الجزائر تغازل الحراك بإطلاق سراح بعض قادته

تنحية وسجن الجنرال واسيني بوعزة وتعيين الجنرال المتقاعد محمد بوالزيت على رأس دائرة الأمن الخارجي خلفا للواء كمال الدين رملي.
السبت 2020/04/18
رسائل تهدئة لامتصاص حماسة الشارع

الجزائر- يعكس إطلاق سراح عدد من معتقلي الحراك الشعبي في الجزائر إمكانية قيام السلطة بإجراءات تهدئة من أجل احتواء الاحتجاجات السياسية المعلقة، استجابة للأصوات الداعية إلى استغلال جائحة كورونا لملمة تداعيات الأزمة التي عاشتها البلاد طيلة عام كامل.

ونطقت محكمة برج بوعريريج في شرق البلاد، ببراءة الناشط السياسي المعارض إبراهيم لعلامي، وأربعة عشر شابا كانوا موقوفين بتهم التحريض على التجمهر غير المسلح، وتهديد سلامة الوحدة الوطنية، ليعود بذلك الحديث عن إمكانية مباشرة السلطة لإجراءات تهدئة تجاه الفاعلين في الحراك الشعبي.

وتزامن حكم التبرئة مع تغييرات تجري في هرم المؤسسة العسكرية، حيث تمت تنحية وسجن الجنرال واسيني بوعزة، الذي كان يوصف بـ”عدو الحراك”، كما تم تعيين الجنرال المتقاعد محمد بوالزيت (يوسف)، على رأس دائرة الأمن الخارجي خلفا للواء كمال الدين رملي.

ويرى متابعون أن هذه المتغيرات تسمح بمد جسور الثقة بين السلطة والشارع، بعد تنحية الصقور التي كانت تقف وراء الممارسات القمعية والمقاربة الأمنية في معالجة الاحتجاجات السياسية التي لم تتأجل إلا تحت جائحة كورونا في منتصف شهر مارس الماضي.

وتحصي منظمات حقوقية وجمعيات مهتمة بأوضاع معتقلي الرأي، نحو 170 موقوفا في السجون، بسبب مواقفهم من الأوضاع السياسية السائدة، ونشاطهم في الحراك الشعبي طيلة الأشهر الماضية.

ووجهت انتقادات لاذعة للسلطة على خلفية ما وصف بـ”الاستثناء المتعمد” لسجناء الرأي من قرار العفو الشامل الذي أصدره الرئيس عبدالمجيد تبون، خلال الأسابيع الأخيرة، في إطار التخفيف من الضغط داخل المؤسسات السجنية بسبب وباء كورونا.

الشارع الجزائري ينتظراستجلاء رسالة السلطة من وراء تبرئة الناشط إبراهيم لعلامي و14 شابا موقوفا، بالموازاة مع تصاعد وتيرة المعالجة الأمنية للأوضاع الداخلية

ورغم أن القرار شمل أكثر من خمسة آلاف سجين تم العفو عنهم، إلا أن اللائحة خلت من نشطاء الحراك، بسبب وقوعهم تحت طائلة الاستئناف أو الطعن، بينما صدر القرار ليمس الفئة المحكوم عليها نهائيا، كما استمرت موجة التوقيفات خلال الأيام الأخيرة مما عزز قول بعض الحقوقيين إن “السلطة تستغل فرصة وباء كورونا للانتقام من الحراك الشعبي”.

ويعد الناشط إبراهيم لعلامي واحدا من الأسماء التي رفعت صوت المعارضة مبكرا في مدينة برج بوعريريج، حيث كان من المناهضين الأوائل لمشروع الولاية الرئاسية الخامسة للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، قبل أن تتطور التراكمات إلى انتفاضة شعبية عارمة في البلاد، لا تزال تتوعد بالعودة إلى الشارع للتأكيد على مطالبها الأساسية بمجرد انتهاء الجائحة.

ومنذ انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا للجزائر في انتخابات مثيرة للجدل بسبب المقاطعة الواسعة لها والاعتراض عليها من طرف الحراك الشعبي، طبقت السلطة تدابير مشددة تجاه الاحتجاجات الشعبية، حيث رفعت من وتيرة القمع والاعتقالات خاصة بالنسبة إلى تلك التي تقرر القيام بها كل يوم سبت.

ويسود الانطباع على أن السلطات تتجه لمسح تداعيات المقاربة الأمنية المطبقة على الحراك الشعبي، في ثياب الضباط العسكريين الذين أطيح بهم أو ينتظرون مصيرا مماثلا، على اعتبار أنهم الصقور التي كانت تحول دون استعادة جسور الثقة بين السلطة والشارع.

وكانت قوى سياسية وشخصيات مستقلة، على غرار مجموعة العشرين قد دعت في وقت سابق إلى ضرورة تجسيد إجراءات تهدئة قبل مباشرة أي حوار سياسي جاد في البلاد، وعلى رأس تلك الإجراءات فتح مجال الحريات الإعلامية والسياسية وإطلاق سراح موقوفي الرأي.

وينتظر الشارع الجزائري استجلاء رسالة السلطة من وراء تبرئة الناشط إبراهيم لعلامي و14 شابا موقوفا، بالموازاة مع تصاعد وتيرة المعالجة الأمنية للأوضاع الداخلية، حيث يجري الضرب بقوة على الناشطين والمدونين على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ تم توقيف عدد منهم بسبب تدوينات أو نشر وثائق على صفحاتهم الخاصة.

4