الفنانون في الإمارات يواجهون الوباء بالفن الساخر

"المسافة أمان".. معرض ضاحك يُعيد البسمة إلى الوجوه.
الثلاثاء 2021/07/06
هجمة بهجمة.. والحل في اللقاح

أملا في أن يعود الناس إلى سابق عهدهم وتدور عجلة الحياة من جديد، قرّر فنانو كاريكاتير إماراتيون، المشاركة في ترميم ما خلفته الجائحة والسعي لإعادة البسمة والبهجة للمجتمع الإماراتي عبر معرض كاريكاتير افتراضي حمل عنوان “المسافة أمان”.

الشارقة (الإمارات) - اختار فنانون إماراتيون، فن الكاريكاتير ليكون وسيلتهم لإعادة البسمة لمجتمع الإمارات بعد ما كابدته البشرية جمعاء من تغيّر في نمط وأسلوب الحياة جراء جائحة كورونا. وهو اختيار أتى على خلفية أن فن الكاريكاتير يعدّ من الفنون البصرية المحبّبة للمجتمع الإماراتي خاصة ولجميع الجنسيات ومختلف الأعمار والثقافات بشكل عام، جاعلين من بين أهدافهم: إعادة الثقة والتوازن في نفوس أفراد المجتمع جميعا، مؤمنين بقوة الكاريكاتير في خلق التأثير المباشر على الجمهور.

وضمن هذا الإطار تم في منتصف شهر يونيو الماضي إطلاق معرض كاريكاتير افتراضي حمل عنوان “المسافة أمان” يشارك فيه خمسة من فناني الكاريكاتير بالإمارات هم: آمنة الحمادي، وزبيدة الجابري، وبدر المشرخ، وخالد الجابري، وفيصل راشد القاسمي.

تهكّم مرح

فيصل راشد القاسمي: لوحات المعرض تتناول بشكل ساخر حملات التطعيم ضدّ الوباء
فيصل راشد القاسمي: لوحات المعرض تتناول بشكل ساخر حملات التطعيم ضدّ الوباء

المعرض الذي أُقيم افتراضيا، قبل أن تنتقل الأعمال المشاركة به للعرض في ميغا مول الشارقة، حتى الثلاثين من يوليو الجاري، وسط إجراءات احترازية مشدّدة للوقاية من فايروس كورونا، يهدف أساسا إلى إرجاع البسمة للمجتمع الإماراتي بعد الجائحة.

وعن المعرض قال الفنان الإماراتي فيصل راشد القاسمي “لوحات المعرض التي تبلغ 21 لوحة، تعالج موضوعات تتعلق بانتشار فايروس كورونا، وسبل الوقاية منه، وتتناول بشكل ساخر حملات التطعيم ضدّ هذا الوباء، وما فرضه من تدابير احترازية على البشر جميعا، مثل ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، وقضايا أخرى تدور جميعها في فلك الجائحة وتداعياتها، وذلك أملا في إعادة البسمة إلى وجوه الإماراتيين، والإنسانية جمعاء”.

والقاسمي، بدأ مسيرته مع الفنون التشكيلية مبكّرا، ومن المدهش أنه امتلك ورشة فنية وهو في مرحلة التعليم الابتدائي، لكن علاقته بالكاريكاتير بدأت في العام 2010، من خلال جريدة الخليج.

وتكشف شخصية القاسمي عن شغفه بالفن، وتفرّده في الوسط الكاريكاتيري باختياره لشخصيات آدمية، وبرغم بدايته التي يعتبرها متأخرة في عالم الكاريكاتير إلاّ أنه يحاول الوثب سريعا لمجاراة أقرانه بدعم الرسم بالتعلم ونهم القارئة والتدريب.

وللقاسمي، مشاركات في معارض محلية وخليجية ودولية، واختيرت أحد أعماله لكتالوغ جائزة محمود كحيل للكاريكاتير السياسي، وهو يعمل حاليا مدربا للفنون والحرف، وبجانب مشاركاته في مجال الفنون التشكيلية والكاريكاتير له عدة أبحاث في مجال الكاريكاتير وأعمال في المجال التشكيلي.

ومن جانبه، أشار الفنان حامد عطا، المنسق العام للمعرض، إلى المكانة التي يتمتّع بها فن الرسوم الكاريكاتيرية في الإمارات، وانتشاره بين الناس، ورأى بأن الإمارات غنيّة برسّامي الكاريكاتير الذين يتمتّعون بخيال واسع، بجانب إحساسهم العالي بالفكاهة، وقدرتهم على تناول جُل القضايا المجتمعية بأسلوب ساخر.

وأشاد عطا بالأعمال التي شاركت في المعرض، وبمسيرة وخبرات الفنانين المشاركين، وأكّد على أن معرض “المسافة أمان” جاء ليؤكّد على أهمية دور الفنون في خدمة المجتمع، والتعبير عن قضاياه.

أصوات مؤثرة

تحضر في معرض “المسافة أمان” الفنانة آمنة الحمادي، التي درست الفنون بكلية التربية الفنية، في جامعة الإمارات، وتعمل رسامة كارتون في مجلة ماجد، وهي أيضا صاحبة شخصية أمونة.

والحمادي رسامة كاريكاتير في عدة صحف ومواقع بينها جريدة الاتحاد، وموقع 24 الإخباري، بدأت حياتها كفنانة تشكيلية، ثم اتجهت للكاريكاتير السياسي مؤخرا.

وقد اختيرت إحدى رسوم الحمادي لتكون ملصق معرض التسامح العالمي، كما شاركت في العديد من المعارض العربية والعالمية، وهي عضو في جمعية الصحافيين الإماراتيين وجمعية الصحافيين العرب، وعضو في جمعية الكاريكاتير المصرية، ولها مشاركات مميزة في المعارض الخليجية والعربية. وقد أطلقت جائزة تحمل اسمها، وذلك بهدف دعم الجيل الناشئ وتشجيعهم على الإبداع الفني، لكن الجائزة توقفت العام الماضي بسبب جائحة كورونا.

معرض "المسافة أمان" يهدف إلى إعادة الثقة والتوازن في المجتمع الإماراتي، محاولا رسم البسمة على الوجوه

ومن المشاركين في معرض أيضا تحضر الفنانة زبيدة الجابري، التي تتميّز برسوماتها الفكاهية وشخصياتها المستوحاة من المنزل الإماراتي، خصوصا السائق الخان ولهجته ذات العربية المكسّرة.

وبرغم دراستها لنظم المعلومات، إلاّ أنها أحبت الرسم في سن مبكرة، وكانت حريصة على المشاركة بالأنشطة الفنية المدرسية، على مدار سنوات دراستها، وذلك بدعم وتشجيع من عائلتها.

وتعتبر الجابري أن الرسم هو وسيلتها للتعبير عمّا تلاحظه من حولها ويلفت انتباهها، تحاول التميّز دائما في طريقة طرحها للمواضيع من خلال الرسم وتتجنّب التقليد في طرح المواضيع الاجتماعية والفكاهية، وقد أقامت الفنانة الإماراتية العديد من المعارض الفنية الشخصية والمشتركة.

هل يخرج الاقتصاد العالمي من عنق الزجاجة؟ (رسم للفنان بدر المشرخ)
هل يخرج الاقتصاد العالمي من عنق الزجاجة؟ (رسم للفنان بدر المشرخ)

فنان آخر يشارك في معرض كاريكاتير “المسافة أمان”، وهو الفنان بدر المشرخ، الذي انطلقت رحلته مع الفن سنة 1989، متوّجا بذلك سنوات من الممارسة الفنية في سنوات طفولته، وقد بدأ نشر أعماله الفنية مبكرا، وتحديدا وهو في سن الرابعة عشرة من عمره، وذلك من خلال الصفحات المخصّصة لمشاركات القراء والهواة، في عدد من الصحف الإماراتية مثل الخليج والبيان وغيرهما.

وكان المشرخ يتابع بشغف أعمال ناجي العلي، متأثرا بأعمال الفنان الفلسطيني الراحل التي كان ينتظر نشهرها بالجرائد والمجلات، وانطلقت مشاركاته في المعارض وهو طالب في المرحلة الثانوية، أي قبل حصوله على عضوية جمعية الفنون التشكيلية.

ويُعرف المشرخ، بميله إلى تناول القضايا السياسية في أعماله بجانب اتجاهه للكاريكاتير الصامت لإيمانه بقوّة تأثيره.

وقد منحته عضويته في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية الفرصة للاحتكاك بالكثير من فناني الكاريكاتير، مثل الفنان حيدر، والفنان محمد القاسمي، والفنان عاشور، والفنانة ليلى الريس.

ومن بين المحطات اللافتة في مسرته، قيام مجلة الشاهد القبرصية، بتخصيص صفحة له، في العام 1995، أي وهو في بداية مشواره الفني، وبعدها قام بنشر الكثير من أعماله في صحف مجلات محلية وعالمية.

فن قادر على خلق تأثير إيجابي على الجمهور
فن قادر على خلق تأثير إيجابي على الجمهور

ومن بين مشاركاته الفنية، مشاركته في معرض فناني الكاريكاتير بالمركز الثقافي بالشارقة سنة 1994، ومعرض مركز البستان سنة 1998، بجانب مشاركته بالملتقى العالمي للكاريكاتير بمركز برجمان سنة 2000.

والمشرخ فنان تشكيلي في الأساس، ولديه الكثير من المخزون الفني الذي شارك به في معارض تشكيلية عربية ودولية، وقد انقطع الفنان الإماراتي عن رسم الكاريكاتير منذ سنوات، إلاّ أن الحنين يراوده من حين لآخر، فيعبّر عمّا يدور في مخيلته تجاه القضايا المحلية والسياسية المعاصرة، التي يشهدها الوطن العربي والعالم.

أما الفنان خالد الجابري، فعُرف بحبه للرسم منذ الصغر، وزاد ذلك الحب في سنوات دراسته الأولى، لكن البداية الحقيقية لمسيرته مع الفنون، بدأت وهو في المرحلة الجامعية.

وقد وجد الجابري في فن الكاريكاتير وسيلة للتعبير عمّا كان يقابله هو وزملاؤه من قضايا خلال دراستهم الجامعية، حيث أدرك وقتها مدى ما يتمتع به فن الكاريكاتير من قوة وقدرة على التعبير واختزال الكثير من المعاني في صورة وبضع كلمات، بجانب قدرته على الوصول إلى الجمهور بسرعة أكبر من أي شكل آخر من أشكال التعبير الأخرى مثل كتابة المقال.

وبدأت المسيرة الإبداعية للجابري، سنة 1998، كرسام كاريكاتير وروائي أيضا، وقد عمل كرسام كاريكاتير في صحيفة الخليج، كما عمل بصحف العالم، البيان، والرؤية، ومجلة كوادر وغيرها، وله بجانب الكاريكاتير عدة إصدارات من الكتب المتنوّعة بينها روايات ومجموعات قصصية.

16