علاج جديد مصنوع من السكر يكافح العدوى الفيروسية

جزيئات السكر المعدلة فعالة كمضاد للفيروسات الخطيرة بما في ذلك تلك التي تسبب التهابات الجهاز المناعي التنفسي.
الثلاثاء 2020/02/04
أمل يتطور مخبريا

توصل فريق من الباحثين السويسريين والبريطانيين إلى أن جزيئات السكر المعدلة في المختبر مضادة وبشكل فعال للعديد من الفيروسات الخطيرة، وتم اختبارها بنجاح على مجموعة واسعة من الفيروسات المعدية بما في ذلك تلك التي تسبب التهابات الجهاز المناعي التنفسي، واعتبر علماء هذه النتائج خطوة كبيرة باتجاه علاج الفيروسات الناشئة والتي لم يتوفر لها لقاح إلى اليوم، مثل فيروس كورونا الذي تفشى مؤخرا في الصين.

لندن – أدخل باحثون سويسريون وبريطانيون تعديلا على جزيئات السكر بحيث تكون قادرة على تدمير الفيروسات دون أن يتسمم الإنسان أو تتسبب له في أي ظاهرة مقاومة. وتبشر نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة “ساينس أدفانسيس” بتطور واعد في اتجاه إيجاد علاجات لمرض الهربس، والفيروس المخلوي التنفسي البشري، والتهاب الكبد الوبائي وفيروس نقص المناعة البشرية وفيروس زيكا.

ويقول فريق العلماء من جامعة مانشستر وجامعة جنيف، إن العلاج الجديد المصنوع من السكر -رغم أنه في مرحلة مبكرة من التطور- فإنه يمكن أن يكون فعالا أيضا ضد الأمراض الفيروسية السائدة حديثا مثل فيروس كورونا الجديد.

ويقول الدكتور صاموئيل جونز من جامعة مانشستر وهو عضو في معهد هنري رويس للمواد المتقدمة والمؤلف الرئيسي للدراسة “نظرا لأن هذا نوع جديد من مضادات الفيروسات، فمن المحتمل أن يكون هناك تغيير في اللعبة في علاج الالتهابات الفيروسية”. ويضيف “لقد نجحنا في تصميم جزيء جديد وهو سكر معدل يعرض خصائص مضادة للفيروسات واسعة الطيف”.

والمادة التي تم تعديلها عبارة عن مشتق طبيعي من الغلوكوز وتدعى “سيكلوديكسترين” وتستخدم على نطاق واسع في الصيدلة ومستحضرات التجميل أو كمضاف غذائي.

وتجذب جزيئات السيكلوديكسترين المعدلة الفيروسات مثل المصيدة وترتبط بغشاء الفيروس وتدمره بشكل نهائي بدلا من عرقلة نموه كما هو الشأن بالنسبة للمضادات الفيروسية التقليدية.

جزيئات السيكلوديكسترين المعدلة تجذب الفيروسات مثل المصيدة وترتبط بغشاء الفيروس وتدمره بشكل نهائي بدلا من عرقلة نموه كما هو الشأن بالنسبة إلى المضادات الفيروسية التقليدية

وتعد الفيروسات مسؤولة عن العديد من الأمراض، مثل فيروسات كورونا والأنفلونزا وإيبولا وزيكا والتهاب الكبد الفيروسي ونقص المناعة البشرية، وهي موجودة في كل النظم الأيكولوجية على الأرض. وتعتبر هذه الهياكل دقيقة الكيان البيولوجي الأكثر وفرة في الطبيعة.

والعلاجات ضدها محدودة أو غير موثوقة ولا يوجد للمضادات الحيوية أي تأثير عليها، لذا تم تطوير بعض الأدوية المضادة لها، وهي قليلة نسبيا لأن العديد من الفيروسات قادرة على إعادة برمجة خليتها المضيفة لإنتاج فيروسات جديدة وبالتالي تنتقل من سلالة إلى أخرى ولا يمكن التنبّؤ بما ستفعله.

وتمنح اللقاحات حصانة ضد الإصابة بفيروس معين، ومع ذلك بعض الفيروسات لا تستجيب مثل فيروس نقص المناعة البشرية وتلك التي تسبب الالتهاب الكبدي الفيروسي.

وهناك مواد قادرة على تدمير الفيروس عن طريق الاتصال البسيط، وعلى سبيل المثال ماء الجافيل الذي يشيع استخدامه كمطهّر ومبيض والالدهيدات التي تستخدم كمطهّر، وتقتل البكتيريا والفطريات والفيروسات، ولكن هذه المواد شديدة السمية ولا يمكن حقنها في الجسم البشري.

إضافة إلى ذلك، تعمل الأدوية المضادة للفيروسات فقط على منع الفيروس من النمو وإعادة إنتاج نفسه، ولكن دون تدميره، ولا يمكن الاعتماد عليها دائما لأن الفيروسات من المحتمل أن تتحول وتصبح مقاومة.

وقالت مديرة البحث كارولين تاباريل أستاذة في قسم علم الأحياء الدقيقة والطب الجزيئي بجامعة جينيف “من أجل التغلب على هذه العوائق ومكافحة العدوى الفيروسية بفعالية تخيلنا زاوية هجوم مختلفة تماما”.

وقد سبق للباحثين إنتاج مضادات فيروسات قائمة على الذهب، وطبقوا نفس المفهوم ونجحوا هذه المرة في إنتاج مضادات فيروسات باستخدام مشتقات الغلوكوز الطبيعية السيكلوديكسترين، والتي تم تعديلها مختبريا. واختبر الباحثون السيكلوديكسترين المعدلة على عدد كبير من الفيروسات مثل الفيروس المخلوي التنفسي (التهاب القصيبات) وفيروس حمى الضنك والهربس والتهاب الكبد الفيروسي “سي” وفيروس الورم الحليمي والعديد من الفيروسات الرئوية.

جزيئات السكر قادرة على تدمير الفيروسات دون أن يتسمم الإنسان
جزيئات السكر قادرة على تدمير الفيروسات دون أن يتسمم الإنسان 

وأثبت الـعلاج كذلك فعاليته على السلالات المقاومة لـ”داكلاتاسفير” وهو دواء مضاد للفيروسات ويستخدم لعلاج التهاب الكبد الفيروسي سي. ويعتبر جونز “مزايا السيكلوديكسترين عديدة حتى أنها أكثر توافقا من الناحية البيولوجية من الذهب وأسهل استخداما وهي لا تؤدي إلى آلية مقاومة وليست سامة”.

وتقول فاليريا كانيو المؤلف المشارك في الدراسة “بالنظر لكونها شائعة الاستخدام خاصة في صناعة المواد الغذائية فإن ذلك سيسهل عملية تسويق العلاجات الصيدلانية التي تستخدمها”.

ويرى خبراء أنه في ضوء قلة الأدوية الناجحة في مكافحة الفيروسات بالإضافة إلى كونها محددة لفيروسات معينة مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو التهاب الكبد الفيروسي، فإن تطوير مضادات فيروسات واسعة الطيف أمر ضروري وبالغ الأهمية لمنع الفيروسات الجديدة التي لا يوجد لها علاج من التفشي بسرعة.

وخلص الباحثون إلى أنه في صورة الانتقال إلى تطبيقات ملموسة، فقد يكون لعملهم تأثير عالمي كبير، حيث يمكن للمركب الذي تم تطويره أن يكون فعالا أيضا ضد الفيروسات الناشئة الجديدة من قبيل فيروس كورونا الحديث الذي يسبب أزمة في الصين حاليا.

وتم تقديم براءة الاختراع من قبل الباحثين وستتم دراسة عملية التطوير الدوائي، لكن الإنتاج قد يستغرق وقتا ولن يكون سريعا بما فيه الكفاية للتصدي لفيروس كورونا، الذي ينذر بانتشار واسع النطاق.

17