مخرجات من ثلاث قارات في "أسبوع أفلام المرأة" في عمّان

أفلام نسوية أوروبية وأميركية لاتينية وآسيوية، ورؤى مشتركة تدافع عن حرية المرأة ومساواتها مع الرجل وتفضح أساليب تهميشها وقمعها.
الثلاثاء 2020/03/10
"من أجل سما" لوعد الخطيب وإدوارد واتس.. افتتح الأسبوع

في ظل احتفالات عالمية بيوم المرأة، انطلقت في مسرح الحسين الثقافي في عمّان مساء الأحد 8 مارس الجاري فعاليات الدورة الثامنة من أسبوع فيلم المرأة، الذي تنظمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الملكية الأردنية للأفلام، بالشراكة مع أمانة عمّان الكبرى والشبكة الإقليمية للمرأة. وتأتي هذه المبادرة بدعم من سفارات عدد من الدول التي تشارك أفلامها في الأسبوع.

تضمن حفل الافتتاح لأسبوع أفلام المرأة بعمّان، وهو مهرجان سنوي أردني، حوارا بين الأجيال حول الدور الفعال لصناعة الأفلام في تشجيع تمكين المرأة، وتوزيع جوائز مسابقة “أنا جيل المساواة” وعرضا لأفلام قصيرة ووثائقية. وأكدت المخرجة والمنتجة السينمائية غادة سابا، المديرة الفنية للأسبوع، أن هذه المبادرة تقدم فرصة فريدة للجمهور الأردني للنظر في قضايا المرأة، والتمعّن فيها من خلال الأعمال الفنية لعدد من صانعي الأفلام الوطنيين والدوليين.

يشارك في أسبوع أفلام المرأة 13 فيلما، تُعرض في مسرح الرينبو، وكلية الخوارزمي الجامعية التقنية، أولها الفيلم الوثائقي البريطاني الطويل “من أجل سما” لوعد الخطيب وإدوارد واتس، وهو يحكي القصة المذهلة للمخرجة السورية وعد الخطيب (26 سنة)، التي صورت حياتها في حلب خلال خمس سنوات من الانتفاضة السورية، ووقعت في الحب وتزوجت وأنجبت ابنة أثناء تصويرها لأحداث العنف التي تدور حولها، ولاسيما في توثيق التحديات التي فرضها الصراع على النساء والأطفال. وقد بقيت وعد في المدينة، إلى جانب مجموعة من الأصدقاء المقربين، للقتال من أجل حلمها بسوريا حرة، لكن كفاحهم انتهى بنفيهم. وتعد وعد رمزا للمرأة الشجاعة والجريئة، وقصتها هي قصة ملحمية لبقاء الحب وسط قسوة الحرب.

من الأفلام المشاركة أيضا الفيلم الفرنسي “الخفيون” للويس جوليان، وهو دراما كوميدية تجري أحداثها في مدينة قاتمة شمال فرنسا، حيث تدير مجموعة من النساء مثل “أودري” المثابرة، ولكن ساذجة إلى حد ما، و”مانو” العقلانية، و”هيلين” التي ستصبح عزباء عما قريب، و”أنجيليك” سليطة اللسان، مأوى للسيدات المشردات. إلا أن مسؤولي البلدية يقررون إغلاق الملجأ لأنه لا يساعد العدد الكافي من السيدات للاعتماد على أنفسهن، والعودة إلى سوق العمل مما يُحتّم على “أودري” و”مانو” التعامل مع العواقب، فتقرران السماح للسيدات بالبقاء في الملجأ ليلا بشكل سري، وتدريبهن خلال النهار ليصبحن واثقات وفاعلات في المجتمع.

مشاركة 13 فيلما
مشاركة 13 فيلما

ويتناول الفيلم الدرامي المكسيكي “الوداع” للمخرجة ناتاليا بيريستان حياة فتاة جامعية منطوية، لا يبدو أنها تنتمي إلى زمانها، اسمها “روزاريو كاستيلانوس”، في بداية الخمسينات بالمكسيك، تحارب من أجل إيصال صوتها في مجتمع يديره الرجال، وهي على وشك أن تصبح واحدة من أشهر الكاتبات في الأدب المكسيكي، لكن قصة حبها الصاخبة مع “ريكاردو غيرا” ستظهر هشاشتها وتناقضها. وفي ذروة مسيرتها المهنية وزواجها تشعل شرارة نقاش يمثل نقطة تحول في حياتها.

تحمل شخصيات المترو قصصا مختلفة، فهناك كاهن خفي، وسجين أُفرج عنه حديثًا، وممرضة، وشابة حامل، وثلاثة طلاب، واثنان من كبار السن، وأب وأم حزينان بسبب اختفاء ابنهما، وثلاثة رفاق، وراقص. في النهاية يترك الفيلم سؤالا مفاده ما الذي يحدث عندما نكتشف قصص أولئك الذين نقضي أوقاتنا
معهم؟

ويصور الفيلم الهولندي الدرامي “قائدة الأوركسترا”، المستوحى من قصة حقيقية، للمخرجة ماريا بيترز، تجربة أول موسيقية هولندية تؤلف سمفونية هي “أنتونيا بريكو”، التي هاجرت مع والديها بالتبني إلى كاليفورنيا وهي في سن السادسة، لكنها ممزقة بين الحب والطموح، ففي العشرينات تطمح إلى أن تكون أول سيدة تقود أوركسترا، إلا أنها تتعثر بين الطموح والحب بعد أن تثير اهتمام “فرانك” فيها، وتهرب إلى هولندا حيث يخبرها قائد الأوركسترا بأن تلتقي بـ”كارل مووك” الذي يقبلها في أكاديمية برلين للموسيقى. كان عملها الأول ناجحا، لكن نتائجه تجبرها على العودة إلى أميركا، حيث يلهمها غضبها حيال التحيز ضد النساء لتشكيل أول أوركسترا تقودها سيدات.

يسلط الفيلم الكوري الدرامي “الغابة الصغيرة”، للمخرجة ييم سوون- راي، الضوء على حياة شابة اسمها “هاي- وون” تعيش في مدينة كبيرة، من دون وظيفة، ولا علاقات اجتماعية، وفوق ذلك تعاني من فشل دراسي.
لا شيء يجري بشكل جيد في حياتها، فتخلف وراءها كل شيء وتعود إلى مسقط رأسها، وهناك تلتقي بأصدقاء الطفولة الذين يعيشون حياتهم الريفية غير التقليدية بطريقتهم الخاصة. وخلال وجودها معهم تمتلئ أيامها بذكريات بسيطة وهادئة، وتكتشف السعادة الحقيقة في حياتها الجديدة، وتدرك السبب الحقيقي وراء عودتها إلى بلدتها.

في الفيلم الإسباني الدرامي “سبع طاولات بلياردو”، للمخرجة غريسيا كويرجيتا، تسافر “أنخيلا” وابنها إلى العاصمة حالما يصلها نبأ مرض أبيها، ولدى وصولهما، في فجر يوم صيفي حار، يكون الأب قد مات توا. وتقوم عشيقته “تشارو” بإخبار أنخيلا بمدى سوء أعمال أبيها التجارية التي تتمثل بصالة لعب بلياردو مكونة من سبع طاولات كانت قد فقدت رونقها، إضافةً إلى الزبائن والمال، وترى “تشارو” أن الحل الأمثل هو بيع الصالة. وبعد مضي بضعة أيام، وكما لو كان القدر يؤكد بأن المصائب تأتي مجتمعة، يصل “أنخيلا” خبر اختفاء زوجها في ظل ظروف غامضة. وبالرغم من تلك الحقيقة المؤلمة تقرر تجاوز المحنة والمُضي قُدماً بحياتها، فتستثمر مدّخراتها على إعادة الحياة إلى صالة البلياردو.

ما يجمع بين هذه الأفلام، وغيرها من الأفلام المشاركة في “أسبوع أفلام المرأة”، هو أنها من إبداع مخرجات لهن تجارب سينمائية سابقة تعالج قضايا المرأة، ورغم أنهن يمثلن ثقافات مختلفة، أوروبية وأميركية لاتينية وآسيوية، فإنهن يحملن رؤى مشتركة تدافع عن المرأة وحريتها، وتدعو إلى مساواتها مع الرجل في العمل والحقوق، وتفضح أساليب تهميشها وقمعها.

16