نسخ كربونية

لماذا ننجب أطفالا لا مستقبل لهم سوى الوقوف على أطلال المجاعات والحروب الطاحنة من أجل طمع فئة من البشر؟
الخميس 2020/01/30
ستفعل ما لم أستطع فعله

كانت أفضل إنجازاتي هذا الأسبوع أنني نجحت أخيرا في إقناع ابنتي أن تختار بين أن تكون لها أخت أو أن تتبنى كلبا بعد أن كانت متمسكة بالخيارين معا.

اختارت ابنتي الكلب، الحقيقة أن خيارها لم يكن “ديمقراطيا كثيرا”، لقد دفعتها دفعا لتختار تربية كلب بعد أن بقيت لأيام وأيام وأنا أشرح إيجابيات أن يكون لك كلب بدل أخت لطفلة تبلغ من العمر 3 سنوات ونصف.

كانت ابنتي تلح منذ عام أو يزيد على أنها تريد أختا مثل بقية الأطفال، وهي تريد أختا تحديدا وليس أخا.

بالنسبة لي لا أرغب في إنجاب أطفال، لأن الأمر يتطلب استعدادات كثيرة لعل أبرزها نفسيا وجسديا وماديا. وأنا بعيدة كل البعد عن الاستقرار النفسي، كما أن لي مشاكل صحية عقّدتها بالجلوس المتواصل دون القيام بأي حركة، أما الاستعداد المالي فقد ذهب إلى غير رجعة منذ سنوات.

وكثيرًا ما تساءلت “لماذا ينجب البشر أطفالا أصلا؟ لماذا ننجب أطفلا جددا فيما الأطفال البؤساء يملؤون العالم؟ أليس الأجدر أن ننقذ بؤساء على أن نضيف للعالم من هم أكثر بؤساً؟ نعترف بأنفسنا أننا لسنا سعداء، فلماذا ننجبهم إلى عالم تعيس؟

لماذا ننجب أطفالا لا مستقبل لهم سوى الوقوف على أطلال المجاعات والحروب الطاحنة من أجل طمع فئة من البشر؟ يتمّ الإلقاء بالأطفال بشكل مرعب في هذا العالم نتيجةً لأنانيّة البالغين التوّاقين إلى السّعادة، بعد أن يتمّ إضفاء “معنى ما” على حياة الطفل بشكل تعسّفي.

قدمت نيكول كيدمان في فيلم ستوكر إجابة لسؤالي قد تكون مقنعة بعض الشيء والإجابة النهائية التي وصلت إليها، هي أننا في نقطة ما من حياتنا، ندرك أنها قد فسدت دون طريقة لعلاجها، لذا نقرر أن نبدأ من جديد.

نمزق الصفحة القديمة لنبدأ أخرى جديدة، ولكن حينها لا نملك أي مجهود لكتابة صفحات جديدة فنذهب لطريق إنجاب الأطفال. هذه النسخ الكربونية التي يمكننا أن نوجّهها قائلين: ستفعل ما لم أستطع فعله. ستنجح فيما فشلت فيه. لأننا نريد شخصًا يؤدي الأمر بشكلٍ صحيح هذه المرة. لكن ليس أنا، شخصيًا لا أقدر على انتظار مشاهدة الحياة وهي تمزقك.

تبدو الخلاصة اليقين تلك التي انتهى إليها المفكر الياباني ناوكي ياناسي أنه على المرء ألّا ينجب أطفالا حتّى يتجنّب إشراكهم في هذه الفوضى.. التي لا تبدو خلاقة أبدا.

21