مصطفى الكاظمي في طهران لضبط المشهد خشية فوضى تحدثها الميليشيات قبل الانتخابات

تمتلك زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي التي بدأت الأحد إلى إيران أهميتها السياسية والأمنية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وسط مخاوف من أن تقوم الميليشيات بأحداث فوضى تهدد الانتخابات.
طهران - سعى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي خلال زيارة رسمية إلى طهران الأحد، إلى الحصول على دعم إيراني يساعد في ضبط الميليشيات الشيعية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المؤمل إجراؤها في العاشر من أكتوبر المقبل.
ويخشى الكاظمي من أن تقوم الميليشيات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة بأحداث فوضى بالتزامن مع الانتخابات والقيام بعمليات تصفية لمرشحين مستقلين عن الأحزاب التقليدية المسيطرة على المشهد العراقي منذ عام 2003.
ولا يرى هؤلاء النشطاء المستقلون في الأحزاب الكبيرة الشيعية منها والسنية حلا لمعضلة البلاد، ويسعون إلى تقديم أنفسهم بديلا مقبولا لدى العراقيين في العملية السياسية.
ومن المقرر أن يشارك في الانتخابات 110 أحزاب سياسية و22 تحالفا انتخابيا، يشكل المستقلون منهم للمرة الأولى عاملا جديدا.
وطالما اتهمت ميليشيات شيعية باستهداف الناشطين بالاختطاف والاغتيال، خصوصا خلال انتفاضة تشرين التي شارك فيها الملايين من المحتجين الرافضين للطبقة السياسية الحاكمة، ومطالبين بإصلاحات جذرية للعملية السياسية.
وتتزايد الخشية بعمليات تصفية خصوصا وأن أعدادا كبيرة من المرشحين يقدمون أنفسهم كمستقلين، وهم الفئة الأضعف التي تترقب تحريك المشهد السياسي عند وصولها إلى البرلمان العراقي.
ودعت المعارضة لأحياء الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين المباركة في تظاهرة مليونيه في جميع المحافظات العراقية في الاول من أكتوبر، قبل أيام من موعد الانتخابات البرلمانية.
وقال الناطق الرسمي باسم تجمع قوى المعارضة باسم الشيخ “إن هذه الدعوة تتوافق مع ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر الوطني العام لقوى المعارضة الذي انعقد في بغداد في الرابع من سبتمبر”، مؤكدا على أن الاستعدادات جارية بشكل متواصل لإحياء هذه الذكرى في جميع محافظات العراق، داعياً كل الوطنيين والمظلومين والرافضين لمنظومة الفساد التي تمسك بمقاليد السلطة للمشاركة والتعبير عن سخطهم جراء الخراب الذي نتج عن السياسات الفاشلة للقوى التقليدية التي لا تريد الاعتراف بالفشل.
ووصف مصدر مقرب من الحكومة العراقية زيارة الكاظمي إلى طهران بمحاولة الحصول على دعم إيراني يضبط الميليشيات المارقة قبل وخلال الانتخابات.
وقال المصدر الذي تحفظ عن ذكر اسمه في تصريح لـ”العرب” “إن الكاظمي طلب من إيران خلال زيارته التي وصفها بالمهمة، ألا تسمح للميليشيات بأن تستهدف المرشحين المستقلين”.
ويريد الكاظمي صيغة لا تستفز إيران، ولكن تبقي الأمور على حالها، خصوصا مع تعهد حكومته بتأمين متطلبات العملية الانتخابية والحفاظ على نزاهتها، بمراقبة دولية، ووضع إجراءات أمنية مشددة “لمنع أي حالات اختراق أو محاولات تزوير”.
إلا أن المحلل السياسي العراقي جبار المشهداني اعتبر أن زيارة الكاظمي إلى إيران لم تحقق أي هدف سياسي أو أمني أو اقتصادي.
وقال المشهداني في تصريح لـ”العرب” بأن “حسابات إيران الثورة والمرشد الأعلى تتحقق على الأرض عبر وسائل القوة العسكرية والضغط السياسي عبر أربع عواصم ولا تحتاج إلى ضمانات من رئيس حكومة ستنتهي بعد ثلاثة أسابيع، فإذا كان الكاظمي غير قادر على منع قصف مطار أربيل فكيف سيستطيع ضمان أي منجز سياسي”.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن الملفات التي كانت موضع نقاش بين الكاظمي والقيادة الإيرانية كثيرة ومتشعبة.
وعبروا عن توقعهم بأن الكاظمي اطلع على رأي الجانب الإيراني في ما يتعلق بما تخطط له الميليشيات على مستوى التوسع بنفوذها ليشمل مفاصل أساسية في الدولة.
ويرون أنه من الطبيعي أن ينقل الكاظمي مخاوف الشارع العراقي من هيمنة مباشرة تقوم بها الميليشيات على الحياة الاقتصادية من إشاعة نظام المناصفة مع التجار وفي مقدمتهم التجار الذين يتعاملون مع إيران ومنهم تجار العملة.
ويخشى الشارع العراقي من عجز الحكومة عن التحكم باتجاهات حركة تلك الميليشيات أكثر مما تقوم به حاليا، بعد أن يكون ممثلو الميليشيات في الانتخابات قد فازوا بمقاعد مضافة في مجلس النواب في دورته القادمة.
وبدأ الكاظمي الأحد زيارة رسمية غير محددة المدة إلى إيران، في أول زيارة له منذ تولي الرئيس الإيراني مهامه في أغسطس المنقضي.
وعبّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، عن تطلع بلاده لتعزيز العلاقات مع العراق، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على إلغاء تأشيرات الدخول بين بلاده والعراق.
من جانبه، قال الكاظمي “ناقشنا مجموعة من الملفات الثنائية المتمثلة بالربط السككي، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين”.
وعلى الرغم من التصريحات التي تضفي على الزيارة طابع التعاون الاقتصادي في العلاقات بين العراق وإيران، إلا أن كل القراءات تجمع على أنها زيارة “سياسية بامتياز” تكشف مساعي الكاظمي لإنجاح الانتخابات البرلمانية.
وقال المشهداني إن “الكاظمي يريد تحقيق هدف وحيد هو تسويقه لفكرة أنه الرجل المناسب للحكومة العراقية المقبلة، فهو القادر على الرقص مع الثعابين، وهو القادر على جمع دول إقليمية مهمة، وهو الساحر الأمهر الذي سيحل أزمات المنطقة ويجمع الأميركان مع الإيرانيين ويصالح السعودية مع إيران وهو الاقتصادي المحنك الذي سيحولنا إلى اقتصاد السوق المفتوح”.
واستبعد المشهداني في تصريح لـ”العرب” أن تطيع الميليشيات قرارات رئيس الحكومة العراقية، مؤكدا أن بعض الفصائل لم تعد تطيع كل ما يصدر لها من طهران فكيف تطيع من لم يستطع حماية مقره في المنطقة الخضراء.
وتوقع أن تكون حقبة الكاظمي هي الفصل الأخير لبلد قد يشهد سيناريوهات أكثر تعقيدا مما تروج له الحكومة العراقية.
اقرأ أيضا: الميليشيات مستمرة باستهداف القوات الأميركية في أربيل