نقص التزود بوسائل التدفئة يعمق أزمات التونسيين

العائلات التونسية تجد صعوبة في الحصول على الغاز المنزلي والبترول الأزرق مع اندلاع احتجاجات في عدد من المناطق و تعطل الإنتاج.
الأربعاء 2020/12/30
برد المناطق الغربية القارس

تونس - تشهد تونس نقصا غير مسبوق في وسائل التدفئة مع اشتداد البرد في العديد من المناطق وذلك تبعا للأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى توقف النشاط في مواقع الإنتاج ما زاد من صعوبة الحصول على هذه الوسائل على غرار الغاز المنزلي والبترول الأزرق.

ويزيد هذا النقص في معاناة السكان لاسيما في المناطق الغربية المتاخمة للحدود مع الجزائر وغيرها والتي يقاوم سكانها التقلبات المناخية في هذه الفترة التي تعد أشد بردا في تونس.

وتتواصل جهود سكان الأرياف والمناطق الداخلية في مقاومة البرد القاتل بوسائل متنوعة، وتختلف الطرق والوسائل بحسب الوضع الاجتماعي للأسر والتجمعات السكانية ومستويات عيشها.

ومع اندلاع احتجاجات في عدد من المناطق ما أدى إلى تعطل الإنتاج تجد العائلات التونسية صعوبة في الحصول على الغاز المنزلي والبترول الأزرق.

كما أصبح توفير الحطب والفحم صعب المنال للعائلات الريفية والفقيرة، والتي تعمل على الاحتطاب في الخريف استعداداً لهذه الفترة، في ظل رقابة شديدة وتضييق من مصالح الغابات التي تحاول حماية الثروة الغابية المهددة.

وأفاد المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي، سرحان رحالي، “أن هذه الموجة الباردة جاءت نتيجة انخفاض درجات الحرارة ووصول كتل هوائية باردة منذ نهاية الأسبوع الماضي، على أن يعود الاستقرار تدريجيا في بحر هذا الأسبوع”.

وأضاف رحالي في تصريح لـ”العرب”، “توفير وسائل التدفئة يدخل ضمن مشروع الدولة بالتوازي مع الإدارات الجهوية خاصة في الأرياف، ويتم التنسيق مع المعهد للتدخل من قبل اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث والحماية المدنية”.

وتعمل السلطات منذ فترة على الاستعداد لمواجهة موجة البرد، حيث شرعت لجان مجابهة الكوارث، في مختلف الجهات، في الإعداد تحسباً للتقلبات المناخية التي ترافق هذه الفترة من فصل الشتاء.

وقال الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق حسين الديماسي في تصريح لـ”العرب”، “إن مشكلة توفير وسائل التدفئة مرتبط أساسا بمصانع محافظة قابس (جنوب، والتي شهدت حركات احتجاجية مؤخرا) ما خلق أزمة وزاد حدة مقارنة بالسنوات الماضية”.

وأضاف الديماسي “يكثر تساقط الثلوج في المناطق الداخلية خصوصا في أقاليم الشمال الغربي والوسط الغربي، وفي أغلب الأحيان تشكو هذه المناطق نقصا في المواد، والظاهرة هذه السنة أحدثت ارتباكا كبيرا في التزود بالبترول الأزرق وقوارير الغاز”.

وتابع “توقف الإنتاج بالمنطقة الصناعية بقابس سيأخذ منحى خطيرا إذا تواصل وسيتحول إلى مشكلة اقتصادية واجتماعية، لأن أغلب العائلات التونسية تستعمل قوارير الغاز التي تصلح للطبخ والغسيل والتدفئة، وإذا تم حرمانها من هذه المادة ستصبح هناك أزمة لأن عدة قطاعات تشتغل بالغاز”.

وشرعت اللجنة الجهوية في ولايتي جندوبة والكاف (شمال غرب)، في إعداد وسائل التدخل، وتقديم النجدة عند نزول الأمطار والثلوج ضماناً لسلامة المواطنين، وخصوصاً سكان القرى المحاذية للأودية وعلى تخوم الجبال.

وأفاد هشام الصكوحي كاهية مدير الاستغلال بالمعهد الوطني للرصد الجوي في تصريح لـ”العرب”، أن “دور لجان الكوارث يتمثل في الإشعار والإنذار وتقديم البلاغات عند توقع خطورة في الوضع المناخي اعتماد على اليقظة الجوية”.

وأضاف”البلاغات المتعلقة بتقلبات جوية خطيرة تعتمد فيها 4 ألوان على غرار البرتقالي والأحمر اللذان يشيران إلى الخطر، وتبعا لهذه البلاغات نقدم إشعارا للهياكل المختصة بتوخي الحذر لمستعملي الطرقات أو لتوفير مستلزمات الوضع من وسائل تدفئة ومؤونة”.

كما أشار الصكوحي إلى أن “بعض المناطق تبقى أحيانا معزولة نتيجة تساقط الثلوج وأهمها، مكثر والروحية والقصرين والعيون..”.

وسبق أن قال وزير التجهيز، كمال الدوخ، إنه “تم العمل على “توفير مختلف وسائل التدخل والنجدة من عربات وشاحنات وكاسحات لتأمين مجابهة تبعات التقلبات المناخية”، مشيراً إلى أن “الوزارة ستقوم خلال السنة القادمة بوضع استراتيجية جديدة لحماية المدن من الفيضانات” على حد تعبيره.

لكن الديماسي لاحظ أن “طريقة تعامل الحكومة الحالية مع الأزمات خلقت مشكلات في الجهات، وتبعا لقضية الكامور تعطل إنتاج الغاز المنزلي في قابس أسوة بما وقع في الكامور، ما يعسر مهمة الحكومة في إيجاد حلول كفيلة لهذه الأزمات المتتالية”.

ودعا الديماسي في معرض حديثه إلى “ضرورة إنفاذ القانون وبحزم للتصدي لمحاولات توقف الإنتاج خاصة في قابس، أو أن تعمل الحكومة على توريد كميات هامة من النفط، أو أن تتحمل التبعات الخطيرة لذلك من الناحية الاجتماعية والسياسية”.

وبعد توقيع الاتفاق بين الحكومة وتنسيقية الكامور جنوب البلاد، سرعان ما تحركت العشرات من المدن والقرى التونسية الأخرى، على غرار قابس والقيروان وباجة وقفصة وصفاقس والقصرين، للمطالبة بتحسين الأوضاع التنموية وتشغيل العاطلين.

وشهدت قابس، التي تتوفر على وحدات تعبئة قوارير الغاز المنزلي، تحركا احتجاجيا واسعا أدّى إلى أزمة حادة في التزوّد بالغاز بمعظم المحافظات وخاصة مناطق الجنوب التي تتزود بهذه المادّة الحيوية من منشآت المدينة.

وتوفر هذه المحافظة أكثر من 40 في المئة من الإنتاج الوطني لقوارير الغاز المنزلي.

4