لنتخيل..

تخيل أنه قبل الذهاب إلى فراشك تنزع كل أعضائك، نعم أعضائك مثلما تنزع ملابسك. تنزع لسانك، عينيك، أسنانك، دماغك، وخاصة قلبك.. كل أعضائك لتضعها كلها في الدولاب أو في مكان مخصص لها ثم تغط في نوم عميق.
تلبسها جميعها صباحا وتعيد كل عضو إلى مكانه.
تخيل أنه في يوم ما، عدت متعبا جدا، نزعت كل أعضائك كالعادة لكن لأنك متعب جدا فقد كدستها بجانب سريرك ولم تضعها في مكانها المعتاد ثم غططت في نوم عميق.
ثم تخيل أنك استفقت صباحا وارتديت كل أعضائك.. أعدت عينيك إلى مكانهما، أنفك، أسنانك، لسانك، دماغك.. كل شيء في مكانه العادي والطبيعي.
لكن يومها لم تجد قلبك..
تخيل أنك بحثت في كل مكان.. حتى أصبت بحالة هستيرية وسيطر عليك سؤال كيف سأحيا دون قلب.
ثم تخيل الهستيريا التي انتباتك هدأت وسرعان ما استبدل عقلك سؤال كيف سأحيا دون قلب؟ إلى ما الحل الآن؟ كيف أسد هذه الحفرة التي تركها قلبي بين ضلوعي.
بماذا ستسدها يا ترى؟ ما الشيء الذي يمكن أن يحل محل قلبك؟
أعرف أحدهم، استهان بالأمر.. فلا شيء يستدعي القلق إنها مجرد حفرة تتسع لأي شيء.. استخسر أن يضع فيها أفضل ما لديه فملأها بحذاء قديم تنبعث منه رائحة كريهة. ومن يومها بات كريها ينفر منه كل من يقترب.
أعرف آخر احتار جدا واختار أفضل ما لديه ليضعه مكان قلبه.. ومن يومها انبعثت منه روائح طيبة وعلقت به كل من تكلم معه.
إن قلوب الناس مثل الآبار العميقة، لا أحد يستطيع أن يعرف ما في الأسفل، كل ما يمكنك فعله هو أن تتخيل ما الذي يطفو على السطح كل فترة.
أؤمن بمقولة تؤكد أن ما يدخل الإنسان من الخارج لا ينجسه لأنه لا يدخل إلى قلبه، بل إلى جوفه، ثم يخرج من جسده.
لكن ما يخرج من الإنسان من الداخل.. من القلب، هو ما ينجسه.
في الحقيقة نحن نختار ما الذي يخرج من قلوبنا ويشع على وجوهنا..
فإذا اخترت أن يخرج من قلبك الحب سيكون وجهك مشرقا مبتسما ستكون كريما مجاملا حليما عزيزا.. ستحيا حياة حية.
أما إذا جنح قلبك إلى الكره سيكون وجهك مظلما كئيبا، ستكون وضيعا ذليلا صاغرا.. ستحيا حياة ميتة.
إن الشيء الوحيد الذي يمتلكه البشر حقا ولا يستطيع أن يتحكم به أحدهم أو يسلبهم إياه.. هو نظرتهم إلى حياتهم كيف سيحيونها.