثابتي وسجاتي وآخرين عقب إصابتهم بكوفيد - 19 في تركيا، أين كانوا يجرون استعداداتهم الأخيرة في إطار اتفاقية تعاون رياضي بين الجزائر وتركيا، حسب ما صرّح به نائب رئيس اللجنة الأولمبية إلياس لوعيل.
كما فقدت الجزائر مشاركة فتحي نورين في رياضة الجودو، الذي قرر الانسحاب بعدما أوقعته القرعة ضد خصم من إسرائيل، وهو الانسحاب الذي أثار لغطا كبيرا في الجزائر، أين سجل انقسام بين مؤيدين ومعارضين، لكن غياب قرار مركزي حاسم بدا واضحا من خلال تصريحات المصارع.
وأخذ قرار فتحي نورين بعدا سياسيا وأيديولوجيا، بعد دخول قوى ومؤسسات أهلية على الخط بدعمها للمصارع وتنظيم تكريمات رمزية له على غرار جمعية علماء المسلمين الجزائريين المقربة من التيار الإخواني.
وصرّح المصارع للصحافيين عقب عودته من طوكيو بأنه "بعد الإعلان عن القرعة، لم أجد أيّ مسؤول من الاتحادية أو اللجنة الأولمبية للتشاور حول القرار النهائي، ولأن خطاب الدولة وعلى رأسها رئيس الجمهورية، يتبنى قرار المقاطعة والتضامن مع القضية الفلسطينية، أعلنت بعد سبع ساعات لقناة جزائرية بأنني سأنسحب".
وأضاف "لا أدري من أبلغ اللجنة الأولمبية الدولية بعد دقائق قليلة من تصريحي، أظن أن وشاية أو خيانة خرجت من المعسكر.. في آخر المطاف جاءني رئيس الاتحاد وخاطبني بأسلوب مستفز: أنت تمثل الجزائر أم فلسطين".
وفيما اتهم المدرب والمصارع عمار بن يخلف مسؤولي رياضة النخبة بالتسيب والإهمال وسوء التخطيط، فإن رئيس اللجنة الأولمبية ورئيس اتحاد ألعاب القوى لوعيل أكد أن "وباء كورونا وغلق الأجواء أثرا كثيرا على المشاركة الأولمبية"، وهو المبرر الذي شاركه فيه وزير الشباب والرياضة السابق سيد علي خالدي، المتهم الأول بالنكسة المذكورة، لكن للرياضيين والفنيين رأي آخر هو أن "كورونا أصاب الجميع وليس الجزائر فقط".