لبنان على بعد أمتار من تشكيل الحكومة العتيدة

توزيع الحقائب الوزارية على الكتل النيابية لا يزال عالقا، ولكن إمكانية حلّه سهلة، فالعقبات الصعبة قد حُلّت.
الأربعاء 2021/08/18
عدم التشكيل خطيئة بحقّ الوطن

بيروت - أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف، نجيب ميقاتي الثلاثاء، أن الترتيبات والجهود باتت في “الأمتار الأخيرة من مسابقة تشكيل الحكومة”، في وقت تشير فيه مصادر لبنانية قريبة من المفاوضات أن الإعلان عن التركيبة الحكومية لن يتجاوز مطلع الأسبوع المقبل.

وقال ميقاتي في مؤتمر صحافي، عقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر الرئاسة شرقي العاصمة بيروت إن “المشاورات تُستكمل، والنيّة عند الجميع بتشكيل الحكومة، لأنّ عدم التشكيل خطيئة بحقّ الوطن”.

وأضاف أن “الحوار مع عون إيجابي، ونأمل أن نرى الحكومة قريبا”، فيما نفى أن تكون حقيبة وزارة الداخلية عقبة أمام تشكيل الحكومة، مشددا على أنه وهو والرئيس عون يعملان بجهد لإزالة كل العقبات.

ولقاء الثلاثاء بين ميقاتي وعون هو الـ11 بينهما منذ أن كلفه الأخير في 26 يوليو الماضي، بتشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس 2020، بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت.

وسبق هذا التكليف اعتذار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، عن عدم استكمال مهمة تشكيل الحكومة جراء خلافات مع عون حول توزيع الحقائب الوزارية.

وتُشير مصادر سياسية لبنانية إلى أن الإيجابيّة الحكومية كانت لافتة في اللقاءات الأخيرة بين عون وميقاتي، كاشفة أن التوزيع الطائفي للحقائب انتهى، وهناك انفتاح كبير على اختيار الأسماء، إذ إن أي طرف لم يبد تعنته بشأن الأسماء، وهو أمر خلق راحة خلال التفاوض الذي اقترب من النهاية.

وهناك بعض النقاط حول توزيع الحقائب على الكتل النيابية لا تزال عالقة، ولكن إمكانية حلّها سهلة، فالعقبات الصعبة قد حُلّت.

وكان ميقاتي أعلن في وقت سابق عن مسودة تشكيلة حكومية قدّمها إلى عون قال إنه يمكن البناء عليها.

هل الفرج قريب؟
هل الفرج قريب؟

وتشير المسودة إلى الإبقاء على التوزيع الطائفي نفسه المعتمد في الحقائب السيادية، الأمر الذي يثبت إبقاء حقيبة الداخلية والبلديات في يد شخصية سنية واستمرار حقيبة المال عند الشيعة، من دون أن تكون من نصيب مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل، وهذا ما يشدّد عليه عون تحت ذريعة أنّ الرجل قد يخضع للتحقيق معه عند إجراء التدقيق المالي في البنك المركزي، فيما حسمت حقيبة العدل لجهة أن تبقى من حصة الرئيس عون.

وأكدت مصادر مطلعة على المفاوضات أنه تم أيضا استكمال التفاهم على الوزارات الخدماتية بعد أن صرح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الأسبوع الماضي بأنه كلّف الرئيس ميقاتي باختيار الحقيبة الوزارية التي يمثلها الدروز.

وأشارت ذات المصادر إلى أنه تم التوافق على إسناد حقيبة التربية للحزب التقدمي الاشتراكي الذي يقوده جنبلاط فيما هناك توجّه لإسناد وزارة الاتصالات إلى تيار المردة.

وتأتي الانفراجة السياسية المرتقبة عقب ضغوط دولية مارستها كل من الولايات المتحدة وفرنسا على الفرقاء السياسيين، لإخراج مسار تشكيل الحكومة من دوامة العراقيل والشروط التعجيزية التي طرحها رئيس الجمهورية في بداية المشاورات للاستئثار بحصة وازنة بالحكومة، ما أدى إلى تعثر التشكيل.

وأبلغ الجانب الفرنسي الفرقاء السياسيين بأن مسألة فرض عقوبات على كل من يعطل التشكيل، لن تستثني رئيس الجمهورية شخصيا هذه المرة، وأن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل التعطيل على حساب معاناة اللبنانيين المتفاقمة على وقع أزمات مستفحلة آخرها أزمة رفع الدعم عن المحروقات.

ووجه رؤساء وزراء سابقون، بمن فيهم ميقاتي تحذيرات للرئيس ميشال عون من مغبة التأخير في تسهيل ولادة حكومة لبنانية جديدة.

وحمّل هؤلاء رئيس الجمهورية اللبنانية مسؤولية وضع العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها الأساسية الخروج من الأزمات المتفاقمة السياسية والاقتصادية.

ويزيد التأخر في تشكيل الحكومة الوضع سوءًا في بلد يعاني منذ نحو عامين أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ما أدى إلى انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

2