قيادات مستقيلة من النهضة تستعد لإطلاق حزب سياسي جديد

مناورة جديدة للتنصل من مسؤولية الحركة عن تدهور الأوضاع في تونس.
الاثنين 2021/10/25
محاولة للظهور في ثوب جديد بعيدا عن النهضة

تونس - يستعد قياديون مستقيلون من حركة النهضة الإسلامية في تونس لإطلاق حزب سياسي جديد، في خطوة مثيرة خاصة وأنها تبدو محاولة للظهور في ثوب جديد والتملص من مسؤولية فشل حكم النهضة طيلة السنوات العشر الماضية.

وقال القيادي المستقيل من الحركة سمير ديلو إنه يتطلع إلى تأسيس حزب جديد دون مرجعية دينية وتكون رؤيته وطنية ويكون شبابيا وتترأسه امرأة ويحافظ على الهوية الوطنية.

وأضاف ديلو في تصريح لـ”العرب” أن “النقاشات الجارية الآن واسعة، وتتجاوز المستقيلين حديثا عن حركة النهضة، الأمر لا يتعلق بإعادة رسكلة لهم”.

وتابع أن “الأمر يتعلق أساسا بالبحث عن تموقع يقطع مع الإسلام السياسي ويكتفي بتوطئة الدستور التونسي كمرجعية دون حاجة إلى أيديولوجيا أو دين”.

سمير ديلو: نقاشات واسعة لتأسيس حزب يقطع مع الإسلام السياسي
سمير ديلو: نقاشات واسعة لتأسيس حزب يقطع مع الإسلام السياسي

وتعرف حركة النهضة منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي –وهو التاريخ الذي جمد فيه الرئيس قيس سعيد أعمال واختصاصات المجلس النيابي وأقال الحكومة ورفع الحصانة البرلمانية عن النواب– نزيفا من الاستقالات بسبب إخفاق الحركة في إدارة الشأن العام في البلاد.

ووضعت تلك الإجراءات حركة النهضة بعيدا عن دوائر الحكم للمرة الأولى منذ ثورة الرابع عشر من يناير، وهو ما  زاد الخلافات داخلها حدةً لاسيما أنها باتت تعيش عزلة خارجية متفاقمة.

وينتقد متابعون الحراك الذي تقوم به القيادات المستقيلة من النهضة، معتبرين أنه مجرد مناورة تستهدف التملص من الفشل الذي ارتبط بالحركة طيلة العشرية الماضية.

وتشهد تونس مرحلة انتقالية دشنها الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو بإقرار جملة من القرارات الاستثنائية، وهي قرارات ترفضها النهضة وقياداتها المستقيلة على حد السواء.

وبموازاة الحراك السياسي الذي تُوج بتشكيل حكومة نجلاء بودن، التي كلفها قيس سعيد برئاسة الوزراء، تشهد تونس حملة ضد الفساد وسط دعوات لمحاسبة الأحزاب المورطة في هذه الظاهرة وحظرها، وذلك بالتزامن مع تصاعد التكهنات بإمكانية أن تطال الحملة حركة النهضة.

واعتبر الباحث السياسي التونسي محمد ذويب أن توجه مجموعة من القيادات النهضاوية لتأسيس حزب جديد يعد حيلة جديدة وتكتيكا ناجما عن تخوّف هؤلاء من المحاسبة.

محمد ذويب: توجه قادة النهضة المستقيلين لتأسيس حزب يمثل حيلة جديدة
محمد ذويب: توجه قادة النهضة المستقيلين لتأسيس حزب يمثل حيلة جديدة

وقال ذويب “لو كانت نية أعضاء هذه المجموعة نابعة من رغبة في التغيير والبحث عن مصلحة تونس وشعبها لذهبوا في هذا التوجه قبل الخامس والعشرين من يوليو، ولكن هذه الخطوة جاءت كتكتيك وردة فعل ناجمة عن خوفهم من تفعيل القضاء التونسي لتقرير دائرة المحاسبات وفتح الملفات الخطيرة التي يتورط فيها حزب والتي ستؤدي إلى حظره ومنعه من العمل السياسي، كملف التمويل الأجنبي والجهاز السري والتسفير والإرهاب والاغتيالات السياسية وابتزاز رجال الأعمال وغير ذلك”.

وأوضح أن “المجموعة التي غادرت النهضة تعي أن الحركة بشكلها القديم وبقياداتها القديمة قد انتهت بعد أن حسم التونسيون أمرهم ورفع عنهم الخارج أياديه، وبالتالي هي تسعى لبناء تنظيم جديد يضمن وجودها ووجود الحركة الإسلامية في المشهد السياسي”.

وكان 113 قياديا في النهضة -من بينهم قيادات مركزية وجهوية وأعضاء بمجلس الشورى وأعضاء بالبرلمان المجمد- قد تقدموا باستقالة جماعية في موفى سبتمبر الماضي من الحركة احتجاجا على ما وصفوه بـ”الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي للحزب”.

وحمل هؤلاء القيادة الحالية برئاسة راشد الغنوشي “قدرا هاما من المسؤولية في ما انتهى إليه الوضع العام بالبلاد من ترد فسح المجال للانقلاب على الدستور وعلى المؤسسات المنبثقة عنه”.

والخلافات داخل النهضة ليست وليدة اللحظة؛ فقد تفاقمت وخرجت إلى العلن أساسا العام الحالي بسبب توجه الغنوشي لتأجيل مؤتمر الحزب الحادي عشر مرة أخرى في مناورة منه تستهدف البقاء على رأس الحركة، وهو ما ترفضه بشدة قيادات أخرى بارزة على غرار وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي الذي غادر الحركة مؤخرا.

ويمنع القانون الداخلي للحركة وتحديدا الفصل 31 الغنوشي من الترشح لفترة أخرى في رئاسة الحزب، وتعهد رئيس الحركة بعدم الترشح لكنّ مناوئيه اعتبروا ذلك مجرد مناورة.

4