الشكوك تحاصر الحزمة الجديدة لتحفيز الاقتصاد في تونس

الحكومة تحتاج إلى تمويلات وتسهيل الإجراءات الإدارية وتعزيز الشفافية حتى تنفّذ البرنامج.
الأربعاء 2021/07/14
حيرة ممزوجة بالإحباط

استقبل خبراء تونسيون الحزمة الجديدة للتحفيز التي صادق عليها البرلمان لإعطاء الاقتصاد المنهك نفسا جديدا للانتعاش بكثير من التشكيك في تجسيدها واقعيّا في ظلّ الصعوبات المالية التي تمر بها البلاد، والتي من المرجح أن تكبل الحكومة وتمنعها من تنفيذها.

تونس - رجّح خبراء ومحللون صعوبة تنفيذ مشروع قانون إنعاش الاقتصاد الذي صادق عليه البرلمان التونسي مساء الاثنين الماضي بعد ساعات من الجدل والفوضى بسبب عدم توفر التمويلات اللازمة لذلك.

وتحمل حزمة التحفيز الجديدة الكثير من الإجراءات الشبيهة بإجراءات اعتمدتها حكومات سابقة والتي تقول حكومة هشام المشيشي إنها ستساعد القطاعات الإنتاجية والشركات والمواطنين على تجاوز أزماتهم بشكل تدريجي.

وقال وزير المالية علي الكعلي إن “هذا القانون سيمكّن التونسيين من امتلاك عملة ‘بتكوين’ وفتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة، والحصول على قروض سكن بنسبة فائدة ضعيفة تسدد على مدة أقصاها 40 عاما”.

وتتيح حزمة التحفيز توفير الإمكانيات المالية اللازمة للشركات المتضررة من أزمة كورونا، فضلا عن إجراءات أخرى ستمكن من تسهيل عملها وضمان استدامة نشاطها.

كما تتضمن إجراءات لتخفيف العبء الضريبي عن الشركات ودفع الاستثمار على غرار مساندة الشركات المصدرة كليا في استرجاع وتيرة نشاطها وتخفيف العبء الضريبي عنها.

واستبعد خبراء نجاح تلك الإجراءات في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد، واعتبر هؤلاء أنه يتطلب توفر مناخ من الثقة بين السلطات والمواطنين.

أهم الإجراءات الجديدة

  • تخفيف العبء الضريبي عن الشركات ودعم مناخ الاستثمار
  • منح قروض سكن بنسبة فائدة ضعيفة تسدد على مدة أقصاها 40 عاما
  • امتلاك التونسيين عملة بتكوين وفتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة
  • إدماج الأنشطة والأموال المتأتية من السوق الموازية في الاقتصاد الرسمي
  • مكافحة التهرب الضريبي ودعم الشفافية المالية
  • تقليص التداول بالنقود والتحفيز على التعامل بالمدفوعات الإلكترونية

وقال الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان لـ”العرب” إن “تطبيق الإجراء سيكون صعبا جدا، وإذا أخذنا جانب القروض والفوائد فهذا سيخلق مشكلة عوض أن يحل أخرى، لأن نسبة فائدة لا تتجاوز 3 في المئة ستجبر الدولة على تغذية الفارق بين 8 و9 نقاط مئوية”.

وأوضح أن مثل هذه “العمليات تتطلب مستوى من الثقة عاليا جدا بين المواطن والإدارة، وبين المواطن والدولة، ولكن المستوى متدنّ جدا الآن، وبالتالي حظوظ نجاح التجربة محدودة جدا”.

وتابع سعيدان “القانون فيه الكثير من الشعبوية وصعوبة التطبيق، ويذكرني في جوانب منه بالقانون عدد 38 بخصوص تشغيل من طالت بطالتهم من خريجي الجامعات الذي أجازه البرلمان”.

وأردف “المصادقة تأتي كمحاولة لتخفيف الضغوط، وهذه محاولة فاشلة وستضيف فشلا على فشل، لأن الانشغال الحقيقي في البلاد اليوم متعلق بإدارة الجائحة الصحية وكيفية حماية أرواح التونسيين، فضلا عن تجنب جدولة الدين الخارجي”.

وتشمل حزمة التحفيز إجراءات لإدماج الأنشطة والأموال المتأتية من السوق الموازية في الدورة الاقتصادية الرسمية وأخرى لترشيد تداول الأموال نقدا، كما يضم القانون إجراءات لمكافحة التهرب الضريبي ودعم الشفافية المالية.

وسيعطي القانون الشركات العاملة في البلاد تسهيلات للحصول على قروض مصرفية لمواجهة الأضرار الناجمة عن الوباء بشروط وفوائد ميسرة وتقليل التعامل بالنقد من خلال خطوات تصل إلى نحو 5 في المئة على المدفوعات الإلكترونية أو الرقمية بالبطاقات البنكية والشراء عبر الإنترنت.

ويرى محللون أن نسبة الفائدة المقترحة بشأن القروض وحتى مسألة تقسيط القروض بالنسبة إلى المواطنين لامتلاك منزل، على سبيل المثال، تبقى صعبة التحقيق في ظل الانشغال بالأزمة الصحية الآن، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن.

وقال وزير التجارة السابق محسن حسن إن “الوضع الصحي خطير الآن ويجب تعميم التلقيح أولا، ولكن لا بد من أن تأخذ الأوامر التطبيقية للقانون الجديد بعين الاعتبار عدة نقاط، والحكومة عليها أن توضح مسألة خطوط التمويل”.

 محسن حسن: ثمة إجراءات غير قابلة للتحقيق نظرا لتدني القدرة الشرائية
 محسن حسن: ثمة إجراءات غير قابلة للتحقيق نظرا لتدني القدرة الشرائية

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “مسألة الفائدة والقروض على 40 سنة قرار غير قابل للتطبيق ولا التحقيق في علاقة بالقدرة الشرائية للمواطنين”.

ونشرت رئاسة الحكومة بعض تفاصيل مشروع قانون إنعاش الاقتصاد وتسوية مخالفات قانون الصرف، في واحدة من مساعيها البطيئة التي كبلتها العديد من العوامل المركبة

ويتضمن المشروع خط تمويل بحوالي ثلاثة مليارات دينار (نحو مليار دولار) بضمان الدولة لفائدة الشركات المتضررة من الجائحة، بنسبة فائدة سنوية لا تتجاوز 3 في المئة وفترة سداد على 7 سنوات مع مدة إمهال بسنتين.

وفشل البرلمان التونسي في تمرير هذا القانون المعلق منذ سنوات في جلسته العامة المنعقدة الأربعاء الماضي قبل تمريره الاثنين.

وتعاني تونس من تراجع تاريخي في نسبة النمو الذي انكمش بواقع 8.8 في المئة العام الماضي، ليبلغ حوالي 3 في المئة بنهاية الربع الأول من العام الجاري.

وتشير التقديرات الرسيمة للبنك المركزي إلى أن الدين العام لتونس ارتفع إلى 98 مليار دينار (35.2 مليار دولار)، في نهاية شهر أبريل الماضي، أي بزيادة قدرت بحوالي 4.8 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وليس ذلك فحسب، بل تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بواقع 31.9 في المئة في الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي.

وتحتاج الحكومة التونسية إلى تعبئة موارد مالية عبر الاقتراض بقيمة 18.5 مليار دينار تونسي (نحو 6.77 مليار دولار) لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021.

وتتوزع الديون الجديدة بين اقتراض داخلي في حدود 5.6 مليار دينار (ملياري دولار) واقتراض خارجي بقيمة 13 مليار دينار (4.67 مليار دولار).

11