قليل من الوباقة

هل سبق أن رأيتم شخصا “يتوبق”؟
كنا شابات يافعات خارج حدود المنطق والواقع نقضي أوقاتنا في فعل الشيء وعكسه. الضحك دون سبب والتسكع في شوارع المدينة ليلا.
كان رمضان ذلك العام مختلفا، لا تستغرب إن رأيت سيارة متوقفة وسط الطريق ليلا وشابات يرقصن خارجها فيما مسجلها يصم الآذان.. كنا نحن.
بعدها نتجه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، ثم نخرج لنخلع الجلابيب في الطريق وتتعالى ضحكاتنا لتوقظ النائمين الذين كثيرا ما وجهوا لنا سبابا من النوافذ لا بأس هم مساكين ينفسون عن طاقاتهم السلبية.. نعيدها لهم ضحكات. كان الأمر أشبه بالجنون.
كان كل ما نفعله يدخل في إطار ما يعرف بـ”الوباقة” التي لا أجد لها شرحا كافيا لأنها جملة أفعال وليست أقوالا. و”الوباقة” كلمة من قاموس تلك الفترة الذي اخترعناه.
مرت تلك الأيام بأخف الأضرار كانت طاقتنا عالية جدا تكفي بلدا.
لا تزال ذكريات تلك الأيام تمنحني طاقة إيجابية في أوقاتي السيئة، في زمن بات فيه من السهل جدا التقاط الطاقات السلبية من هالات كل المحيطين بك.
إن كل شعور على وجه الأرض هو طاقة، ما يميّزها عن بعضها هو تردداتها المنخفضة أو المرتفعة.
فقدنا طاقة الحب، الراحة، السعادة، الأمان، القوة، اليقين، الغفران، الرضا، السكينة، الاستحقاق.
وأحاطت بنا هالات الكره، الألم، الحزن، الخوف، الضعف، الشك، الحقد، الغضب.
بات حريا بنا أن نتحرر من طاقاتنا السلبية التي نتمسك بها ونصر عليها لنتخلص من تدهور حياتنا.
تتطاير الطاقات السلبية من الناس كما تتطاير ذرات الغبار مع الهواء.. نادرا ما تلتقط طاقة إيجابية رغم وجود بعض الأشخاص الذين يشبهون الشاحن. أعانق ابنتي نهاية كل يوم وأقول لها “هيا اشحنيني، أشبه هاتفا فرغت طاقته”.
نعيش أياما عادية، لكل منا أعماله الخاصة التي يفكر فيها، وتتدفق طاقة إيجابية ويبدو أن كل شيء على ما يرام. ثم تلتقي ذلك الشخص الذي تنبثق منه طاقة سلبية بطريقة معدية، وتبدأ حرفيا بالشعور بطبقة من الثقل بدأت تعتليك. يشبه الأمر البقاء دون استحمام لفترة طويلة، تبدأ الأوساخ بالتراكم عليك شيئا فشيئا حتى تحس بالقرف.
ثم تتمنى أن تكون داخل فقاعة لا يمكن اختراقها من الضوء الواقي الأبيض الذي يحيط بك وبطاقتك والذي يعكس الطاقات السلبية على أصحابها.
كلنا بحاجة إلى الوباقة لنجدد طاقاتنا.