مدن عائمة وأخرى تحت الأرض لمجابهة التحديات المناخية

باحثون يستعينون بالتكنولوجيا لضمان الرفاهية في المدن البيئية ومواجهة التهديدات التي يمثلها تغير المناخ.
الاثنين 2020/03/09
بعيدا عن الضوضاء والتلوث

تنذر التغيرات المناخية بعواقب بشرية وبيئية واقتصادية مدمرة. وبينما تقتصر معظم المحادثات بين دول العالم على بعض التعهدات بشأن خفض انبعاثات الكربون المتسبب في هذه الأزمة العالمية الخطيرة، ينكب المهندسون على تغيير فلسفة تصاميم المدن من خلال نماذج جديدة، ومن غير المستبعد أن يشهد المستقبل القريب إنشاء مدن بأكملها تحت الأرض وأخرى عائمة فوق سطح المحيط، قادرة على التكيف مع الأنماط المناخية المختلفة.

بدأ المهندسون والمصممون يدركون معنى الحاجة إلى تشييد مدن قادرة على مجابهة جميع التحديات، من قبيل التزايد السكاني المضطرد، والتهديدات التي يمثلها تغير المناخ كارتفاع درجات الحرارة ومنسوب مياه البحر. ومن بين هذه المشاريع الطموحة والرائدة، فكرة إنشاء مدن بأكملها تحت الأرض وأخرى عائمة على سطح المحيط، وسيكشف المستقبل القريب مدى تأثير هذه المباني والإنشاءات على المحيطات والأنظمة البيئية. وكلما ازدادت المدن ازدحامًا، زادت الجدوى الاقتصادية لبناء منازل عائمة.

ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ وما الذي يمكن أن تقدمه هذه المدن لمتساكنيها؟

تبدو فكرة إنشاء مدن تحت الأرض أشبه بضرب من المستحيل، لكنها قد بدأت تتجسد تدريجيا على الواقع، ونماذج القرى تحت الأرض قد وجدت بالفعل منذ زمن بعيد.

مدن تحت الأرض

قبل سنوات طويلة، وتحديدا في عام 1800 قبل الميلاد، قرر سكان منطقة كابادوكيا في تركيا -بسبب بيئتهم المعادية بما في ذلك الطقس القاسي والتهديد المستمر بالحرب- حفر مدينة بأكملها تحت الأرض تدعى “ديرينكويو” تصل سعتها إلى 50 ألف ساكن ويقال إنه عاش فيها 20 ألف شخص بالفعل، ورغم عمرها الذي يمتد إلى آلاف السنين تتسم المدينة بعبقرية التصميم.

وفي عام 2010 اتخذت مدينة هلسنكي عاصمة فنلندا نفس النهج، حيث وافق مجلس المدينة على خطة رئيسية لمدينة تحت الأرض تم الانتهاء منها في عام 2019، وهي تغطي كامل مساحة المدينة البالغة 214 كيلومترا مربعا، وذلك للحفاظ على الطاقة ومأوى في فصل الشتاء البارد ومخبأ في حالة عدوان روسي.

ولكن ليس مجرد الأمن والطقس الموسمي البارد هما السببان الرئيسيان للبناء تحت الأرض؛ إذ توفر الحياة الجوفية أيضا بديلا عن الأبراج الضخمة التي هناك حد عملي لكيفية بنائها، وتستجيب لتحديات عدد السكان المتزايد، حيث من المتوقع أن يعيش 60 في المئة من سكان العالم في المدن بحلول عام 2050 مما يعني أن هناك حاجة إلى إسكان نحو 2.5 مليار شخص إضافي في حين أن الأراضي الحضرية أصبحت أكثر ندرة.

وفي ضوء ذلك، تدرس عدة مدن -مثل مكسيكو سيتي وسنغافورة والصين- إمكانية التوسع تحت الأرض بدلا من المزيد من ناطحات السحاب.

كيفن كوران: التكنولوجيا أساسية من أجل السماح لهذه المدن البيئية بالتطور
كيفن كوران: التكنولوجيا أساسية من أجل السماح لهذه المدن البيئية بالتطور

وبالنسبة إلى سنغافورة ثالث أكبر دولة في العالم من حيث الكثافة السكانية، إذ تضم -وفقا لآخر إحصائية صدرت عن الأمم المتحدة لعام 2019ـ 5.817 مليون نسمة، تتطلع البلاد إلى إنشاء مدينة تحت الأرض كخيار مستدام يستجيب للنمو الديمغرافي المطرد والتغيرات المناخية.

وفي العام الماضي، نشرت هيئة إعادة التطوير الحضري في سنغافورة مسودة الخطة الرئيسية الخاصة بها والتي تحدد شكل السنوات الـ15 المقبلة. واستثمرت البلاد أكثر من 188 مليون دولار في الهندسة والأبحاث في مجال البناء تحت الأرض. وعدلت قوانين حقوق الملكية بحيث أصبحت جميع الطوابق السفلية الآن تابعة للدولة، وذلك لتحرير المساحة الموجودة أسفل المنازل من أجل التنمية. وفي البداية، لن يعيش الناس تحت الأرض كما تقول الحكومة، وبدلا من ذلك ستبدأ المدينة بنقل مرافق التخزين والنقل والمرافق الصناعية تحت الأرض، مما يوفر مساحة فوق الأرض للاستخدامات السكنية والتجارية.

وتستخدم سنغافورة حاليا مساحات تحت الأرض لأنظمة النقل والتبريد، والتي تصل إلى عمق 20 مترا، ومن المزمع إنشاء نظام صرف صحي عميق في الأنفاق لنقل المياه العادمة ومياه الصرف الصحي من 20 إلى 50 مترا تحت الأرض.

وستستضيف مدينة شانغي ثلاثة مستودعات للقطار ومستودع حافلات بحلول عام 2024 وكلها تحت الأرض. وسيسعى البلد إلى مضاعفة شبكة القطارات بحلول عام 2030.

ويقول الخبراء إن النقل تحت الأرض قد يساعد الأشخاص على الهروب من الطقس السنغافوري الذي يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة والرطوبة والأمطار نتيجة لتغير المناخ.

وتقوم هيئة البناء والتشييد في سنغافورة حاليا بتطوير نموذج جيولوجي ثلاثي الأبعاد باستخدام المسح الضوئي بالليزر والذي سيتم تجميعه في قاعدة بيانات مركزية للمساعدة على تخطيط المساحة تحت الأرض.

وفي الولايات المتحدة قدم رجل الأعمال إيلون ماسك في ديسمبر 2018 القسم الأول من شبكة للمركبات السريعة تحت الأرض ويأمل في إقامتها لمواجهة حركة المرور المنهكة في لوس أنجلس، ويقول ماسك إن فور دخول المركبات النفق ستكون قادرة على السير بسرعة أكثر من 240 كيلومترا.

ولاحظ فيليب رود، المتخصص في المناطق الحضرية والذي يدير مركز الأبحاث “Lse cities” ومقره لندن، أن المدن تجتذب المزيد من الناس، وللتغلب على هذه الظاهرة تحاول المدن في جميع أنحاء العالم أن تصبح أكثر ذكاء من حيث نقل مرافق التخزين والتجزئة تحت الأرض إلى استخدام البيانات والتكنولوجيا لتحسين الأمن والرعاية الصحية والتنقل.

وبالنسبة إلى مدن أخرى فإن زيادة الكثافة تعني وضع المزيد من المرافق تحت الأرض، ليس فقط شبكات المترو والمرافق العامة ولكن أيضا المنشآت التجارية وتجارة التجزئة والتخزين.

وفي هونغ كونغ المعروفة بناطحات السحاب الشاهقة، هناك حاجة ملحة إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من استخدام الفضاء تحت الأرض حيث أسعار المنازل والأراضي بين أعلى المعدلات في العالم.

وتعهدت الحكومة بتوفير مساحة أكبر للسكن من خلال إجراءات مثل بناء جزر اصطناعية كما تتطلع إلى استخدام المساحات تحت الأرض لمعالجة النفايات ومراكز البيانات وخزانات المياه ومحطات الطاقة والمرافق الرياضية.

وفي مونتريال بكندا هناك شبكة واسعة من المحلات التجارية والفنادق تحت الشوارع. وفي نيويورك أدار مختبر “لو لاين لاب” مشروعا تجريبيا -مدته حوالي سنتين من أكتوبر 2015 إلى مارس -2017 من النباتات المزروعة تحت الأرض باستخدام الألواح الشمسية على أسطح المدينة لتقديم الضوء الطبيعي إلى الأنفاق أدناه، وبعد أن نما أكثر من 100 نوع مختلف من النباتات بنجاح صار المختبر يهدف إلى أول مساحة خضراء تحت الأرض في العام المقبل.

للتكنولوجيا دور أساسي

ما كان فكرة مجنونة أصبح واقعا ملموسا
ما كان فكرة مجنونة أصبح واقعا ملموسا

هناك تصور متزايد لدى الوسط العلمي مفاده أن التوسع تحت الأرض ستتمخض عنه في نهاية المطاف مدن بأكملها وستلعب التكنولوجيا دورا محوريا في ذلك.

ويقول البروفيسور كيفن كوران، خبير الأمن السيبراني بجامعة أولستر، إن التكنولوجيا ستكون أساسية للسماح لهذا النوع من المدن البيئية بالتطور، وعلى سبيل المثال ستصبح جودة الهواء عاملا مهما وستحتاج إلى مراقبة مستمرة، حيث أن الهواء الموجود تحت الأرض لا يتم تدويره بسهولة مثل الهواء الموجود فوق السطح.

ويضيف كوران “تساعد أجهزة الاستشعار بالفعل على مراقبة التأثير البيئي للمدن في جميع أنحاء العالم وجمع التفاصيل حول المجاري ونوعية الهواء والقمامة، وعلى سبيل المثال قد تحتوي المدن الموجودة تحت الأرض على صناديق ذكية للقمامة والتي ترسل تنبيها عند الحاجة لإفراغها، وإضاءة ذكية تحدث فقط عند استشعار حركة المرور أو اقتراب المشاة”.

ووفقا لديل راسل، أستاذ هندسة تصميم الابتكار في الكلية الملكية للفنون، “البناء تحت الأرض يوفر المساحة وفي نهاية المطاف القوة”.

ويوضح راسل “يمكن للتضاريس نفسها أن تولّد الطاقة، فالصخور تمتص حرارة الشمس في الصيف للحفاظ على المدينة باردة، وتطلقها في فصل الشتاء مثل مشعات عملاقة للتدفئة. وبحلول عام 2069 يمكننا أن نتخيل نظاما كاملا قائما على السفر والبيئة تحت الأرض، وذلك باستخدام أنظمة الزراعة المائية ذات الضوء الصناعي لتنمية إمدادات المدينة الغذائية”.

ونظرا لكون سيناريوهات الطقس القاسية ستصبح أكثر شيوعا في المستقبل كنتيجة ثانوية لتغير المناخ، من المتوقع أن تصبح الأعاصير أكثر قوة بسبب زيادة درجة حرارة المحيطات حيث تعد المحيطات الأكثر دفئا أرضا خصبة لتكاثر العواصف والأعاصير.

ومع تصاعد حالة الطوارئ المناخية يمكن لمأوى تحت الأرض أن يكون أكثر أمانا. وفي هذا الصدد يقول أسمو جاكسي، كبير مهندسي متحف “آموس ريكس” تحت الأرض في هلسنكي، “أعتقد أن الحياة تحت الأرض ستصبح جزءا من مستقبل المدن”، مضيفا “بما أن الاحترار العالمي يخلق بيئة معادية بشكل متزايد، فقد تكون الحياة تحت الأرض المكان الأكثر أمانا، هل تريد حقا أن تكون في ناطحة سحاب عندما تبدأ الأعاصير؟”.

ويعتقد الخبراء أن هناك فوائد كبيرة للعيش تحت الأرض؛ وعلى سبيل المثال تحت باريس هناك رطوبة عالية ودرجة حرارة ثابتة، حوالي 14 درجة مئوية أيا كان الطقس الخارجي.

ويقول غونار جينسين، رئيس قسم علم النفس في منظمة البحوث الاسكندينافية، “إذا كنت تبني تحت الأرض في أماكن حارة للغاية أو أماكن شديدة البرودة فإن مشروعك سيكون أقل تكلفة على المدى الطويل حيث تكون درجة الحرارة مستقرة وبالتالي تقل تكلفة التهوية أو التدفئة”.

وتواجه المدن والمجتمعات الساحلية في جميع أنحاء العالم مشكلات تتعلق بالنمو السكاني السريع والمساحة المحدودة وارتفاع منسوب مياه البحر.

وتشير التقديرات إلى أن المدن الساحلية الكبرى معرضة لخطر الفيضانات الخطيرة بحلول نهاية هذا القرن مما يعرض مستقبل الملايين من السكان للخطر. والكثير من هؤلاء سيختارون بلا شك المغادرة إلى أرض مرتفعة. وبالنسبة إلى الباحثين ومخططي المدن على حد سواء فإن السؤال الذي يلوح في الأفق هو إلى أين سيذهبون؟

فيليب رود: تحاول المدن أن تصبح أكثر ذكاء باستخدام التكنولوجيا
فيليب رود: تحاول المدن أن تصبح أكثر ذكاء باستخدام التكنولوجيا

جزر اصطناعية فوق المحيط

يرى البعض أن آثار ارتفاع مستوى سطح البحر ستتجاوز المجتمعات الساحلية وستؤثر أيضا على المجتمعات الداخلية حيث ستتلقى تدفقا من السكان الجدد الذين يطلق عليهم اسم “لاجئو تغير المناخ” ما قد يؤثر إلى حد كبير على الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية.

وفي ضوء ذلك، اقترحت بعض المدن خططا بالمليارات من الدولارات لإقامة جدران بحرية ضخمة حول سواحلها بينما قررت مدن أخرى رفع الأرض بشكل مصطنع في حين أن البعض الآخر قد بدأ في رسم خطط للتراجع، وهي حلول مكلفة ولا تفي بالغرض.

وعلى سبيل المثال، أعلنت إندونيسيا في أبريل 2019 أنها تخطط إلى نقل عاصمتها إلى بورنيو مستشهدة بالفيضانات المزمنة وارتفاع مستويات سطح البحر للعاصمة جاكرتا. وأعلنت كذلك عن خطة بقيمة 34 مليار دولار لنقل 30 مليون شخص إلى أرض مرتفعة.

ومن المتوقع أن تقوم إندونيسيا وتايلاند وفيتنام والفلبين بتصفية 6.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2100 في خطط للوقاية من الفيضانات الساحلية.

وصممت مدينة نيويورك خطة دفاع ساحلي بقيمة 3.7 مليار دولار. واستثمرت تكساس 11.6 مليار دولار في نظام حماية من العواصف. وخصصت لويزيانا 25 مليار دولار لخطة رئيسية ساحلية جديدة.

وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة ستتكبد حوالي 400 مليار دولار على مدى العقدين المقبلين للسيطرة على أضرار ارتفاع مستوى سطح البحر.

ووفقا للمركز الوطني لعلوم المحيطات بالمملكة المتحدة، التكلفة الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر قد تكون 14 تريليون دولار سنويا قبل انتهاء هذا القرن.

ويقول الدكتور توم غورو، رئيس التحالف العالمي للشعاب المرجانية، “إذا لم نعكس تغير المناخ فسوف ندفع تكلفة التكيف معه”.

ويرى مارك كولينز تشن، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة “أوشيانكس”، تصورا مستقبليا لمعالجة الأزمة وتساءل عما إذا كان يمكن للناس العيش على بنية تحتية محمولة يمكن بناؤها فوق البحر وترتفع مع ارتفاع مستويات سطحه.

ويعتقد اعتقادا راسخا أنه بالنسبة إلى معظم المدن الساحلية سيكون هذا الخيار أرخص بكثير وأفضل للبيئة.

ويقول تشن إنه بغض النظر عن مقدار ارتفاع المياه فإن المدن العائمة آمنة وستتمكن أيضا من النجاة من العواصف.

والتقى تشن، إلى جانب علماء ومهندسين، بممثلي الأمم المتحدة في أبريل 2019 للعمل معا على تطوير مدن عائمة تتمتع بالاكتفاء الذاتي.

ويقول الأستاذ نيكولاس ماكريس، مدير مركز الهندسة والمحيطات بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي حضر المائدة المستديرة إن هذا الحلم ممكن تماما، حيث هناك الكثير من الهياكل الأخرى التي تطفو بالفعل مثل المدن العائمة كسفن الرحلات البحرية وحاملات الطائرات. أي أن التكنولوجيا موجودة بالفعل والأمر يتطلب القليل من التعديل لتحويله إلى شيء يمثل بيئة حضرية. ويضيف “أعتقد أنه أمر رائع لأنه يمكّن الناس من شيء يحلمون به، إنه أمل المستقبل”.

وستكون المدينة العائمة أو “أوشيانكس سيتي” عبارة عن مجموعة من المنصات تتم صناعتها على الأرض ويتم سحبها إلى البحر وتجميعها معا مثل قطع “الليغو”. ويتم تثبيتها في قاع البحر بواسطة الصخور الحيوية. وستنتج المدينة العائمة الطاقة والحرارة الخاصة بها باستخدام مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. أما إمدادات المياه العذبة فستأتي من تكنولوجيا تحلية مياه البحر وجمع الرطوبة من الهواء.

ويعتقد تشن أن التحدي الأكبر الذي يواجه هذا النوع من المدن هو الجانب النفسي، حيث هناك أشخاص لا يزالون غير مرتاحين لفكرة العيش على الماء على الرغم من أن سفن الرحلات البحرية هي بالفعل مدن عائمة تنتقل من ميناء إلى آخر، وهناك مجتمعات في جميع أنحاء العالم عاشت على المحيط لسنوات عديدة مثل “أوروس” في بيرو و”باجاو” في إندونيسيا ومجتمع “ماكوكو” في نيجيريا وآلاف المنازل العائمة في هولندا.

وبالنظر إلى أزمة المناخ المتفاقمة والإخفاق المتتالي لزعماء العالم في اتخاذ إجراءات جادة لمكافحتها، لن يكون هناك خيار آخر سوى تشييد مدن عائمة أو تحت الأرض لتفادي العواقب التي تنذر بتدمير الحياة على سطح الأرض.

12