ميليشيات مصراتة تُسخن الأجواء لإفساد اجتماعات الحوار الليبي

مساع لتفجير الوضع العسكري لعرقلة مسارات التسوية السياسية، والتي تبدو غير مُنفصلة عن الأجندة التركية والقطرية في ليبيا.
الاثنين 2020/11/02
امليليشيات تضغط باستعادة أجواء الحرب

تونس – انتقلت الميليشيات المُسلحة الليبية الموالية لتركيا وقطر من مربع رفض التفاهمات والاتفاقيات التي أفرزتها منصات الحوار الليبي – الليبي بشقيه السياسي والعسكري، إلى دائرة التسخين الميداني في مسعى لإبرام المشهد عشية اجتماعات غدامس العسكرية وملتقى تونس للحوار السياسي المباشر.

وكشف هذا الانتقال عن توجه إخواني لإعادة ترتيب الأولويات من منطلق مُحاولة الإبقاء على قواعد المعادلات السياسية والعسكرية في ليبيا رهينة لدى الميليشيات التي بدأت تستشعر قرب حدوث مُتغيرات سياسية وعسكرية قد تعصف بمكوناتها وبسطوة نفوذها الذي فرضته بالرصاص.

ويتضح هذا التحول من خلال تصريحات صلاح بادي قائد ما يُسمى بـ”لواء الصمود” الذي يُعد إحدى أبرز الأذرع المُسلحة الإخوانية في مصراتة وفي العاصمة طرابلس، التي استحضر فيها مختلف مفردات التصعيد قبل يوم واحد من أول اجتماع داخل ليبيا للجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5).

صلاح بادي: نرفض اجتماع غدامس، ولن نلتزم بنتائج ملتقى تونس
صلاح بادي: نرفض اجتماع غدامس، ولن نلتزم بنتائج ملتقى تونس

وسعى بادي في هذه التصريحات التي تأتي أيضا قبل أسبوع من ملتقى الحوار السياسي الليبي المباشر الذي تستضيفه تونس في الثامن من الشهر الجاري، إلى توتير الأجواء في سياق تحضير المشهد للمزيد من الضغوط على المشاركين في تلك الاجتماعات بهدف تخفيض سقوف نتائجها، أو تأجيل ما يمكن تأجيله من استحقاقاتها بما يُقلص من مساحات التفاؤل الحالي.

وأعلن بادي رفضه للتفاهمات السياسية التي جرت في بلدة بوزنيقة المغربية، والاتفاقية العسكرية والأمنية لوقف إطلاق النار التي أسفرت عنها اجتماعات جنيف السويسرية، إلى جانب رفضه لأي نتائج قد يُسفر عنها ملتقى الحوار السياسي المرتقب في تونس.

وقال في فيديو وهو يلوح بسلاحه “هذا السلاح سيبقى حتى تصبح بلادنا دولة حرة ذات سيادة يحكمها إنسان حر… نرفض أن يعيدوا لنا عملاء وخونة يأتون بهم من الخارج، والآن يجتمعون في تونس.. ستكون دماء الشهداء وبالا عليهم، وإن شاء الله يجتمعون في جهنم”.

وأكد أنه لن يسلم السلاح، ولن يلتزم بمخرجات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي ستبدأ الاثنين في مدينة غدامس جنوب ليبيا، مُتوعدا في نفس الوقت بأنه لن يتردد في استخدام القوة لوقف الحوارات السياسية، وذلك في إشارة إلى ملتقى الحوار السياسي المباشر في تونس.

ويأتي هذا التلويح بتفجير الوضع العسكري لعرقلة مسارات التسوية السياسية في ليبيا، التي تبدو غير مُنفصلة عن الأجندة التركية والقطرية في ليبيا، حيث يقيم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج حاليا في إسطنبول، في الوقت الذي يزور فيه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري الدوحة، بينما كثف رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح تحركاته السياسية، حيث زار مالطا ومصر.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ستعقد أول اجتماعاتها في غدامس خلال الفترة بين الثاني والرابع من شهر نوفمبر الجاري، وذلك للمرة الأولى داخل ليبيا.

وستحضر رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، ستيفاني ويليامز، اجتماعات غدامس التي ستُخصص لبحث المسائل الإجرائية والترتيبات الضرورية في علاقة باتفاقية وقف إطلاق النار المُوقعة في 23 أكتوبر الماضي في جنيف السويسرية، منها تشكيل اللجان الفرعية وآليات المراقبة لتنفيذ الاتفاقية.

وقبل عشرة أيام، وقع وفدا اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) اتفاقية في جنيف بحضور ويليامز التي وصفت الاتفاقية بأنها “شاملة ودائمة”، وتدخل حيز التنفيذ بشكل فوري إلى حين تشكيل مجلس رئاسي وحكومة ليبية جديدة، بعد ملتقى تونس.

عقبة أمام الملتقى
عقبة أمام الملتقى

وتنص هذه الاتفاقية على انسحاب عسكري من محور سرت والجفرة، وعودة القوات العسكرية إلى معسكراتها، ومغادرة جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب ليبيا في غضون 3 أشهر من توقيع الاتفاقية، إلى جانب ترتيب وضع الميليشيات والكتائب المسلحة وإعادة دمجها.

ويُعلق الفرقاء الليبيون، وكذلك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبقية الأطراف الإقليمية والدولية، آمالا على هذه الاتفاقية ليس فقط لإسكات البنادق، وانما أيضا لتوفير مناخات إيجابية لإنجاح ملتقى الحوار السياسي المباشر في تونس.

وتصف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هذا الملتقى الذي ستبدأ أعماله في التاسع من الشهر الجاري، بـ”الفرصة التاريخية” للخروج بتفاهمات تنسجم مع مخرجات مؤتمر برلين، وتمهد لإنهاء حالة التخبط والفوضى في ليبيا عبر بلورة خطة زمنية، تنتهي بانتخابات وطنية على قاعدة دستورية صلبة.

وبحسب ويليامز، فإن هدف الملتقى هو الوصول إلى الانتخابات العامة، باعتبارها السبيل الأفضل لإعادة القرار إلى الشعب الليبي، وتؤسس لمرحلة ديمقراطية، بحيث يتمكّن الليبيون من اختيار ممثليهم الحقيقيين، وتجديد شرعية المؤسسات.

ويُحظى هذا الملتقى باهتمام المجتمع الدولي، حيث سارعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى الترحيب به، وإلى التأكيد في بيان مشترك على تأييدها لأهدافه التي ترمي إلى “حشد الإجماع على إطار حوكمة جديد موحد وترتيبات تفضي إلى إجراء انتخابات في أقل فترة زمنية ممكنة سعيا لاستعادة سيادة ليبيا وشرعية مؤسساتها”.

4