مصر تطور القطارات القديمة بتدشين مصنع للسكك الحديدية

10 مليارات دولار قيمة الاستثمارات بمشاركة القطاع الخاص.
الاثنين 2020/12/14
السوق المصرية تنتظر على أحر من الجمر

وضعت القاهرة أولى لبنات توطين صناعة القطارات من خلال تدشين أول مصنع عملاق يستهدف المساهمة في تطوير مرفق السكك الحديدية المصرية، الذي يعد ثاني أقدم مرفق في العالم، بعد سكك حديد إنجلترا، فضلا عن استهداف أسواق المنطقة العربية وأفريقيا.

القاهرة - تسعى مصر لتوطين صناعة القطارات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بهدف جذب استثمارات أجنبية لتلك المنطقة، التي تحظى بثقة المستثمرين عالميا لتجاوزها كافة عقبات البيروقراطية التي تعاني منها غيرها من المناطق داخل مصر.

وأعلنت عن تدشين تحالف يضم الحكومة والقطاع الخاص لتأسيس الشركة الوطنية المصرية لصناعات السكك الحديدية “نيرك” لتصنيع القطارات بجميع أنواعها محليا مطلع العام المقبل.

يضم التحالف وزارتي النقل والتخطيط، والهيئة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، ومن القطاع الخاص شركات بورسعيد للتنمية و”سامكريت” للاستثمار، وحسن علام القابضة، وأوراسكوم للإنشاءات، وكونيكت للتكنولوجيا والمعلومات.

وتصل تكلفة الاستثمارات للمشروع الجديد بنحو 10 مليارات دولار يتم ضخها تباعا خلال السنوات المقبلة لتوطين هذه الصناعة بطاقة إنتاجية تصل إلى نحو 300 عربة سكة حديد سنويا.

يحيى زكي: المصنع سيبدأ الإنتاج باستثمارات بقيمة 76 في المئة للقطاع الخاص
يحيى زكي: المصنع سيبدأ الإنتاج باستثمارات بقيمة 76 في المئة للقطاع الخاص

وتوقع يحيى زكي رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في تصريحات لـ”العرب” أن يبدأ المصنع في الإنتاج قبل نهاية العام المقبل.

وأوضح أن مساهمة القطاع الخاص في رأسمال المصنع تصل إلى نحو 76 في المئة، بينما تبلغ المساهمات الحكومية نحو 24 في المئة.

وتستهدف مصر عبر تلك الخطوة تلبية احتياجات المنطقة من قطارات السكك الحديدية، بسبب الموقع الجغرافي للمنطقة الاقتصادية على قناة السويس، وإعفاء صادرات المنتجات المصنعة داخل المنطقة الاقتصادية من الضريبة الجمركية.

وعزز من خطة القاهرة المشروعات العملاقة، التي ينفذها عدد من الدول العربية في عمق الصحراء من أجل تنمية مناطق جديدة ومنها مشروع “نيوم” السعودي، ومنطقة الخليج إلى جانب تلبية احتياجات دول الربيع العربي، التي تلوح في الأفق حاليا إعادة إعمارها مجددا، فضلا عن التصدير للسوق الأفريقية.

وتستهدف مصر إنشاء قاعدة صناعية مجهزة تكنولوجيا ولوجيستيا في هذا القطاع لاستقبال الشركات العالمية من أصحاب التكنولوجيا في مجال صناعة مركبات السكك الحديدية ومستلزماتها وإنتاجها محليا بنسبة تصل إلى 40 في المئة بموجب عقود تصنيع لتلبية الاحتياج المحلي والإقليمي.

وتسعى القاهرة من وراء تلك الخطوة تحقيق مصالح جديدة تعزز خفض تكاليف عمليات إحلال وصيانة شبكة السكك الحديدية المتهالكة، التي باتت في حاجة ماسة لإحلالها بعد أن أتى عليها الدهر.

وقال إبراهيم مبروك أستاذ هندسة النقل والسكك الحديدية، “إن مصنع عربات ومستلزمات السكك الحديدية يمثل إضافة كبرى لشبكة النقل، وخطوة لجذب استثمار أجنبي مباشر”.

وأكد لـ”العرب”، أن هذه الخطوة تستلزم استعداء تجارب الدول التي لديها خبرات ناجحة ومتطورة في هذه الصناعة، أهمها إنجلترا وفرنسا واليابان وهولندا.

وعقدت القاهرة أكبر صفقة في تاريخ السكك الحديدية لتطوير القطارات المتهالكة مع تحالف روسي- مجري بقيادة شركة “ترانسماش” الروسية لتوريد 1300 عربة جديدة للركاب بقيمة 1.2 مليار دولار.

وتشمل الصفقة 800 عربة مكيفة، منها 500 عربة للدرجة الثالثة المكيفة، وهي خدمة جديدة يتم تقديمها للركاب لأول مرة في تاريخ السكك الحديدية في مصر، ونحو 180 عربة للدرجة الثانية الفاخرة، و90 عربة درجة أولى فاخرة، و30 عربة مطاعم مكيفة داخل القطارات، إلى جانب 500 عربة درجة ثالثة ذات تهوية ديناميكية.

ودفعت الحاجة الماسة لعمليات الإحلال والتطوير القاهرة للبحث عن أفكار غير نمطية، منها توطين تلك الصناعة داخل السوق المصرية لحل مشكلتها وتحويل الأزمة إلى فرص استثمارية.

ودُشنت السكك الحديدية في مصر عام 1834، ثاني أقدم خطوط السكك الحديدية في العالم، ويصل إجمالي شبكاتها 9570 كيلومترا، تنقل سنويا نحو 500 مليون راكب، بمعدل يومي 1.4 مليون راكب، إلى جانب شحن 6 ملايين طن من البضائع سنويا.

إبراهيم مبروك: خطوة لجذب الاستثمارات والاستعانة بتجارب أجنبية
إبراهيم مبروك: خطوة لجذب الاستثمارات والاستعانة بتجارب أجنبية

وتستهدف وزارة النقل ربط كافة أرجاء البلاد بالمشروعات القومية التي تنفذها مصر من خلال تطوير الشبكة الحالية، وتدشين سبعة خطوط سكك حديدية جديدة لتوسيع شبكات النقل، وتعزيز سيولتها وترصد لهذه الخطة نحو ستة مليارات دولار.

ومن أهم هذه الخطوط التي تمتد إقليميا مشروع مد خط سكة حديد القاهرة-أسوان إلى توشكَى في جنوب مصر، تمهيدا لمده إلى السودان بتكلفة 1.6 مليار دولار.

وأضاف حمدي برغوثي، خبير النقل واللوجستيات، أن توطين صناعة السكك الحديدية يتطلب ألا تقل نسبة المكون المصري في عمليات التصنيع عن 50 في المئة، وهي نسبة يصعب تحقيقها، لأن مصر لا تمتلك تكنولوجيا تصنيع القاطرات أو الهياكل الخارجية، لكن يمكنها تصنيع عربات قطار البضائع.

لفت في تصريح لـ”العرب”، إلى أن التصنيع بغرض التصدير ليس سهلا، فالمنافسة العالمية شرسة مع رومانيا والمجر وروسيا وكوريا والصين بخلاف الدول الكبرى مثل إنجلترا وفرنسا.

وتنفذ مصر خمسة مشروعات في مجال مترو الأنفاق بقيمة 17.4 مليار دولار، وتضم إنشاء وصيانة مشروع الخط السادس والذي تقترب من تنفيذه شركة بكتل الأميركية باستثمارات تصل إلى نحو 5 مليارات دولار.

وتضم حزمة المشروعات القطار الكهربائي الذي يربط القاهرة القديمة بالعاصمة الإدارية الجديدة باستثمارات تصل إلى نحو 2.13 مليار دولار، وصيانة وتشغيل ترام الإسكندرية التاريخي وتدشين خط مترو باستثمارات تصل إلى نحو 2.1 مليار دولار.

وتشمل الأجندة أيضا تدشين خطي “مونوريل”، وبدأت شركة “بومباردييه” الكندية في تصنيع قطارات الخطين لربط العاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة بمدينة السادس من أكتوبر في غرب القاهرة، وتوريدها خلال الربع الأول من العام المقبل.

ويصل قيمة العقد حوالي 4.5 مليار دولار، بموجبه يتم توريد 70 قطارا بعدد 4 عربات للقطار الواحد.

وهناك بعض التحديات التي تواجه الخطوة الجديدة، فإذا استهدف المصنع الدول الأفريقية، فلا بد من تقديم تسهيلات كبيرة لخوض سباق المنافسة في هذه السوق، التي تسيطر عليها الصين بشكل كبير، أما الدول العربية والخليجية فتتجه حاليا لمد شبكات القطارات الكهربائية وهي تكنولوجيا عالية لا تتوفر في مصر.

11