الكتب الصحافية تسد ثغرات منهجية التعليم في كليات الإعلام

مراجع صحافية تجمع تجارب الإعلاميين بين العمل الميداني والأكاديمي.
الثلاثاء 2021/05/18
مواكبة متطلبات القراء تستوجب متابعة مستجدات الصحافة

تشكل الكتب الصحافية مرجعا مهمّا للصحافيين في بداية وخلال مشوارهم المهني، من خلال ما يقدمه مؤلفوها من تجارب مهنية وصحافية ميدانية، تفتقر إليها المناهج التعليمية في الجامعات، كما أنها ترصد التغيرات المتسارعة في العصر الرقمي والخبرات التقنية التي يجب أن يمتلكها الصحافي مع هذا التطور.

عمان - يقدم أستاذا الإعلام أحمد العنانبة وعثمان الطاهات في كتابهما الصادر حديثا “المُبسّط في كتابة وتحرير الأخبار والتقارير الصحافية” للصحافيين معلومات نظرية وأكاديمية مضافة إليها خبراتهما العملية والميدانية أثناء عملهما في المؤسسات الصحافية والإعلامية الأردنية في القطاعين العام والخاص.

ويعتبر الكتاب الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع منهجا تعليميا تدريبيا تطبيقيا، يتعامل مع مهنة الصحافة كحرفة بحاجة إلى تطوير وتدريب عملي أكثر من كونها منهجا أكاديميا.

وتشكل الكتب الصحافية جزءا كبيرا من تكوين الصحافي وبناء شخصيته وفهمه للمهنة ومبادئها وأدواتها وتطوراتها وطرق ممارستها بشكل أفضل، إضافة إلى متابعة ما توقفت عنده كليات الإعلام التقليدية ومواكبة التطورات التقنية في مجال سريع التغير، فما كان متَّبعا قبل 10 سنوات لم يعد مناسبا اليوم.

وقال مؤلفا الكتاب عضوا الهيئة التدريسية في جامعة الزرقاء الأردنية العنانبة والطاهات “لقد سبقنا في الكتابة عن الفنون الصحافية المختلفة أساتذة أجلاء، واستفدنا من مؤلفاتهم تلك، ولكننا أضفنا جهدا إلى جهودهم من حيث اقتران المادة النظرية بالعملية والتطبيقية، وسرد الفكرة والمفهوم مقترنا بالمثال مع شرحه وتوضيحه”.

الكتاب منهج تعليمي تدريبي تطبيقي، يتعامل مع مهنة الصحافة كحرفة بحاجة إلى تطوير وتدريب عملي
الكتاب منهج تعليمي تدريبي تطبيقي، يتعامل مع مهنة الصحافة كحرفة بحاجة إلى تطوير وتدريب عملي

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن المؤلفين قولهما إن الكتاب يمكّن أي طالب أو متدرب أو راغب بالعمل الإعلامي والصحافي من تحديد مصادر الأخبار والتدرب على جمع المعلومات ميدانيا، وكتابة الخبر شريطة أن يواظب على قراءة موضوعات الكتاب بصبر وممارسة التدريب الذاتي اليومي على كتابة الخبر، مع الالتزام بتعليمات صياغة الخبر وصولا إلى الاحتراف.

وتضمن الكتاب تدريبات تحت عنوان “مناقشة وتحليل”، إضافة إلى طرح أسئلة افتراضية يستطيع استخدامها عضو هيئة التدريس والمدرب للمناقشة والتدريب العملي الاستدلالي، كما تضمن الكتاب علامات الترقيم والأخطاء الشائعة.

وتهم القراءات الصحافية طلاب كليات الإعلام والمبتدئين في مجال العمل الصحافي، وأيضا الراغبين بدخول هذا المجال، لاسيما أن الكثير من العاملين في الحقل الإعلامي احترفوا المهنة قادمين من مجالات أخرى، حيث امتلكوا الموهبة لكنهم بحاجة إلى أدوات تقنية توفرها مثل هذه الكتب.

ولا يزال عدد من الكتب بمثابة مرجع للصحافيين في كل مكان لما تتضمنه من خلاصة خبرات طويلة في العمل الميداني، إذ يعتبر كتاب “صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأميركية” للصحافيين جون ماكسويل هاملتون وجورج أ كريمسكي من أهم الكتب في الصحافة الأميركية، ويحكي تجربتهما طوال عقود في كواليس كبرى المؤسسات الإعلامية الأميركية، وهو مقسم إلى ثمانية فصول، تدور حول أسس العمل الصحافي والصحافة من داخل الكواليس وكيفية تعامل المراسلين الصحافيين وتحرير الأخبار وطبيعة العمل الصحافي بشكل عام وآليات المهنة.

وينقل المؤلفان خبرتهما إلى الصحافيين في كيفية التفكير بشأن صحيفتهم وما فيها، وعن مصادر الخبر ومظهر الصحيفة، والجمهور والصحافة، ومزايا الصحافيين وعيوبهم، والتسويق، والكثير من المواقف التي مرا بها وكيف تعاملا معها.

ويضم كتاب “الصحافي العالمي” لمؤلفه ديفيد راندال كبير محرري الأخبار في الإندبندنت أفضل النصائح والخلاصات التي توصل إليها المؤلف وجمعها طيلة ثلاثة عقود من عمله كصحافي.

ويشمل الكتاب عددا من الخصائص التكوينية التي رأى راندال ضرورة توافرها في الصحافي ليكون مراسلا جيدا، والتقنيات التي ينبغي للصحافي اكتسابها، مع توضيحه لأساليب جديدة حول طريقة كتابة التقارير الصحافية، وكيفية التعامل مع الأرقام والإحصاءات والمصادر، ولم يغفل الكاتب الحديث عن الكتابة الإلكترونية والمهارات الاستثنائية التي تتطلبها.

Thumbnail

وتعيد التكنولوجيا الحديثة تشكيل كل مظاهر نظام الاتصالات الأساسية. لذلك فإن الصحافيين مضطرون إلى إعادة النظر في معظم مفاهيمهم الجوهرية التي تلقوها سابقا حول أساليب جمع المعلومات ونشر الأخبار.

فقد حدثت تطوّرات تكنولوجية هائلة في السنوات الأخيرة في إنتاج الصور ومعالجتها ونشرها، على نحو بدَّل الأساليب في الصحافة والترفيه والإعلان وفي البيئة البصرية نفسها أيضا.

ومع التبدّل الكبير في البيئة والتكنولوجيا الإعلامية، يحتاج الصحافيون إلى إعادة تعريف طبيعة صحافة الخبر، تبعا لاهتمامات الجمهور اليوم الذي يميل إلى كل ماهو تكنولوجي. فالصحافة التقليدية عموما تسير في اتجاه واحد، من الصحافي إلى الجمهور.

لكن التقنيات الإعلامية الحديثة أعادت تشكيل المشهد، وبات العمل الإعلامي الجديد يواجه مجموعات من التحديات المهنية مع كل يوم تصدر فيه أجهزة جديدة، وتبدّلت مهام الصحافيين من نقل المعلومات إلى معالجة المعلومات.

ويبدو ما قاله الكاتب والفيلسوف الكندي مارشال ماكلوهان (1911 – 1980) متوافقا مع ما يجري في العصر الرقمي، إذ رأى ماكلوهان أنَّ كل تغيير يصيب المجتمعات في الحقب الزمنيَّة المختلفة والمتتابعة على مرِّ التاريخ، يرجع إلى شكل وسيلة الإعلام والاتصال التي تربط أفراد المجتمع ببعضهم البعض وبما حولهم.

ويُطلق مثلا على الفترة من القرن الثامن عشر إلى العشرين عصر الطباعة، ففي ذلك الوقت كانت الطباعة الوسيلة الرئيسية لنقل المعرفة بين الناس.

وبالتوازي فإن المهمة الأساسية الملقاة على عاتق الصحافي تتطور وفقا لشكل الوسيلة وطبيعة الاتصال مع الجمهور ويحتاج إلى معرفة الأدوات والتقنيات اللازمة لإنتاج المحتوى ونشره وضمان وصوله للجمهور، وهذا التطور بات متسارعا بشكل كبير في العصر الرقمي بطريقة لم تعد المناهج التعليمية في الجامعات كافية لمواكبته.

وتعددت الوسائل التي استطاعت من خلالها التكنولوجيا الرقمية أن تؤثر في ممارسة الصحافة، بدءا بأسلوب جمع المراسلين المعلومات وتقديمهم الأخبار، مرورا بكيفية تكوين مؤسسات الأخبار بنياتها الخاصة، وصولا إلى سرعة تطوّر التقنيات الإعلامية، على نحو جعلها تخترق النسيج الاجتماعي بأشكال وإمكانات جديدة في عالم الاتصال وهي تستدعي تغيّر أساليب التعليم والتعلّم في الجامعات والمعاهد الصحافية.

18