هل تغامر السلطة الجزائرية بالزج بالجيش في "المستنقع الأفريقي"

تحذيرات متصاعدة في الجزائر وباريس من مخاطر أمنية تهدد المنطقة.
الأربعاء 2021/03/24
الساحل محط أنظار باريس والجزائر

تصاعدت التحذيرات في الجزائر وفرنسا من المخاطر الأمنية التي تهدد الساحل الأفريقي في خطوة يرى مراقبون في تزامنها محاولة لتهيئة الرأي العام الجزائري لخروج الجيش الجزائري للقيام بمهام في منطقة الساحل، وهو ما حذرت منه أوساط وشخصيات سياسية جزائرية على غرار رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون.

الجزائر - أوحى تزامن تقارير أمنية في الجزائر وباريس حول الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل، إلى تمهيد الطرفين لخطة مشتركة تعتمد بحسب توقعات استراتيجية على تجسيد دور جديد للجيش الجزائري في المنطقة، واضطلاعه بمهمة الحرب على الإرهاب، وفق التعديل الدستوري المثير للجدل في الجزائر، والذي رفع الحظر التشريعي عن خروجه وراء حدود بلاده.

وتصاعد الاهتمام في الجزائر وباريس بالوضع الأمني في منطقة الساحل الصحراوي بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة، بشكل هوّل من حجم المخاطر التي تهدد المنطقة، رغم أن مسألة نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة وبشكل أدق في مالي والنيجر ليس وليد اللحظة ويعود إلى سنوات ماضية.

وبدا أن تفعيل دور الجيش الجزائري في المنطقة، هي مسألة وقت فقط لاحتواء الرفض المعبر عنه في مظاهرات شعبية والذي عبر عليه كذلك عدد من الناشطين السياسيين.

وحذرت رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون، مما أسمته بـ”المغامرة بالجيش الجزائري في المستنقع الأفريقي، وتوريط المؤسسة في أجندة إقليمية تخدم قوى إقليمية”.

ولا زالت المسألة تفتقد للإجماع داخل الجزائر، بسبب المعارضة التي أبدتها عدة أطراف مناوئة لمواقف السلطة، وأزمة شرعية الدستور الجديد الذي لم يحز إلا على أقل من 25 في المئة، من رضا الجزائريين في الاستفتاء الشعبي المنتظم في الفاتح نوفمبر الماضي.

لويزة حنون: نحذر من توريط الجيش الجزائري في أجندة إقليمية تخدم قوى إقليمية
لويزة حنون: نحذر من توريط الجيش الجزائري في أجندة إقليمية تخدم قوى إقليمية

ورغم عدم الانسجام الذي ظهر على تصريح الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبدالمجيد تبون، حيث كشف ماكرون في وقت سابق عن التزام جزائري بالمشاركة في القوة الأفريقية المشَكلة لمحاربة الإرهاب في القارة السمراء، وامتناع الرئيس تبون عن ذلك حتى ولو جاء ذلك على لسان “صديقه”، إلا أن التهويل الذي حملته تقارير إعلامية في باريس والجزائر حول المخاطر المحدقة بالمنطقة، يصب في اتجاه تهيئة الرأي العام للتسليم بالمسألة.

وفيما جرى الحديث عن انتقال عدد من أفراد الاستخبارات الجزائرية إلى عواصم أفريقية للوقوف الميداني على حقيقة الوضع، وربما بحث الأرضية المناسبة لقوات جزائرية، إلا أن الأجندة السياسية في الجزائر لا تسمح بتنفيذ أي خطوة في هذا الاتجاه، قياسا بعدم وجود برلمان يصوت على المهمة، وفق التدابير التي ضبطها البند الدستوري الناظم للعملية.

ولا زالت قيادة الجيش الجزائري، تعلن من حين لآخر عن توقيف أو استسلام عناصر جهادية على الحدود الجنوبية بينها وبين مالي والنيجر، خاصة منذ الإعلان في أعقاب ما يعرف بصفقة “صوفي بترونين”، بشكل يوحي بأن الوضع في المنطقة يتجه نحو الأسوأ، وأن الأوضاع السياسية والأمنية في البلدين المذكورين تعرف هشاشة غير مسبوقة تستدعي سندا إقليميا.

وكان الرئيس تبون قد صرح بمناسبة الزيارة التي أداها الرئيس المالي المؤقت باه انداو، إلى الجزائر مؤخرا، بأن بلاده “على استعداد تام لدعم دولة مالي لتتجاوز أزمتها الراهنة، وأنها رهن إشارة الجارة الجنوبية”.

وذكر في الندوة الصحافية التي عقدها الرئيسان، “نحن رهن إشارة الأشقاء في مالي في ما يرونه مناسبا للمرحلة الحالية لتهدئة الأوضاع وتحضير الانتخابات”، أما الرئيس باه انداو، فقد صرح بالقول “لمست من الرئيس تبون دعما ومساندة لتجاوز هذه الأزمة”.

ولأول مرة يتم التركيز في الجزائر على أعداد المرتزقة المسلحين الذين ينشطون على الحدود الجزائرية، لاسيما في شقها الرابط مع دولة ليبيا، وإن لم يتم تحديد هوية وجنسية هؤلاء، فإن المخاطر المحتملة كانت هي العنوان الأبرز في التقارير التي وصفت بـ”الموجهة”، بغية تهيئة الرأي العام لقرار ما في هذا الشأن.

وتذكر إحصائيات مختصة في المجال العسكري، على غرار موقع “مينا ديفونس”، أن الجيش الجزائري يعتبر من أبرز القوى العسكرية في المنطقة، مما يعزز الأرقام التي صدرت مؤخرا عن معهد ستوكهولم، حول احتلال الجزائر للمركز السادس في العالم في مجال اقتناء الأسلحة.

ومع ذلك يبقى الغموض يلف دور ومصالح باريس والجزائر في المنطقة، في ظل التوجه الأخير لدخول الجيش الجزائري إلى المنطقة، بين شراكة متفق عليها، أو ملء فراغ جزائري لانسحاب فرنسي وارد من الساحل الأفريقي بسبب الضغوط الداخلية على السلطات الرسمية في البلاد.

4