"يوميات زوجة مفروسة أوي"..  قراءة كوميدية لمشكلات اجتماعية متجددة

مسلسل عائلي يتناول قضايا الأسرة ومشكلاتها بشكل متغير وكوميدي ويخاطب الجميع بلغة غير صاخبة.
الخميس 2018/11/01
شخصيات طبيعية موجودة في كل الأسر

يحمل مسلسل “يوميات زوجة مفروسة أوي”، الذي يعرض حاليا على بعض القنوات الفضائية في مصر، نمطا مختلفا عمّا يشابهه من أعمال درامية اجتماعية، ولم يفقد العمل اهتمام المشاهدين مع تعدد أجزائه، بل نجح القائمون عليه في تقديم وجبة عائلية كوميدية عكست مشكلات المجتمع المتكررة وبشكل عصري وجذاب.

القاهرة - يشكّل التجديد في تناول قضايا تقليدية صعوبة تفوق بناء حدث جديد لم يتناوله أحد من قبل، ويتهرب الكثير من كتاب الأعمال الدرامية والسينمائية من إعادة استنساخ قضايا اجتماعية تم طرحها، لكن بصورة ونمط يتناسبان مع تغير العصر، لأن المقارنة مع الأعمال السابقة تضع الكاتب تحت ضغط يزيد من مهمة الحصول على عمل إبداعي.

وتسببت تلك الحالة في بلورة ظاهرة جديدة احتجب فيها الكتاب والمنتجون عن الكتابة في قضايا اجتماعية تقليدية بشكل عصري، لكن بدا مسلسل “يوميات زوجة مفروسة أوي”، الذي يعرض الجزء الرابع منه على قناة “أم. بي. سي مصر”، يسير في اتجاه معاكس بعدما أضحى المسلسل الاجتماعي الأطول والأنجح في السنوات الأخيرة الذي يتناول قضايا الأسرة ومشكلاتها بشكل متغير وكوميدي.

يتناول العمل، الذي بدأ جزأه الأول عام 2015 من بطولة الفنانة داليا البحيري والفنان خالد سرحان ونخبة من الممثلين المصريين، وتأليف أماني ضرغام وإخراج أحمد نور، واقع العلاقات الاجتماعية الشائكة في مصر من خلال أسرة صغيرة تمر بالكثير من المواقف التي تعكس تنامي مشاكل العائلات وتزايد حالات الطلاق، وتأثر الغالبية بوضع اقتصادي مؤلم إلى حد بعيد يلقي بظلاله على الكثير من السلوكيات.

وتكمن الجودة في خفة ظل التناول والرشاقة في المعالجة وحيوية الأحداث بعد أن قدم القائمون على العمل مسلسلا عائليا يخاطب الجميع بلغة كوميدية غير صاخبة أو مبتذلة التفاصيل.

أماني ضرغام: أفضّل أن أكتب كلمة النهاية لأجزاء المسلسل الأربعة ونحن في حالة نجاح
أماني ضرغام: أفضّل أن أكتب كلمة النهاية لأجزاء المسلسل الأربعة ونحن في حالة نجاح

تلك التفاصيل التي تم الوصول إليها من بين ثنايا أفكار الكاتبة أماني ضرغام، صاحبة فكرة العمل، والتي لم تتمكن لظروف خاصة من أن تشارك في كتابة سيناريوهات حلقات الجزء الثالث والرابع منه واكتفت بكتابة أفكارهما.

وتحكي ضرغام لـ”العرب”، تجربتها وتشابكها مع الكثير من الأحداث الاجتماعية التقليدية التي مثلت تحديا لها في طريقة الصياغة والتناول العصري، وتقول “الجزء الذي يعرض حاليا سيكون الأخير من العمل، حيث أعد لعمل جديد يتناول أيضا قضايا الأسرة المصرية، لكن سيركز على نموذج الرجل غير المسؤول والذي صار منتشرا في العائلات.”

وتوضح أنها توقفت عن كتابة “يوميات الزوجة المفروسة” بعد أن رأت أن العمل قدم ما يكفي ويمكن أن يتسبب استمرار عرضه في السقوط في دائرة التكرار، ورغم أن مشاكل وقضايا وهموم الأسر المصرية كثيرة ومتنوعة، إلاّ أن التشبع الجماهيري يقلل من أسهمه لدى متابعيه، لذا أفضل أن أكتب كلمة النهاية لأجزائه ونحن في حالة نجاح.”

وأعطت ورش الكتابة التي قادتها المؤلفة حيوية خاصة للعمل بعد أن صاغ أفكار المؤلفة دراميا مجموعة كبيرة من الكتاب الشباب، وتقول ضرغام إن “أحد أسباب جاذبية العمل وقدرته على تقديم قصص أسرية بشكل مختلف، هو التنوع في الكتابة والأفكار وإبداع الكثير من الشباب في سردهم للحلقات، وحمل كل كاتب جزءا من تجربته الأسرية الشخصية في العمل فأعطى المزيد من الثراء.”

ويقدم المسلسل صورا لا تخلو من واقعية، مع طرافة أحداثها التي تمثل وجبة كوميدية غير دسمة، لكنها مبهجة، مثل مناقشة هموم المرأة المعيلة لأسرتها أو المولعة بإخفاء الأسرار المادية عن زوجها أو عاشقة الأفلام والمسلسلات الهندية، وتلك التي تعاني من الخرس الزوجي أو الفتن التي تنشرها العاملات في البيوت بين الجيران نتيجة نقل الأسرار.

وكذلك تطرق العمل لمواقع التواصل الاجتماعي التي تلتهم أوقات الأسر وتباعد بين أفرادها نفسيا، وانقطاع صلة الرحم والعلاقات الرومانسية المشوبة بالخطر بين المراهقين.

وترى ضرغام في حوارها مع “العرب”، أن البعض يخشى من تعدد المؤلفين، والذي كان منهم سلام ريان وإبراهيم ربيع وتامر فرج ومحمد الزغبي ويوسف محمد، لأنه قد يتسبب في فجوات بالعمل أو عدم ترابط في الأحداث، غير أن وضوح بناء الشخصيات دراميا خلال الأجزاء السابقة وتبلور رؤية المسلسل من أهم العوامل التي جعلت الحلقات تحمل روحا واحدة ومشاعر متقاربة، ممّا لم يعرضها لمأزق التذبذب والتشتت من حلقة إلى أخرى.

صور لا تخلو من واقعية، مع طرافة أحداثها
صور لا تخلو من واقعية، مع طرافة أحداثها

وتضيف الكاتبة “شخصيات المسلسل طبيعية وموجودة في كل الأسر، لذا من السهل على أي كاتب أن يكتب عن مواقفه الحياتية كأحد أفرادها دون معاناة، فالأمور بسيطة وتلقائية وسر نجاح أي عمل درامي حين يشعر المشاهدون بأنهم جزء من نسيجه، خاصة السيدات اللاّتي يرون فيه مساحة للتعبير عنهن دراميا وهي مساحة لا تتوافر كثيرا.”

وإلى جانب حالة الاندماج والتتابع المنسجم بين نصوص حلقات المسلسل التي تعرض متصلة ومنفصلة، تأتي الرؤية الإخراجية مميزة بعدما نجح المخرج أحمد نور في خلق حالة من الحماسة في أداء نجوم العمل، مع تقديم زوايا حيوية وسريعة للمشاهد، ما أضفى سرعة تتناسب مع روح العصر الحالي.

وظهرت عفوية معظم الممثلين في الأداء بإخفاء شخصياتهم الحقيقية خلف شخصيات العمل، وبدوا كجزء حقيقي منها دون استثناء، وهي الحالة التي يصفها مخرج العمل، قائلا لـ”العرب” “تحولنا جميعا لأسرة حقيقية، فبعد سنوات من العمل المشترك والتفاهم الفني صار التعاون أعلى، والجميع لم يفقدوا حماستهم للنص الذي يقدمونه، وأنا فخور بكوني جزءا من هذه الدراما التي استمتعت بها كمخرج ومتفرج”.

ولم تقتصر مظاهر نضارة العمل، التي لم تذبل رغم تعدد مواسمه، على النص وأداء الممثلين فحسب، لكن ظهرت في معظم تفاصيله على الرغم من عدم تمتعه بإنتاج ضخم، فبدت الديكورات تضج بألوان مشرقة وظهرت أزياء الممثلين أنيقة وطبيعية بلا مغالاة، والإكسسوارات بسيطة وممزوجة بإضاءات قوية تمنح ارتياح لمتابعة المشاهد.

وتقول ضرغام لـ”العرب” إن ما أضاف المزيد من الحيوية هو التنوع في أعمار الممثلين وخبراتهم والذين تناقلوا تلك الخبرات على مدار أجزاء المسلسل، وكان أهم هؤلاء النجوم، الفنان سمير غانم الذي أسهم في دعم العمل بثقل خبراته.

وبدا غانم، الذي مازال وهو في الثمانين من العمر يملك لياقة ولمسات كوميدية مميزة منسقا للعمل وأداء الممثلين فيه. ورغم قلة مشاهده إلا أنها عكست طبيعة العلاقة التي جمعت أسرة العمل والقائمة على التعاون.

16