عودة البرلمان: مناورة لاستعادة الأضواء أم خطة للتصعيد مع الرئيس التونسي

شخصيات سياسية تدعو إلى ضرورة تقديم البرلمانيين وحركة النهضة إلى تنازلات إن تم الذهاب إلى سيناريو الحوار.
السبت 2021/10/02
لا عودة إلى الوراء

يتصاعد الجدل السياسي في تونس حول عودة نشاط البرلمان من عدمه، رغم إقرار الرئيس قيس سعيد بتجميد نشاطه في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وبينما يعتبرها مراقبون مناورة لاستعادة الأضواء داخليا وخارجيا للتصعيد مع الرئيس التونسي وإحراجه سياسيا، ينتصر البعض الآخر للحوار كحل لإنهاء الأزمة.

تونس- اعتبرت أطراف سياسية تونسية أن الدعوات المنادية بعودة نشاط البرلمان المجمّد مناورة لإحراج الرئيس قيس سعيد والتصعيد معه، وسط إقرار بأن المؤسسة التشريعية انتهت شعبيا، في وقت تنادي فيه أطراف أخرى بضرورة الحوار بين مكونات المشهد.

واعتبر رئيس كتلة الإصلاح الوطني بالبرلمان حسونة الناصفي، أن “الدعوات لعودة البرلمان المعطّلة أعماله قد تأخذ البلاد إلى صراعات وتفرقة وفتنة”، داعيا إلى “ضرورة توخي منهج الحوار والتعقّل من أجل تجاوز الأزمة الحالية”.

حسونة الناصفي: دعوات عودة البرلمان ستصعّد الأزمة والحل في الحوار

وقال الناصفي في تصريح لإذاعة محلية، إنّ “الحديث عن إمكانية استئناف البرلمان لنشاطه في بداية شهر أكتوبر يدخل في إطار تصعيد الأزمة في البلاد، رغم حرصنا على العودة إلى دولة القانون والمؤسسات واحترام الشرعية والدستور والتفكير في المشاكل الحقيقية التي تعيشها تونس”.

وتابع “أعتقد أن هذا الموقف يدخل في إطار تصعيد الأزمة ولا يمكن أن يكون حلا لأن الحل في تونس لا يمكن أن يكون إلا عبر الحوار والتعقل وأن يقوم الجميع بمراجعات بما في ذلك الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية”. 

ونبّه الناصفي إلى أنّ عودة البرلمان أو تنظيم جلسة عامة “قد يأخذ البلاد إلى صراعات وتفرقة وفتنة”، قائلا “أنا ضد كل الحلول الصدامية وأحبذ الحلول العقلانية والمسؤولة والتي تحترم الشرعية الدستورية”.

وكان قد أمضى العشرات من النواب بمجلس نواب الشعب المعطلة أعماله على بيان عبروا من خلاله على رفضهم للأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021،  كما دعوا في البيان ذاته البرلمان للانعقاد انطلاقا من الجمعة.

وترى شخصيات سياسية أن هذه الدعوات لاستئناف نشاط البرلمان هي مناورة سياسية لاستهداف الرئيس قيس سعيد بالأساس، ودعت إلى ضرورة تقديم البرلمانيين وحركة النهضة إلى تنازلات إن تم الذهاب إلى سيناريو الحوار.

وأفاد ناجي جلول، رئيس حزب الإئتلاف الوطني التونسي “أعتقد أنها مناورة سياسية للضغط من أجل عودة الحوار”، قائلا “عودة الحوار دون عودة البرلمان هو اعتراف بالشرعية”.

ناجي جلول: الهدف من التحرك هو إحراج الرئيس داخليا وخارجيا

وأضاف في تصريح لـ”العرب” “في كل الحالات، إن كان تصعيدا أو مناورة، فهو شيء خطير، لأن البرلمان مجمّد، وأي تحرك يمثل خطرا على الأمن القومي التونسي”.

وتابع “هم يحتجون لأنهم يعتبرون أن ما قام به الرئيس قيس سعيد غير شرعي وتعد على الدستور، ولكن الهدف من هذا التحرك هو لإحراج الرئيس داخليا وخارجيا لأن البرلمان لم يتم حلّه”.

ولاحظ جلول “الوضع أصبح معقدا لأن هناك حكومة جديدة، والحل الوحيد هو العودة إلى طاولة الحوار بتنازلات، لكن الخاسر الأكبر هو الشعب التونسي”، مشيرا إلى أن “التنازلات لا بدّ أن تأتي من البرلمانيين وحركة النهضة، لأن الزخم الشعبي اليوم مع الرئيس سعيد”.

واستطرد “الشعب لفظ المنظومة والبرلمان فقد مشروعيته الشعبية، وعوض التشبّث بجثة، علينا أن نتحاور ونتقدم”.

واعتبر بعض النواب، أنه لا فائدة من هذه الدعوات في ظل نهاية البرلمان شعبيا بعدما لفظه التونسيون، مؤكدين أن الهدف من هذا التحرك هو التصعيد مع الرئيس في محاولة لقطع الطريق أما فتح ملفات الفساد.

وتعليقا عن تحرّك زملائه، قال القيادي بحركة الشعب، والنائب البرلماني بدرالدين قمودي، “شخصيا لا أعطي قيمة لهذا الحراك، لعدة أسباب أهمها أن البرلمان انتهى شعبيا، ونحن في ظل برلمان مجمّد، وبالتالي الحديث عن العودة لا معنى له، بل فقط هو لجلب الأنظار في الداخل والخارج”.

بدرالدين قمودي: البرلمان انتهى شعبيا والحديث عن العودة لا معنى له

واعتبر في تصريح لـ”العرب”، “إلى حد ما هي محاولة لإحراج الرئيس قيس سعيّد، وكان عليهم أن ينخرطوا في ما ينفع الناس والبلاد، ونحن في مرحلة قانونية ستنتهي بإجراء انتخابات جديدة”، لافتا إلى أن “تونس ما قبل الخامس والعشرين من يوليو لن تستمر”.

وتابع قمودي “ما يحصل اليوم هو في علاقة بلوبيات الفساد التي تريد إلهاء الرأي العام والرئيس عن فتح الملفات”.

والخميس، طالب تسعون نائبا تونسيا، بعودة البرلمان للعمل في بداية شهر أكتوبر الجاري، مؤكدين رفضهم للأحكام الانتقالية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد قبل أيام.

وأمضى نواب من حزبي النهضة وقلب تونس والكتلة الوطنية وبعض المستقلين على عريضة أعدها النواب الصافي سعيد وعياض اللومي والعياشي زمال، أكدوا فيها رفضهم للإجراءات الاستثنائية والأحكام الانتقالية التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد واعتبروها “انقلابا صريحا وكامل الأركان ضد الشرعية الدستورية وضد المسار الديمقراطي”.

ودعوا إلى “استئناف العمل البرلماني يوم غرة أكتوبر، لتحديد خارطة طريق للخروج من الأزمة، وذلك تفعيلا لبنود الدستور وطبقا للنظام الداخلي للبرلمان، وإلى حضور اجتماع عام سيحدد تاريخه لاحقا بالتوافق، لاستئناف عمل البرلمان في دورته الثالثة من أجل البدء في التأسيس لانتخابات تشريعية جديدة”.

بعض النواب اعتبروا أنه لا فائدة من هذه الدعوات في ظل نهاية البرلمان شعبيا بعدما لفظه التونسيون

ويأتي ذلك بعد ساعات من دعوة الكتلة النيابية لحركة النهضة رئيس البرلمان راشد الغنوشي لعقد اجتماع عاجل لمناقشة التدابير الاستثنائية للرئيس قيس سعيد، محذرة من مخاطر تجميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيد شخص واحد.

والأربعاء، كلف الرئيس قيس سعيّد، نجلاء بودن رمضان بتشكيل حكومة جديدة للبلاد، وفق ما ذكرت الرئاسة في بيان لها، لتكون أول امرأة في تونس تسمى لتولي هذا المنصب.

 وأشار سعيّد في خطاب التكليف إلى أنه يتعين الإسراع في اقتراح أعضاء الحكومة، معتبرا أن تونس أضاعت وقتا كثيرا، مشددا على أولوية مكافحة الفساد.

وفي الخامس والعشرين من يوليو الماضي، اتخذ الرئيس سعيد حزمة من الإجراءات الاستثنائية، أهمها تجميد نشاط البرلمان، وإقالة حكومة هشام المشيشي.

4