خيار مقاطعة الانتخابات المبكرة في الجزائر يتمدد تدريجيا

قوى المعارضة الراديكالية تستفيد من الرفض الشعبي للاستحقاق.
الأحد 2021/03/21
رفض لأجندة السلطة

بدأت دائرة المقاطعين للانتخابات المبكرة في الجزائر تتسع تدريجيا مدعومة بالرفض الشعبي الواسع لأجندة السلطة هناك، حيث ألمح رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض إلى عدم خوضه الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو المقبل.

الجزائر - مع دخول القوى المنخرطة في المسار الانتخابي في الجزائر في سباق مع الزمن تحسبا لخوض غمار الانتخابات التشريعية المقررة في الثاني عشر يونيو المقبل بدأت دائرة المقاطعة تتوسع تدريجيا، الأمر الذي يعيد سيناريو الاستحقاقات الانتخابية السابقة للأذهان ويطرح مبكرا مدى شرعية المؤسسات التي ستنبثق عن الانتخابات المذكورة وجدواها في حلحلة الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ أكثر من عامين.

وألمح رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض محسن بلعباس إلى عدم خوض حزبه للانتخابات التشريعية المبكرة وبرر ذلك بـ”المناخ السياسي غير الملائم وعدم استعداد السلطة للتجاوب مع المطالب الشرعية المعبر عنها طيلة أكثر من عامين من احتجاجات الحراك الشعبي”.

محسن بلعباس: قد لا نخوض الانتخابات لأن المناخ السياسي غير ملائم
محسن بلعباس: قد لا نخوض الانتخابات لأن المناخ السياسي غير ملائم

وذكر محسن بلعباس في كلمته الافتتاحية لأشغال المجلس الوطني للحزب بأن “الرغبة في إعادة بناء الدولة والمجتمع اليوم على أنقاض النظام القديم لا يمكن أن تحظى بتأييد المواطن ولا يمكن أن تكون مرادفة لجزائر جديدة”.

وشدد المتحدث على “ضرورة الحوار السياسي الشامل لبناء توافق ديمقراطي، وغرس الثقة والتفاؤل والتجديد السياسي في الحياة المؤسساتية، وأن هذا الحوار يجب أن يتم تنظيمه وتأطيره بطريقة تسمح لجميع المشاركين بالمساهمة في صياغة خارطة طريق للخروج من الأزمة ويجب أن يوافق عليها ويحترمها الجميع”.

وجاءت رسائل الحزب في أعقاب صدور موقف مقاطع للانتخابات المذكورة من طرف حزب العمال اليساري، وهما الحزبان المنضويان تحت لواء تكتل البديل الديمقراطي المعارض لتتأكد بذلك دلالات الحضور المستمر للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في فعاليات الحراك الشعبي منذ انطلاقه في الثاني والعشرين من فبراير 2019.

وعرج بلعباس في كلمته على أبرز المحطات التي قطعها حزبه منذ انتخابه على رأسه في 2012 خلفا للمؤسس سعيد سعدي، معلنا عدم ترشحه في المؤتمر السادس لحزبه، وعرض مختلف المبادرات التي قدمها حزبه منذ 2012 وصولا إلى التحالفات السياسية في تنسيقية الانتقال الديمقراطي عام 2014، ثم البديل الديمقراطي في 2019 ومشاركته في حراك 22 فبراير.

وكانت السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات قد كشفت عن سحب 39 حزبا سياسيا لوثائق الترشح للانتخابات المذكورة، ويبقى الرقم مرشحا للارتفاع خلال الأيام المقبلة، غير أن هاجس المقاطعة والعزوف يبقى يخيم على الاستحقاق الانتخابي المبكر بكل ما يمثله من دلالات سياسية تخدش شرعية المؤسسات التي ستنبثق عنه.

وتأتي المؤشرات الجديدة رغم التطمينات التي قدمها الرئيس عبدالمجيد تبون من أجل ضمان “شفافية ونزاهة الاستحقاق” وقطع الطريق على المال السياسي والممارسات السياسية الموروثة عن العهد السابق، وهو ما جسده في تمرير قانون الانتخابات الجديد بمرسوم رئاسي بعد حل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان).

ويبدو أن تيار المقاطعة المدعوم ببعض قوى المعارضة الراديكالية سيتعزز بموقف شعبي تجلى من خلال الشعارات الرافضة للانتخابات التي رددت في المسيرات الشعبية التي عرفتها العاصمة وعديد المدن والولايات الجمعة الماضي، حيث ساد إجماع حول وصف الانتخابات بـ”المسرحية”.

Thumbnail

وردد الآلاف من الجزائريين الجمعة شعارات رافضة للانتخابات النيابية المبكرة كونها “ذر للرماد في العيون”، واعتبروها “مسرحية وأن المشكلة تكمن في الشرعية”، في إشارة الى رفضهم للمؤسسات التي أفرزها المسار السياسي للسلطة الجديدة وما يترتب عنها من إجراءات وتدابير أو مؤسسات تستهدف فرض الأمر الواقع كما حدث مع الانتخابات الرئاسية المنتظمة في ديسمبر 2019، والاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد حيث لم تتعد نسبة المشاركة في الأولى سقف 40 في المئة، و23 في المئة في الثانية.

وصرح الناشط السياسي المعارض ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير معتمد) كريم طابو، بأن “جميع القوى السياسية أمام منعرج حاسم وتاريخي، فهي مخيرة بين الاصطفاف في خندق السلطة غير الشرعية، وبين الاصطفاف في خندق الشعب الباحث عن دولة القانون والحريات والديمقراطية”.

وساد إجماع في المسيرات الشعبية في الجمعة الـ109 من عمر الحراك الشعبي على أن “الانتخابات لن تحل الأزمة السياسية، وأن الأولوية هي لإرساء قواعد جمهورية حقيقية جديدة بالقطع الكلي مع العهد السابق، ثم الذهاب إلى محطات سياسية تكرس الإرادة الحقيقية

للجزائريين”، لكن أنصار السلطة يرون أن “الانتخابات التشريعية هي المحطة المناسبة لإحداث التغيير السلس والشرعي”.

2