فرنسا تعزز قواتها في الساحل لتسريع وتيرة دحر الجهاديين

باريس تعتزم تقييم فاعلية القوات الإضافية في مواجهة هجمات الجماعات الجهادية خلال ستة أشهر.
الاثنين 2020/02/03
أوامر بالتقدم

أعلنت فرنسا الأحد، أنها ستدفع بـ600 جندي إضافي إلى منطقة الساحل الأفريقي خلال الشهر الجاري في محاولة جديدة من باريس لمحاصرة الجماعات المتطرفة ودرء أخطارها حيث كثفت الأخيرة هجماتها في الوقت الراهن مخلفة خسائر فادحة في صفوف الجيوش الوطنية.

باريس – أكدت فرنسا الأحد، عزمها إرسال تعزيزات عسكرية إلى دول الساحل الأفريقي لترفع بذلك عدد العسكريين المتواجدين هناك والذين ينشطون ضمن قوة برخان من 4500 حاليا إلى 5100 عسكري وذلك بحلول نهاية فبراير الجاري.

ويرى مراقبون أن خطوة باريس تأتي تجسيدا لرغبتها في قلب موازين القوى على الأرض في مواجهة هجمات الجماعات الجهادية.

وقالت وزيرة الجيوش فلورانس بارلي في بيان لها الأحد، إن “الجزء الأساسي من القوة سيُنشر في المنطقة التي تسمى الحدود الثلاثة بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر”، البلدان الثلاثة الأعضاء في مجموعة الساحل إلى جانب موريتانيا وتشاد.

وأضافت الوزيرة الفرنسية أن “جزءا آخر من هذه التعزيزات سيشارك بشكل مباشر داخل قوات مجموعة دول الساحل الخمس لمواكبتها في القتال”.

وذكر مصدر عسكري أن حوالي مئة آلية من مدرعات ثقيلة وخفيفة ومعدات لوجستية، سترافق هؤلاء العسكريين الإضافيين البالغ عددهم 600 وسيتم نشرهم قبل انتهاء الشهر الجاري.

ويأتي تحرك باريس بعد أن ضاعفت الجماعات الجهادية منذ أشهر هجماتها التي تستهدف عادة الجيوش الوطنية.

100مدرعة ثقيلة وخفيفة ومعدات لوجستية سترافق العسكريين الفرنسيين الإضافيين للساحل

وتسببت الهجمات في هذه المنطقة في اضطرابات أمنية أرهقت المدنيين وألحقت خسائر جسيمة بالجيوش المحلية، وكانت فرنسا نفسها قد خسرت 13 جنديا في نوفمبر في حادث تصادم بين مروحيتين خلال عملية عسكرية.

ومنذ ذلك الحين تسعى فرنسا إلى تعزيز هذه القوة التي يرى معارضوها أنها تغرق وتثير في الوقت نفسه انتقادات من قبل الرأي العام في أفريقيا.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن خلال قمة ’’بو’’ مع قادة دول منطقة الساحل الخمس، في يناير تعزيز القوة بـ220 جنديا إضافيا. ولكنه قرر أن يرفع هذا العدد إلى 600 عسكري إضافي.

وقال المصدر العسكري إن “مراجعة فاعلية” هذا التعزيز ستجري خلال ستة أشهر ما يشير إلى رغبة باريس في كبح جماح الجماعات الجهادية بأسرع وقت ممكن وإيقاف خسائر الجيوش الوطنية والمدنيين.

وأضاف ذات المصدر أن “الرئيس يريد نتيجة”، مشيرا إلى ضرورة “عودة الحوكمة” إلى منطقة صحراوية شاسعة جدا ومهملة إلى حد كبير من السلطات المركزية للدول.

وقال بيان وزارة الجيوش إن “هذه المرحلة الكبرى من التزامنا في الساحل تفترض أن تشكل منعطفا في تعبئة شركائنا الأوروبيين وتعزيز قوات مجموعة الخمس على حد سواء”، إذ أن فرنسا لا تنوي تعزيز التزامها بمفردها.

وستنشر تشاد قريبا كتيبة إضافية بينما تحاول تشيكيا الحصول على موافقة البرلمان لإرسال ستين جنديا في إطار قوة “تاكوبا” التي ستضم وحدات من قوات خاصة أوروبية.

لمكافحة الإرهاب
لمكافحة الإرهاب

وتنتظر باريس مشاركة دول أخرى قريبا حيث تحاول فرنسا حشد دعم أوروبي أكبر لعملياتها في أفريقيا. ومن جهتها، عادت فلورانس بارلي مؤخرا من الولايات المتحدة حيث حاولت إقناع نظيرها مارك إسبر بالإبقاء على الالتزام الأميركي في أفريقيا، الذي يعد أساسيا لعملية برخان على الصعيد اللوجستي وفي مجال الاستخبارات. ولم يتم البت في الأمر حتى الآن.

ولكن قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الجنرال ستيفن تاونسند رأى أن سحب الدعم الأميركي “لن يكون السير في الاتجاه الصحيح”.

ودعا ستيفن تاونسند في الوقت نفسه الأوروبيين إلى “مواجهة التحدي وبذل المزيد من الجهود لمساعدة فرنسا”.

وعلى كل حال، هذا التعزيز للقوات يطابق رغبة رئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال فرنسوا لوكوانتر.

وكان لوكوانتر قد صرح في يناير الماضي أن عدد القوات البالغ 4500 عسكري لن يكون كافيا وأنه سيقترح على ماكرون إرسال تعزيزات أكبر من 220 جنديا التي أعلن عنها في قمة “بو”.

وقال حينذاك “في هذه المنطقة الشاسعة جدا، لا تكفي الوسائل الموضوعة بتصرف عملية برخان لنتمكن من نشر جنود 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع”.

وكان الجنرال لوكوانتر قد صرح كذلك في البرلمان الفرنسي في نوفمبر أن “4500 جندي في منطقة الساحل أمر مثير للسخرية”.

ويرى محللون ومسؤولون كبار أن الأشهر المقبلة بالغة الأهمية لعكس الوضع الحالي الذي ترجح فيه الكفة لمصلحة الجماعات الجهادية التي تعتمد ببعض النجاح على الأوضاع المتوترة وشعور السكان بالإحباط.

وستبقى وسائلها في أغلب الأحيان هجمات خاطفة لعشرات المهاجمين على دراجات نارية يمكنهم الفرار بسرعة تطرح على الأرجح مشكلة لقوة برخان وحلفائها. وقال الجنرال لوكوانتر في يناير معترفا “لا أعتقد أننا سنتمكن من إعلان النصر في نهاية العام على الرغم من هذا الاندفاع”.

وإلى جانب تهديدات الجماعات المتطرفة، تواجه فرنسا تنامي مشاعر العداء لتواجدها في الساحل واعتباره ’’احتلالا’’ تحت غطاء مكافحة الإرهاب وهو ما أرغم ماكرون على طلب توضيح من قادة دول الساحل الخمس في هذا الصدد.

5