منتخب تونس في مرمى ألغام اتحاد كرة القدم
لماذا يصر رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم على تعيين شخص لقيادة المنتخب في المرحلة القادمة لم يحقق في مسيرته كمدرب إلا الفشل رغم معارضة جميع أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد.. ألم تكف الكبوات التي ألحقها نبيل معلول بالمنتخب؟
تبقى علامة الاستفهام الكبيرة والأهم التي تدور في أذهان الرياضيين في تونس هي هل يعتبر معلول المدرب المناسب في هذا التوقيت للمنتخب التونسي؟
عند الحديث عن المنتخب الوطني، لم تعد المسألة تتعلق بلعبة كرة قدم في حد ذاتها أو جلدا “منفوخا” تتقاذفه أرجل اللاعبين، بل هي أكبر من ذلك بكثير لأنها تحمل سُمعة تونس.
مازالت الجماهير الرياضية التونسية إلى حد اليوم لم تفق من صدمة الانسحاب من التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال البرازيل 2014 بعد الهزيمة المذلة أمام منتخب الرأس الأخضر المتواضع على ملعب رادس بهدفين لصفر. ت
لك المباراة اعتبرها المحلل الفني مختار التليلي آنذاك أسوأ مباراة في تاريخ المنتخب، كما أن المباراتين اللتين خاضهما المنتخب في نهائيات كأس الأمم الأفريقية 1994 في تونس والتي انسحب فيها من الدور الأول لم تكن بهذا السوء.
الأمر ذاته يتكرر مرة أخرى مع اختلاف التوقيت، فمجرد طرح اسم معلول من بين الأسماء المحلية يشكل صدمة للكثيرين في تونس، فكيف به على رأس الإدارة الفنية للمنتخب.
إنها صدمة جديدة تأتي بينما كانت الجماهير تمني النفس باختيار مدرب محنك لقيادة جيل من اللاعبين لتدارك عثرة كأس أفريقيا الأخيرة وتجديد العهد مع المسابقة الأغلى والأهم على مستوى العالم.
بالنظر إلى التجارب السابقة للمدرب الجديد للمنتخب يتأكد أن نجاحاته لم تكن كبيرة ولكن هنالك بعض النقاط التي جعلته محل اهتمام، ولعل أهمها علاقته الوثيقة بالمكتب التنفيذي لاتحاد اللعبة وخاصّة رئيس الاتحاد، وهذا يكفي لأن يكون المنتخب في مرمى ألغام معلول.
لا يتوقع الكثيرون من معلول الشيء الكثير فسجله في التدريب يتحدث عنه. لا أحد ضد الرجل كشخص، بل ضد أسلوبه في اللعب واختيار اللاعبين، فتاريخه حافل بالعثرات مع كل فريق يقوده. وربما كانت مجرد مصادفة أن يفوز بدوري أبطال أفريقيا قبل 6 سنوات مع فريقه الأم.
إذا ما تم استرجاع إنجازات الرجل، الذي فجر مفاجأة من العيار الثقيل في 1995 بانضمامه إلى الأفريقي الغريم التقليدي للترجي، فسيتوقف الجميع على حقيقة ثابتة وهي أنه مدرب يحبذ الركون للدفاع والاعتماد على الهجمات المرتدة.
وحتى لقب كأس الأبطال الذي تحصل عليه مع الترجي أمام الوداد البيضاوي المغربي في 2011 كان بهذه الطريقة. من الواضح أن رئيس اتحاد اللعبة وديع الجريء لم يستوعب الدروس السابقة. فهو الوحيد داخل المكتب التنفيذي للاتحاد من فرض معلول.
هذا أمر متوقع ما دامت المحسوبية متكلسة في أذهان المسؤولين. أليس من المفترض أن يكون هناك تصويت لاختيار من يقود المنتخب. هذا نوع من الفساد الرياضي يعكس الحالة العامة التي تسود تونس في كل مفاصل الدولة.
يفترض أن تكون كرة القدم بعيدة عن الحسابات الضيقة باعتبارها المتنفس الأول للجماهير للخروج من حالة الإحباط الذي تعيشه الرياضة التونسية بشكل عام.
ثم أين الاستفادة من الخبرات التونسية مثل المدير الفني للاتحاد التونسي لكرة القدم يوسف الزواوي في تقديم النصح والاستشارة لرئيس الاتحاد. متى سيتعاطى الجريء نفسه باحترافية في قراراته ويترك عنه وظيفة العلاقات العامة ويتفرغ للتخطيط وتحقيق الإنجازات الحقيقية. إن تدهور المنتخب التونسي في السنوات الأخيرة مرده البيروقراطية التي مل منها التونسيون وعدم وجود مجلس إدارة لاتحاد كرة القدم على درجة عالية من الكفاءة والتأهيل.
لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات جريئة وجذرية وسريعة لحل المشكلات المتراكمة في كواليس المنتخب وفي رياضة كرة القدم عموما. فوزارة الرياضة تتحمل جزءا من المسؤولية في الاختيارات المتسرعة التي لا تخدم كرة القدم.
إعادة هيكلة الرياضة وحل المكتب الحالي، الذي لم يوفق في مهامه والدعوة إلى انتخاب كفاءات تفهم كرة القدم باتت ضرورة ملحة لأن اتحاد اللعبة يحتاج إلى أناس يقدرون كرة القدم وليس التعامل معها بعقلية الملك الخاص لأن قيادة المنتخب واجب وطني.
إن التخبط والارتباك اللذين يسودان أركان اتحاد كرة القدم وعجزه عن تقديم ما يُقنع من عمل احترافي ينهض باللعبة ويعيد أمجاد المنتخب التونسي يجعلنا نطالب رئيس الاتحاد وأعضاء مجلس الإدارة بالتحلي بالشجاعة وتقديم استقالتهم على الفور.
كاتب صحافي تونسي