ساويرس يخرق الخطوط الحمراء لانتقاده النفوذ الاقتصادي للجيش المصري

القاهرة - دخل رجل الأعمال نجيب ساويرس عش الدبابير، كما يقال في مصر، عندما ألمح في تصريحات له إلى عدم ارتياحه لدور الشركات التابعة للحكومة والجيش في الاقتصاد، ورأى أن ذلك “غير عادل”، ما يعدّ اختراقا لأحد الخطوط الحمراء في البلاد.
وقال ساويرس الأحد إن الدولة يجب أن تكون جهة تنظيمية وليست مالكة للنشاط الاقتصادي، معتبرا أن المنافسة بين القطاعين الحكومي والخاص غير عادلة منذ البداية، والشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو رسومًا جمركية، وأن المستثمرين الأجانب خائفون بعض الشيء.
وفسّر بعض المتابعين هجوم ساويرس على الدور الاقتصادي للدولة بأنه محاولة لخدمة استثماراته المتعددة كي تتم ترضيته من جانب الحكومة، وهذا عادة ما كان يفعله بعض رجال الأعمال مع الأنظمة الحاكمة في مصر منذ فترة.
وأوضح كريم العمدة الباحث في الاقتصاد السياسي لـ”العرب” أن ساويرس من أكثر رجال الأعمال الذين استفادوا من الشراكة مع الحكومة في ظل تركيزها على المشروعات التنموية، وكانت لشركاته الضخمة أولوية لدى الدولة لتسريع الإنجازات.
وأضاف أن رسالته حول إزاحة الحكومة لشركات القطاع الخاص من طريقها تبدو بالغة السلبية للمستثمر الأجنبي الذي يرغب في قراءة السوق المصرية ويريد أن يستكشف الواقع الاقتصادي من خلال رسائل المستثمرين المحليين.
واستبعد العمدة تضييق الخناق على رجل الأعمال لأن الحكومة تتعامل بذكاء مع المستثمرين الكبار، لكن حديثه قد يسرّع وتيرة انسحاب شركات حكومية من المشهد.
وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من قبل أن الدولة لا تريد مزاحمة القطاع الخاص، وأن دخولها في المشروعات كان مرتبطا بحقبة زمنية بعينها.
ورد رئيس الحكومة مصطفى مدبولي بشكل غير مباشر في اجتماعه مع المجموعة المالية هيرميس وممثلي 28 مؤسسة مالية واستثمارية الثلاثاء، حيث أشار إلى حجم الحوافز التي تقدّمها الحكومة لجذب الاستثمارات المباشرة، لافتا إلى أن تدخل الحكومة جاء لتحقيق توازن مطلوب عقب القيام بإصلاحات اقتصادية.
وفي الوقت الذي جاء فيه حديث رئيس الحكومة عقلانيا تعامل إعلاميون مع ساويرس كأنه معارض سياسي، وفتحوا ملفات شخصية، اقتصادية وفنية وأخلاقية، وصوّروا الأمر على أنه من باب محاربة الفساد، بينما يعلم الكثيرون أنه عندما تفتح أبواب هجوم بهذه الطريقة فقد يكون هناك ما يشبه “الضوء الأخضر” مُنح للمنتقدين.
وليس بالضرورة أن يكون هذا الضوء تم الحصول عليه عبر توجيهات مباشرة، فالبعض يُقدم على تصرفات مثل هذه من تلقاء نفسه لإثبات الولاء أو رغبة في المزيد من المكاسب، لأن الحملة على الرجل تصاعدت واستخدمت فيها أسلحة تضر باقتصاد الدولة أكثر من ساويرس.
وأدى كلام الملياردير عن شركات الحكومة والجيش إلى تعرضه لهجوم لاذع من مجموعة من الإعلاميين انتقدوا ما أسموه تجاوزا وفسادا من قبل ساويرس ضمن أعمال إنشائية يقوم بتنفيذها كان إعلاميون وسياسيون ورياضيون وفنانون دأبوا على الإشادة بها ولا يتوقف الإعلان عنها في وسائل إعلام تابعة للدولة.
وربط مراقبون بين الانتقادات التي تعرّض لها ساويرس وبين تصريحاته المفاجئة التي تطرّق فيها إلى دور الجيش في الاقتصاد، حيث يدور حوله جدل من حين إلى آخر، وهي الزاوية التي يمكن أن تكون السبب الرئيسي لتفسير فتح النيران الإعلامية على الرجل بسخونة تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء.
ويرى هؤلاء المراقبون أن رجل الأعمال عبّر بصراحة عما يعتقده بما أغضب بعض أجهزة الدولة التي لا تريد التطرق إلى دور الجيش في الاقتصاد بعد أن أصبح محل تحفظات من جهات مختلفة دفعت الدولة إلى الإعلان عن خصخصة بعض شركاته وطرحها في البورصة.