10 أفلام عربية في مهرجان لندن السينمائي الـ63

أفلام مهرجان لندن تتوزّع على عدد كبير من دور السينما في العاصمة وضواحيها، مستهدفة الجمهور العريض، على عكس بعض المهرجانات الأخرى التي تقام في المنتجعات الصغيرة.
الجمعة 2019/09/27
الفيلم السعودي "المرشحة المثالية" يشارك في مسابقة الأفلام الروائية

تنطلق الدورة الـ63 من مهرجان لندن السينمائي (الذي دُشن عام 1953)، مساء الأربعاء الثاني من أكتوبر القادم، بالفيلم البريطاني الجديد “تاريخ ديفيد كوبرفيلد الشخصي” عن رواية تشارلز ديكنز الكلاسيكية الشهيرة من العصر الفيكتوري، وهو من إخراج وبطولة أرماندو لانوتشي. ويختتم المهرجان بالعرض العالمي الأول خارج الولايات المتحدة للفيلم الأميركي الجديد المنتظر “الأيرلندي” (The Irishman) لمارتن سكورسيزي (من إنتاج شبكة نتفليكس).

يعرض مهرجان لندن السينمائي في نسخته الـ63 التي تنطلق في الثاني من أكتوبر القادم وتتواصل حتى الـ13 منه، أكثر من 200 فيلم، من 75 دولة من بينها 42 فيلما تسجيليا.

ويضم باقة من أهم ما عرض من أفلام في مهرجانات السينما العالمية الكبرى، من سندانس وبرلين إلى كان وفينيسيا وسان سباستيان ولوكارنو وكارلو فيفاري وتورونتو. كما يضم نخبة من الأفلام الجديدة التي تعرض للمرة الأولى في العالم منها العديد من الأفلام البريطانية الجديدة.

ويقع مهرجان لندن ضمن خارطة مهرجانات المدن والعواصم الكبرى على شاكلة مهرجانات نيويورك وبرلين وطوكيو وروما وروتردام، فهذه المهرجانات تختلف عن المهرجانات التي تقام في المنتجعات الصغيرة وتكون عادة مخصّصة لـ”رجال الصناعة” من منتجين وموزعين ومخرجين إلى جانب الصحافيين والنقاد، كما هو حال مهرجانات كان وفينيسيا تحديدا، أما مهرجان لندن فاهتمامه الأساسي إلى جانب استقطاب رجال الصناعة السينمائية ونقاد السينما، هو الجمهور. لذلك يعتمد على بيع التذاكر للجمهور. وتتوزّع أفلام مهرجان لندن على عدد كبير من دور السينما في العاصمة وضواحيها، علما بأن لندن هي العاصمة الأكبر من حيث عدد السكان في أوروبا قاطبة.

هذه السمة الخاصة بتوجّه المهرجان إلى الجمهور، تجعله يميل إلى الموازنة بين أفلام الفن والأفلام الشعبية، بين سينما المؤلف وسينما السوق. ولكنه يهتم أيضا بتخصيص قسم خاص لما يسمّى بـ”الأفلام التجريبية” وآخر لـ”كلاسيكيات السينما”.

وليس مسموحا لمهرجان لندن من قبل الاتحاد الدولي للمنتجين، وهو الجهة التي تنظم المهرجانات السينمائية في العالم، أن يخصّص مسابقة دولية كبيرة للأفلام التي لم يسبق عرضها عالميا. ولكنه ينظم أربع مسابقات في فروع الفيلم الروائي والفيلم التسجيلي والعمل الأول ومسابقة الأفلام القصيرة لها شروطها الخاصة. وتمنح كل مسابقة جائزة واحدة لأفضل فيلم.

وخارج هذه المسابقات الأربع، يخصّص المهرجان أقساما للأفلام الكوميدية والرومانسية وأفلام الرعب والأفلام التي تتناول مواضيع تتّسم بالجرأة وأفلام الرحلة وأفلام الإثارة والتشويق، وهي أقسام قد تضم أفلاما فنية أو تنتمي إلى السينما السائدة.

أفلام العرب

"نورا تحلم" من ضمن الأفلام العربية المشاركة وبطولة هند صبري
"نورا تحلم" من ضمن الأفلام العربية المشاركة في المهرجان، بطولة هند صبري

يعرض مهرجان لندن هذا العام عشرة أفلام تنتمي إلى مخرجين من العالم العربي. أول هذه الأفلام الفيلم التسجيلي الطويل “الكهف” (95 دقيقة) للمخرج السوري فراس فياض الذي رُشح فيلمه “آخر الرجال في حلب” لجائزة الأوسكار. أما “الكهف”، وهو إنتاج دنماركي، فهو يصوّر تجربة عمل في مستشفى، أطلق عليها “الكهف”، كانت تُدار في منطقة ما بالغوطة خلال الحصار الذي ضربته قوات النظام على المنطقة من 2012 إلى 2018، ويصوّر الجهود الشاقة والمستحيلة التي بذلتها مجموعة من الطبيبات لإنقاذ حياة المصابين.

والفيلم الثاني هو “حديث عن الأشجار” للمخرج السوداني صهيب جاسم الباري، الذي يروي كيف تقرّر مجموعة من الأصدقاء الذين تجمعهم ذكريات المنفى وحب السينما، من أعضاء في نادي الفيلم السوداني، إعادة إحياء دار عرض قديمة. وكان هذا الفيلم قد فاز بجائزة فرعية في مهرجان برلين.

وهناك أربعة أفلام من تونس، هي “بيك نعيش” لمهدي برصاوي، و”نورا تحلم” لهند بوجمعة (بطولة هند صبري)، و”عرب بلوز” للمخرجة منال لعبيدي، و”طلامس” لعلاء الدين سليم.

كما يعرض فيلم “سيدة البحر” للمخرجة السعودية الشابة شهد أمين، و”سيدي المجهول” للمخرج المغربي علاء الدين الجم، و”المرشحة المثالية” للمخرجة السعودية هيفاء المنصور الذي شارك في مسابقة مهرجان فينيسيا. وستتاح الفرصة أمام جمهور المهرجان أيضا لمشاهدة أحدث أفلام المخرج الفلسطيني إيليا سليمان “لا بد أن تكون الجنة”.

وتعتبر هذه المشاركة من أكبر المشاركات العربية التي عرفها المهرجان، وبهذا يتيح المهرجان الفرصة للجمهور العربي في لندن الاطلاع على أحدث الأفلام التي أخرجها مخرجون ينتمون إلى العالم العربي، وهو ما يمثل جزءا من السياسة الثابتة للمهرجان الذي يخاطب مختلف التجمعات ذات الأصول الأجنبية المقيمة في العاصمة البريطانية، مثل الأرجنتينيين والإيطاليين والفرنسيين وذوي الأصول الأوروبية الشرقية.

وفي مسابقة الأفلام الروائية تحضر 10 أفلام من أميركا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وغواتيمالا وبريطانيا وأيرلندا والسعودية. وفي هذه المسابقة يولي برنامج المهرجان اهتماما خاصا بتحقيق التوازن بين المخرجين والمخرجات، وهو اتجاه يرتبط بالفكر المحرك للسيدات اللاّتي يتولين إدارة المهرجان، وكذلك في ضوء الحركات النسائية الجديدة التي تطالب بالمساواة.

وهذا الاتجاه له إيجابياته وسلبياته بالطبع، ومن الإيجابيات أنه يكشف لنا عن مواهب جديدة (نسائية) في الإخراج بل ونوعية المواضيع التي تشغلهنّ، ومن سلبياته الانحياز للجندر على حساب المستوى الفني للفيلم.

وفي هذه المسابقة تشارك المخرجة السعودية هيفاء المنصور بفيلمها “المرشحة المثالية” الذي سبق وأن اشترك في مسابقة مهرجان فينيسيا.

من الأفلام التسجيلية

من الفيلم المنتظر "البابوان"
من الفيلم المنتظر "البابوان"

في مسابقة الأفلام التسجيلية تحضر تسعة أفلام من أهمها “انقلاب 53” للمخرج تاغي عميراني، الذي يعيد بناء أحداث الانقلاب الذي دبرته المخابرات البريطانية والأميركية وأطاح بحكومة رئيس الوزراء الإيراني المنتخب محمد مصدق عام 1953 بعد قراره تأميم البترول. وقد استغرق مخرجه الإيراني الأصل عشر سنوات في البحث والإعداد قبل تصوير هذا الفيلم.

دانييل كريغ بطل فيلم "إخراج السكاكين"، للمخرج ريان جونسون سيحضر في أفلام الاحتفالية التي دأب المهرجان على تقديمها لجمهور لندن
دانييل كريغ بطل فيلم "إخراج السكاكين"، للمخرج ريان جونسون سيحضر في أفلام الاحتفالية التي دأب المهرجان على تقديمها لجمهور لندن

وهناك أيضا الفيلم التسجيلي الإيطالي “اختفاء أمي” لبنيامين باراسو. ويصوّر كيف أصبحت عارضة أزياء (موديل) عرفت بجمالها وجاذبيتها الشديدة في الماضي وكانت أول إيطالية تصبح نجمة غلاف في مجلة “فوغ” الأميركية؛ أستاذة أكاديمية تدين صورتها القديمة وتشرح لطلابها كيف كانت ضحية نظرة الرجل التقليدية التي تتاجر بوجوه وأجساد النساء، وكيف خضعت لتلك الأنماط الدعائية وأصبحت لفترة طويلة من حياتها حبيسة داخلها قبل أن تتمرّد عليها وتتجه إلى الدراسة الجادة وتصبح أستاذة جامعية، وهي الآن تشرح لطلابها بعد أن تجاوزت الخامسة والسبعين من عمرها، مخاطر هذه الصورة السائدة.

أما ابنها الذي ظل يصوّرها منذ أن كان طفلا صغيرا فهو يرفض بشدة أن تتخلى عن صورتها القديمة، متمسكا بتصويرها حتى يومنا هذا، وهو الصراع الذي يصوّره الفيلم بين مفاهيم كل من الابن والأم!

ومن أفلام “الغالا” الاحتفالية الفيلم الأميركي الجديد “إخراج السكاكين” (Knives Out) للمخرج ريان جونسون وبطولة دانييل كريغ وكريس إيفانز وأنا دو أرماس وجامي لي كيرتس وكريستوفر بلامر.

ويروي الفيلم قصة بوليسية تدور في أجواء “التحقيق” على غرار روايات أغاثا كريستي. فبعد أن يُقتل كاتب روايات بوليسية شهير مسن كان أبناؤه وأحفاده يعتمدون على دعمه المادي لهم، يتم إسناد التحقيق إلى مُخبر خاص يقوم بدوره دانييل كريغ بطل أفلام جيمس بوند، الذي يتشكك في أن تكون للجميع مصلحة في موت المؤلف الذي يقوم بدوره كريستوفر بلامر. وسيحضر جميع أبطال الفيلم هذا العرض الذي يسبق بالطبع توزيع الفيلم تجاريا في بريطانيا.

وفي احتفالية خاصة رئيسية يعرض الفيلم الجديد للمخرج البريطاني مايكل وينتربوتوم “الجشع” (Greed) بطولة ستيف كوغان وأسا فيشر وصوفي كوكسون. كما يعرض الفيلم البريطاني الجديد “فسحة الأمل” (Hope Gape) إخراج وليم نيكولسون، بطولة أنيت بيننغ وجوش أوكونور، ويدور حول العلاقة الزوجية المضطربة التي تصل إلى الطلاق ومضاعفاتها.

عودة هتلر في سياق كوميدي

"جوجو الأرنب" كوميديا سياسية
"جوجو الأرنب" كوميديا سياسية

من الأفلام المنتظرة فيلم “جوجو الأرنب” (Rabit Jojo) للمخرج النيوزيلندي تايكا واتيتي الذي يوحي عنوانه بأنه من أفلام الأطفال في حين أنه للكبار والصغار معا، ويدور في سياق كوميديا حول طفل من شبيبة هتلر النازية في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية في برلين، قتل والده في الحرب، وهو يتّخذ من شخصية هتلر الوهمية التي تتبدّى له صديقا ومرشدا، وعندما يكتشف أن أمه تخفي فتاة يهودية، يصبح موزّعا حائرا بين مشاعره وصلته القوية بأمه، وبين ولائه للمبادئ النازية العنصرية. والفيلم بطولة سام روكويل وسكارليت جوانسون.

أكثر من 200 فيلم وافتتاح بديفيد كوبرفيلد واختتام بالأيرلندي
أكثر من 200 فيلم وافتتاح بديفيد كوبرفيلد واختتام بالأيرلندي

وسيعرض المهرجان أيضا الفيلم الآخر المنتظر “البابوان” (The 2 Popes)، للمخرج البرازيلي فرناندو ميريليس (إنتاج أميركي بريطاني أرجنتيني إيطالي مشترك) والذي يدور في أجواء مؤسسة الفاتيكان، حيث نشهد ما سبق انتقال السلطة من البابا بنيديكت السادس عشر الذي أصبح أول بابا يستقيل من منصبه قبل 6 سنوات، ليخلفه البابا الحالي فرانسيس على ضوء فضائح الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية في أماكن مختلفة. ويقوم بالدورين الرئيسيين اثنان من أفضل الممثلين في العالم هما أنطوني هوبكنز وجوناثان برايس.

وفي إعادة إنتاج للفيلم الدنماركي البديع “قلب صامت” (Silent Heart) للمخرج بيللي أوغست (سبق تناوله بالنقد على صفحات العرب قبل 5 سنوات) يعرض المهرجان الفيلم الأميركي الجديد “بلاكبيرد” (Blackbird) للمخرج روجر ميتشيل، بطولة سوزان ساراندون وكيت ونسليت وميا فاسيلكوفسكا وسام نيل وإيندساي دنكان.

ويصوّر الفيلم كيف يجتمع أفراد أسرة عريقة لتوديع الأم التي تعاني من مرض عضال، بعد أن اتخذت قرارا بالاتفاق مع زوجها على إنهاء حياتها. ويجب أن نترقب كيف أخرج ميتشيل تلك الدراما القاسية، وما إذا كان قد تفوّق على المخرج الدنماركي؟

المخرج الألماني فيرنر هيرتزوغ المعروف باختياره مواضيع جريئة لأفلامه التسجيلية، يخوض تجربة جديدة مثيرة فيذهب إلى اليابان ليتابع ويرصد ويحقّق في ظاهرة الشركات التي تؤجّر أشخاصا لمن يرغبون، حيث يقومون بأدوار الأقارب المفقودين أو الغائبين، لتعويض الشعور بالألفة العائلية، كما يطرح التساؤلات حول طبيعة المجتمع الياباني الذي أنتج مثل هذه الظاهرة السلعية الجديدة.

وقد أطلق هيرتزوغ على فيلمه عنوان “قصة حب عائلية: شركة ذات مسؤولية محدودة” (Family Romance: LLC).

العلم والخرافة معا

فيلم الافتتاح "التاريخ السري لديفيد كوبرفيلد"
فيلم الافتتاح "التاريخ السري لديفيد كوبرفيلد"

أما الفيلم التسجيلي “الأمل المجمد” (Hope Frozen) للمخرج التايلندي بيلين وديل، فهو يتناول ظاهرة أخرى غريبة.. أسرة بوذية في تايلند تؤمن بالعلم تماما، لكنها تؤمن أيضا بما وراء الطبيعة. وهي تسمح لطبيب بأن يقوم بتجميد مخ ابنتها ذات العامين التي توفيت بعد أن هاجمها سرطان المخ في نمط عدواني شرس. وبعد أن يدرس الطبيب هذا النوع من السرطان يعلن عجز العلم عن التوصّل لفهمه في هذه المرحلة، ولكنه يقترح تجميد مخ الطفلة الصغيرة لكي يبقي على “الأمل” في أن يتمكن العلم ذات يوم من إعادتها مجددا إلى الحياة!

ومهرجان لندن يتضمن إلى جانب عروض الأفلام، الكثير من الندوات المخصّصة مع عدد من السينمائيين الذين سيتحدثون عن مسيرتهم السينمائية، كما ينظم المهرجان عروضا خاصة للأطفال وتلاميذ المدارس. ويُنتظر أن يحضر المهرجان عدد كبير من نجوم السينما في العالم والسينما الأميركية بوجه خاص من مشاهير هوليوود الذين يجذبون الجمهور يوميا في “لسيتر سكوير” أشهر ساحات وسط لندن، حيث تنتشر دور العرض السينمائي، خاصة أمام سينما “أوديون” التي أنشئت عام 1937 وأعيد تجديدها وتحديثها بالكامل في العام الماضي، وأصبحت مجهزة بنظام دولبي المتطوّر في الصوت والصورة، كأول دار سينما في بريطانيا تعمل بهذا النظام الذي يتناسب مع تقنية العرض بنظام K4، أي النسخ الرقمية فائقة النقاء.

العروض الخاصة للصحافيين والنقاد بدأت منذ 16 سبتمبر الجاري وتستمر طوال أيام المهرجان في قاعة سينما أخرى رئيسية بساحة ليستر سكوير التي تعج بالنشاط وجمهور الشباب الباحث عن متعة الاستمتاع بالأفلام في هذه التظاهرة السنوية الكبرى التي تعرفها المدينة.

16