متى تفتح السلطات التونسية ملف "الجناح الإعلامي" للنهضة

عملية إصلاح الإعلام ودعم الديمقراطية تتطلب معالجة ملفات الفساد.
الجمعة 2021/11/05
دعم جهات سياسية لبعض القنوات عطل تطبيق القانون

ينتظر الوسط الإعلامي في تونس فتح الهياكل الرقابية المشرفة على قطاع الإعلام لملفات القنوات التلفزيونية والإذاعية التابعة لحركة النهضة وبقية الأحزاب، التي وظفت المنابر الإعلامية لخدمة أجنداتها السياسية.

تونس - حذر إعلاميون تونسيون من ترويج حركة النهضة لخطاب المظلومية والضحية للتأثير على الرأي العام، في وقت تثار فيه قضية وسائل الإعلام التابعة للنهضة والاستغلال السياسي لها ومطالب بفتح هذا الملف الشائك منذ سنوات.

وقال الإعلامي سفيان بن حميدة خلال مداخلته في برنامج إذاعي هذا الأسبوع، “يجب التنبه إلى أن حركة النهضة عادت إلى خطاب الضحية ودمغجة الرأي العام!”.

وتركز المنظومة الإعلامية لحركة النهضة منذ القرارات الاستثنائية للرئيس التونسي قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، على كيل الاتهامات السياسية للرئاسة في كل مناسبة، ولا يكاد يمر يوم دون أن تروج المنابر الإسلامية لهذه المزاعم.

هشام السنوسي: سنتصدى للإخلالات الإعلامية المتعلقة بكل الأحزاب السياسية
هشام السنوسي: سنتصدى للإخلالات الإعلامية المتعلقة بكل الأحزاب السياسية

وترى أوساط سياسية وإعلامية في تونس أنه حان الوقت لفتح هيئة الاتصال السمعي البصري “الهايكا” وسلطات البلاد لملف “الجناح الإعلامي للنهضة” ومؤسساتها التي وظفت الدعاية السياسية والمصالح الحزبية.

وأكد الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبّو أن حركة النهضة تمتلك خمس قنوات تلفزيونية، مستنكرا في تصريح لإذاعة محلية، عدم فتح ملفات هذه القنوات.

وأشار إلى “إحدى القضايا التي طرحت سابقا في المحكمة العسكرية ولها علاقة بأمن البلاد وإلى غاية اليوم لم يتم فتحها مجددا”.

ودعا عبّو قيس سعيد إلى “تطبيق القانون ومقاومة الفساد، مشددا على فتح الملفات الكبرى للأشخاص الذين تتم حمايتهم من طرف الأحزاب السياسية”، قائلا “هناك قرابة المئتي سياسي متورطين في ثراء غير شرعي”.

وأكدت الهياكل الرقابية المشرفة على قطاع الإعلام في تونس، أنها ستنظر في ملفات القنوات التلفزيونية والإذاعية التابعة لحركة النهضة وبقية الأحزاب التي وظفت المنابر الإعلامية خدمة لأجنداتها الحزبية والسياسية.

وأفاد هشام السنوسي، عضو “الهايكا”، بأن “الهيئة تعلم أن هناك منظومة فساد في داخل الجهاز الإعلامي، وهناك قنوات غير قانونية، ومدعومة من حركة النهضة وقلب تونس وحزب الرحمة، وقامت بالدعاية والإشهار السياسي”.

وأضاف لـ“العرب”، “الهايكا بدأت في حجز المعدات منذ سنة 2015، لكن هذه القنوات كانت تستقوي بالأحزاب الحاكمة”، قائلا “من المؤكد أننا سنتصدى لكل الإخلالات وليس المتعلقة بحركة النهضة فقط، بل بكل الأحزاب السياسية التي امتلكت قنوات وتستغلها دون إشهار، وهناك أيضا ملفات فساد متعلقة بها”.

وتابع السنوسي “القناة الخاصة الزيتونة تشتغل منذ سنة 2012، وتنفق أموالا طائلة، وسننظر في كل المفات، ولا يمكن أن نشرع في عملية إصلاح الإعلام ودعم الديمقراطية، دون معالجة ملفات الفساد”.

وقامت “الهايكا” المكلفة بتنظيم القطاع، بغلق وحجز لأجهزة البث التلفزيوني لمجموعة من القنوات المحلية بالتنسيق مع الجهات الأمنية لمخالفة هذه القنوات للقانون، وممارستها نشاط البث دون رخصة، وتعمدها المماطلة في تسوية وضعيتها القانونية، وفق ما ذكرت في بيانها في أكتوبر الماضي.

وشمل الإجراء قناة “الزيتونة” المقربة من حركة النهضة، وقناة “نسمة” لمالكها سابقا رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، فيما استبقت قناة “حنبعل” الخاصة، قرار هيئة الهايكا بالتوقف عن البث بشكل تلقائي بانتظار تسوية وضعيتها القانونية.

ودعت أطراف سياسية إلى ضرورة بناء مشهد إعلامي متوازن، يقطع مع ممارسات الأحزاب السياسية ورجال الأعمال الذين حاولوا اختراق المؤسسات لتطويعها وفقا لأهدافهم.

وقال السياسي حاتم المليكي، “يوجد تدخل سياسي ومالي من قبل الأحزاب في المشهد الإعلامي في تونس، على غرار حركة النهضة وبعض رجال الأعمال لتوظيف المنابر الإعلامية لخدمة مصالحهم وتنكيس الإعلام”.

وأكد في تصريح لـ“العرب”، أنه “تم التصدي لمقترح حزب ائتلاف الكرامة بشأن تغيير المشهد الإعلامي، والحرب من أجل استقلالية الإعلام ما زالت متواصلة”، لافتا “في تقديري هناك جانب متعلق بالإطار القانوني للقنوات التلفزيونية مثل (نسمة والزيتونة)، وملف يتعلق بإصدار قانون يتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري الذي سحبه رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي خدمة لمصالح النهضة”.

حاتم المليكي: النهضة حاولت اختراق الإعلام في تونس ولم تنجح في ذلك
حاتم المليكي: النهضة حاولت اختراق الإعلام في تونس ولم تنجح في ذلك

ودعا المليكي إلى “ضرورة بناء مشهد إعلامي متوازن وإصدار قوانين تتعلق بتعديلات في القطاع السمعي والبصري، فضلا عن النظر في وضعية الصحافيين والتقنيين العاملين بهذه القنوات”.

وأشار إلى أن “النهضة حاولت اختراق الإعلام في تونس ولم تنجح قنواتها في ذلك، ولم يكن لديها إشعاع كبير، حتى أن بعض القنوات غيرت من خطها التحريري، والحركة أيضا لها علاقات مع بعض القنوات الخارجية لتنفيذ أجنداتها”.

وفي شهر أبريل الماضي، أعلن العاملون في وكالة تونس أفريقيا للأنباء، وكالة الأنباء الرسمية للبلاد، الدخول في إضراب عام في حال لم تتراجع الحكومة عن تعيين أحد المقربين من حركة النهضة في منصب الرئيس المدير العام للمؤسسة، معتبرين أن تعيينه يأتي في إطار مساعي الحزب الإسلامي للتأثير على الخط التحريري لوكالة الأنباء الرسمية وتوجيهه لصالح حركة النهضة.

ووقعت سبع وثلاثون جمعية ومنظمة؛ من بينها رابطة حقوق الإنسان بيان إدانة لمحاولات السيطرة على قطاع الإعلام عبر التعيينات واعتبرتها خطة لفرض سيطرة الأحزاب على الإعلام العمومي الذي يمول من دافعي الضرائب.

ودعا منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الحكومة إلى التراجع عن التعيين في وكالة الأنباء الرسمية وعدم تمكين الأحزاب من الهيمنة على الإعلام العمومي.

 وحاولت حركة النهضة منذ سنوات تكوين جبهة إعلامية تدعمها وتروج لأطروحاتها عبر ضخ أموال طائلة لإنشاء محطات تلفزيونية وإذاعات ومواقع موالية لها، واستقطاب عدد من المحللين والمعلقين وحتى الصحافيين لترويج خطابات تخدمها.

وكرست حكومة هشام المشيشي المقالة، التعيينات على رأس مؤسسات الإعلام العامة، وهو ما اعتبره مراقبون استعدادا من الحزب المحسوب على تيار الإخوان لمعارك  مع الرئيس قيس سعيد.

وتقول الهياكل المهنية في تونس إنها تخوض معركة استقلالية لاسيما في أعقاب محاولات تعديل المرسوم 116 الذي ينظم قطاع الإعلام قادها حزب سياسي فتي (ائتلاف الكرامة) مقرب من حركة النهضة الإسلامية.

وقال رئيس الهايكا النوري اللجمي، في تصريحات سابقة إن “هناك جهة سياسية تدعم قناة الزيتونة لذلك لا يمكن تنفيذ قرار غلقها”، في إشارة صريحة إلى حركة النهضة، حيث يقود هذه المحطة التلفزيونية أسامة بن سالم نجل القيادي الراحل بحركة النهضة والوزير السابق منصف بن سالم.

وكانت قناة الزيتونة قد تقدمت بطلب الحصول على رخصة رفضته الهايكا معللة ذلك بأنه “تبيّن من وثائق الملف أنّ السيد أسامة بن سالم وهو أحد المساهمين في شركة الزيتونة للإعلام والاتصال، التي يفترض أن يتمّ استغلال الإجازة في إطارها، عضو في مجلس شورى حركة النهضة وهو أمر مخالف لمقتضيات الفصل 09 من كرّاس الشروط المتعلق بإحداث واستغلال قناة تلفزيونية خاصّة”.

16