معطف لرجل طويل القامة

أعجبها المعطف الرجالي الأسود الذي كان معلقاً على دمية العرض مقابل جناح الملابس النسائية، عثرت عليه أثناء بحثها عن قميص ترتديه في أول يوم عمل بعد انقضاء العطلة المدرسية. اقتربت منه وتفحصته من كل الجهات. تحسست نوع القماش ونعومة ملمسه، تأملته كأنما تختار بينه وبين معاطف أخرى لأجل الرجل الذي تحلم به كل ليلة.
ابتسمت، وفي أعماقها قررت “سيناسبه لونه ومقاسه”، فهو أسمر، طويل القامة مع شعر مجعد قليلا وشارب كثيف. تخيلته وهو يرتديه ويبدو جميلا عليه، لمست أزراره وكمية الطويلين، رأت أن بذلة بنية وقميصا أبيض وربطة عنق مخططة قد تبدو أكثر أناقة لو لبسها مع المعطف الجديد.
سبحت بخيالها نحو مظهره الذي يعدله في مرآة غرفة النوم. تشبثت برقبته، ودفنت وجهها في دفء صدره. نفضت عنه بعض الغبار العالق، فتشت في جيوبه عن أثر امرأة أخرى، شعرت بغيرة شديدة: امرأة أخرى؟ لا يمكن أن يحدث ذلك أبدا!
ملأت صدرها بعطر أنفاسه، رأته وهو يربت على كتفيها ويطوقها ويضمها إليه بذراعيه القويتين حتى أحست بهشاشتها، حلّقت بعيدا في أحضانه، فكرت أن تسأله لماذا تأخر والجو ماطر في الخارج وهي منذ ساعات تنتظره من خلف زجاج النافذة وقد أشعلت الشموع وجهزت العشاء، لكنها فضلت أن تصمت مكتفية بضم كفيه بين كفيها، قربتهما من شفتيها، قبلتهما. كم تعشق خشونة ملمسهما. وملمس المعطف الناعم، غير أن المعطف قد بيع قبل ساعات وصاحبه سيأتي لاستلامه!
هكذا جاءها صوت البائع الواقف خلفها، قبل أن يردف قائلا: تعالي الأسبوع المقبل. سنستلم بضاعة جديدة.