مصر تجاهد لتخفيف أزمات قطاع السياحة في الشتاء

القاهرة تخفض أسعار وقود الطائرات لتشجيع رحلات الخطوط العالمية.
الثلاثاء 2021/01/26
جولة في الأهرامات تخفف غبار الركود

تجاهد مصر لإنقاذ قطاع السياحة الذي تداعى بسبب وباء كورونا، وخيّم على معدلات الإشغال في الفنادق والقرى السياحية في ذروة موسم السياحة الشاطئية خلال فصل الشتاء. ورصدت الحكومة حزمة تمويل بفائدة ميسرة لمساندة المنشآت السياحية في مواجهة الجائحة التي ضربت حركة السياحة العالمية.

القاهرة - وصف خبراء سياحيون مبادرة إنقاذ السياحة التي أطلقتها مصر مؤخرا بأنها مسكنات لا تقوى على إنقاذ القطاع الذي يئن في ظل تداعيات وباء كورونا، ونصحوا بضرورة أن تقتفي القاهرة أثر تجربة دبي التي تروج لمقصدها السياحي بشكل يعزز من زيادة معدلات الإشغال في الفنادق والمنتجعات السياحية، خاصة أن الفترة الحالية هي ذروة المقصد السياحي المصري.

ورصد البنك المركزي المصري حزمة تمويل بقيمة 200 مليون دولار بفائدة مخفضة بنحو خمسة في المئة لدفع مرتبات العاملين في المنشآت السياحية، وتمويل عمليات التشغيل في الفنادق.

وتضمن وزارة المالية لدى البنك المركزي المنشآت السياحية الراغبة في الحصول على التمويل الميسر، فيما تتيح الحزمة التمويلية أيضا قروضا بفائدة تصل إلى نحو ثمانية في المئة لتجديد المنشآت السياحية.

ويصل متوسط سعر الفائدة السنوي لتمويل الشركات المعلن بالبنك المركزي، خارج نطاق المبادرة نحو 9.8 في المئة، وفق مستويات بيانات نوفمبر الماضي.

إيهاب عبدالعال: نحتاج ضمانات لدى البنك المركزي لحل مشكلاتنا مع البنوك

وحقق قطاع السياحة في مصر عوائد تجاوزت 13 مليار دولار خلال عام 2019، قبل أن يضرب وباء كورونا السياحة ويصيبها بمقتل في المنتجعات المصرية.

وتقوم التجارب الناجحة على الترويج المستمر للمقصد السياحي، مع تعزيز الإجراءات الاحترازية، بما يؤدي إلى زيادة معدلات الإشغال بصورة مريحة.

وتتراوح معدلات الإشغال في المدن السياحية المصرية بين 10 إلى 15 في المئة، باستثناء القاهرة والإسكندرية، حيث تسجل الأولى 20 في المئة، بسبب فعاليات بطولة كأس العالم لكرة اليد التي تستضيفها حاليا، بينما تسجل الثانية نحو 15 في المئة فقط.

وتوقع المجلس العالمي للسياحة والسفر أن يبدأ قطاع السياحة طريقه للتعافي بدءا من أواخر مارس المقبل فصاعدا، حيث أبلغت العديد من شركات السفر الكبرى عن ارتفاع كبير في الحجوزات الآجلة.

ورجح المجلس انتعاش السفر الدولي بشكل كامل في النصف الثاني من العام 2021، مع بداية انتشار طرح اللقاحات ضد الوباء بشكل تدريجي وإزالة حواجز وقيود السفر، ما يفتح الباب لعودة أكثر من 100 مليون وظيفة بالقطاع.

وقطاع السياحة بطبيعته بالغ الحساسية والتأثر بالأحداث المحلية والعالمية، وتحديدا السلبية منها، وتسبب تفشي الوباء بشكل قاس في أوروبا إلى تقييد مفاصل السياحة نحو المقصد المصري الذي يعتمد على السياحة الغربية بشكل رئيسي، حيث تستحوذ على أكثر من نصف عدد السياح.

وتستحوذ ألمانيا على نحو 13 في المئة من إجمالي عدد السائحين لمصر، تليها روسيا بنحو 12 في المئة، ثم بريطانيا بنحو 7 في المئة وإيطاليا بنحو 3 في المئة.

الأهرامات في شوق للسياح
الأهرامات في شوق للسياح

وتشغل منطقة الشرق الأوسط المركز الثاني بالنسبة إلى المقصد المصري بنحو 22 في المئة، تليها الدول الأفريقية بنحو 7 في المئة، وثالثا دول آسيا ومنطقة الباسيفيك بنحو 6.6 في المئة.

وتستحوذ السياحة الشاطئية والترفيه والثقافية على نحو 95 في المئة من المقصد المصري، وبفارق هائل عن باقي أنواع السياحة الأخرى.

ويتراوح مستوى إنفاق السائحين في مصر بين 25 دولارا كحدّ أدنى وترتفع إلى نحو 250 دولارا في حدها الأقصى خلال اليوم الواحد.

وأمعنت مصر في إنقاذ موسمها السياحي المتداعي من خلال خفض أسعار الوقود لرحلات الطيران السياحية بنحو 15 سنتا للغالون حتى نهاية العام الحالي لتحفيز خطوط الطيران العالمية على زيادة عدد رحلاتها إلى مصر.

وزادت في الحوافز وأطلقت مبادرة “شتّي في مصر” بأسعار تفضيلية من أجل حفز السياحة الداخلية للمصريين لتعويض الخسائر بسبب شح تدفق السياح الأجانب.

وتشمل المبادرة تخفيضات على رحلات الطيران والإقامة في مدن شرم الشيخ والغردقة والأقصر، تبدأ من مئة دولار للرحلة ذهابا وعودة، فضلا عن إقامات كاملة بالفنادق شاملة الوجبات بأسعار 40 دولارا في الليلة الواحدة.

ريمون نجيب: السياحة الداخلية موسمية لا يمكنها تعويض الخسائر

قال الخبير السياحي إيهاب عبدالعال، إن مبادرات البنك المركزي، دائما تتسبب في صدام بين مستثمري السياحة والبنوك، فالثانية غرضها الربح، لذلك تخشى منح التمويل، خوفا من تأخر تعافي القطاع السياحي.

وطالب في تصريحات لـ”العرب” بأن تضمن وزارة المالية جميع مبادرات البنك المركزي وليس مبادرة الأجور الحالية.

وكشفت دراسة أعدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن 97 في المئة من إنفاق السياحة الشاطئية يذهب إلى الفنادق، بينما تتراوح المعدلات في السياحة الثقافية بين 40 في المئة للإقامة و35 في المئة للانتقالات و10 في المئة للمزارات وبين 12 إلى 15 في المئة للمصاريف الشخصية.

وأكد الخبير السياحي ريمون نجيب، أن السياحة الداخلية لا يمكنها إنقاذ المقاصد السياحية أو تعويضها عن الخسائر الحالية بسبب جائحة كورونا، لأنها سياحة موسمية، فضلاً عن أن ارتفاع أعداد المصابين بالفايروس خلال الفترة الأخيرة، سبب ذعرا مجتمعيا.

ووصف لـ”العرب” مبادرة البنك المركزي لتمويل قطاع السياحة، بأنها غير مؤثرة عمليا، فغالبية المنشآت توقفت عن العمل بالفعل، بسبب تراكم الخسائر، وانعدام مصادر الدخل والإيرادات، فضلا عن أن الشركات الدولية المنظمة للرحلات، لم تسدد ديونها للفنادق منذ عام تقريبا.

وتحتاج شركات السياحة إلى مصاريف شهرية، تبلغ في حدها الأدنى عشرة آلاف دولار، بينما تحتاج الفنادق 600 ألف دولار لتغطية تكاليفها الثابتة، وتتصاعد المتطلبات التمويلية للمنتجعات السياحية، والتي تحتاج إلى نحو 6 ملايين دولار للمنتجع الذي يضم 400 غرفة الأمر الذي يفاقم مشكلات القطاع.

وللتخفيف من أعباء القطاع تم إرجاء السير في إجراءات توقيع الحجز الإداري على المشروعات الفندقية والسياحية حتى نهاية العام الحالي، والإعفاء من سداد الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية، حتى 30 أبريل المقبل.

وتحتاج القاهرة خطة إنقاذ شاملة لانتشال قطاع السياحة من الخسائر، حيث يسهم بنحو 12 في المئة في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن أنه من القطاعات كثيفة العمالة، ويقدر عدد المشتغلين فيه بنحو مليوني عامل.

11