عش الدبابير أو النحل

قيس سعيد، سيواجه عش الدبابير أو النحل، ما يضطره إلى الاستعانة بقناع النحالين وقفازاتهم لكي يحمي الوجه واليدين من اللسعات.
الأحد 2019/10/27
قيس سعيد أزعج المتربصين لقضايا الشعوب

أدى الرئيس التونسي الجديد، قيس سعيِّد، صلاة الجمعة الأولى كرئيس للبلاد، في جامع مالك بن أنس في قرطاج، وكانت هناك كاميرا للتصوير، فجاءت ردود الأفعال على الشريط، بمثابة إعلان عن تتبع مسلكية الرئيس، للمقارنة بين الخط السلوكي الذي تعهده، وما سوف يجري في الواقع، بحكم طبائع الأمور!

قدم الرجل نفسه لجمهور التونسيين، بخطاب قيمي شديد التواضع، ليصبح انزياحه الجبري، عن بعض ما ألزم نفسه به من الشكليات، دون داعٍ، وكـأنه إخلال بما تعهد به. فها هي مجرد كاميرا، رصدت واقعة تواجده في المسجد، تفتح باباً لسياقات من الكلام المتقاطع. فما الذي سيكون عليه الأمر عندما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والعلاقات الدولية؟ بعض ردود الأفعال على الشريط، جعلت متكلمين يقولون إن السيد الرئيس أثبت أن الصلاة ليست حكراً على معتنقي الإسلام السياسي. بعضها الآخر، قال إن الصلاة شأن شخصي للمصلي، في بلد ذي دستور علماني، يُفهم في ظله أن تغطية الصلاة في الأعياد، بحضور الرئيس، أمر مستحب وموصول بالبعد الاجتماعي للسياسة، أما التغطية التلفزيونية لجزء من صلاة الرئيس في مسجد بعينه، فهي أمر غير مستحب، أو يؤخذ عليه. فليست تونس الديمقراطية، مثل رام الله الفلسطينية التي تغطي تلفزتها الرسمية، كل وقائع صلاة الرئيس في الجُمع، في مسجد صغير وبلا مئذنة، وذي تسمية بروتوكولية تصفه بــ”مسجد التشريفات” لكي يستمع الفلسطينيون إلى خطبة رجل مُفوّه، وبلا عمامة، استقرت عليه الرئاسة، لكي ينقل بمفردات الدين مفردات الرئاسة. يؤدي صرخات التشكي والألم، بربطة عنق حريرية، وبدلة جوخ أنيقة لا تلائمان المنبر ولا موضوع الخطبة. فشتان بين بلد مستقل، بوصلته الدستور، وبلد غير مستقل، بلا أية وثيقة دستورية، أو إطار ديمقراطي!

معلوم أن قيس سعيد، سيواجه عش الدبابير أو النحل، ما يضطره إلى الاستعانة بقناع النحالين وقفازاتهم لكي يحمي الوجه واليدين من اللسعات. هو يبدأ متبسطًا على طريقة الرئيس ماكرون، الذي التزم شقته مع معلمته الكبيرة، وزوجته وأولادها زاهداً في الإليزيه. الزوجة حضرت حفل تنصيبه بثوب مستأجر، وارتدى هو بدلة بسعر زهيد. لكن وظيفة الرجل الأول في الحكم، تأخذه إلى سياقات لا بد منها. فقيس، صاحب خطاب افتتاحي، أزعج المتربصين لقضايا الشعوب، ما يقتضى الحذر الأمني والحماية. أمس منح السيدة السورية زوجة الشهيد محمد الزواري الجنسية التونسية تقديرا لتجربة زوجها، بينما الإخواني راشد الغنوشي، تبرأ سياسيًّا من الشهيد، ونفى انتسابه لحركته ووصفه قائلا “هو جزء من استراتيجية أخرى ولو استشارني لمنعته من التوجه إلى العمل المسلح”!

24