دعوات إلى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة تطرح مدى جدية التغيير

الصافي سعيد يستبعد نجاح الحوار الوطني ويؤيد فكرة الانتخابات في تونس.
الجمعة 2020/12/04
سيناريو الانتخابات يفرض تغيير الحسابات

تتالى الدعوات السياسية في تونس إلى حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة وتغيير النظام السياسي وتعديل الدستور، لإزاحة الضباب الطاغي على المشهد وتوضيح الرؤى الداعمة للمسار الديمقراطي بالبلاد، وفي ظل التشظي الحزبي القائم الذي تغذيه الصراعات والاتهامات يبقى تحقيق التوافق حول الفكرة صعب المنال، في وقت يعيش فيه التونسيون وضعا مأزوما على جميع الأصعدة.

تونس – طالبت شخصيات سياسية في تونس بضرورة التوجه نحو انتخابات برلمانية مبكرة، في خطوة لإعادة توزيع الأوراق من جديد، والبحث عن تصورات جديدة للمشهد، الذي أثار جدلا واسعا وطغت عليه الخلافات، ما أدى إلى إهمال القضايا الحقيقية للمواطن التونسي.

وتطرح فكرة الانتخابات التشريعية المبكرة مدى وجود إمكانية للاتفاق بين مختلف مكونات المشهد السياسي ومؤسساته (البرمان، الحكومة، الرئاسة)، بعد سنة برلمانية أولى غلب عليها خطاب التفرقة والعنف، وكشفت كمّا هائلا من الحسابات و”التكتيك” الحزبي.

واستبعد النائب الصافي سعيد الأربعاء، نجاح مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل مؤكدا أنه مع فكرة تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها.

خليفة بن سالم : لا توجد توليفة سياسية جديدة حتى نراهن عليها
خليفة بن سالم: لا توجد توليفة سياسية جديدة حتى نراهن عليها

وقال سعيد في تصريح لإذاعة محلية “يجب التوجه إلى الجهات والاطلاع على مشكلاتها هذا ما يجب القيام به.. أنا لا أعتقد أن الحوار الوطني سينجح.. ليست هناك نوايا صحيحة وليست هناك الشجاعة والمعرفة لأنه بعكس ذلك سيكون الحوار بأطراف لها تموقعات ستدافع من منطلقها عن مواقعها وسيسفر عن نفس المخرجات”.

وأضاف “لو قمنا بحوار واتفقنا على قانون انتخابات جديد، وعلى استفتاء على بعض البنود في الدستور، وعلى معادلة جديدة بخصوص النظام السياسي، وقتها نتوجه إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في هذه الحال”. وتابع “يجب أن تنتظم في هذه الحالة انتخابات رئاسية وتشريعية… أنا مع هذه الفكرة”.

وواصل في نفس السياق “إن وافقوا على هذه الاقتراحات كلها.. مرحبا بهم مع هذه الفكرة ووقتها يتم تحديد نظام انتخابات استنادا إلى دراسات مقارنة من دول تشبهنا.. هناك 14 أو 15 نسخة في قانون الانتخابات موجودة”.

ويكشف ذهاب البعض في فكرة تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، البحث عن بديل سياسي للمشهد، بعد مرحلة من الغموض سئم فيها الناخب انتظار وعود السياسيين “الزائفة”، لكن إنجاز ما ترنو إليه بعض الشخصيات السياسية يمكن أن يظل حبيس الأفكار والتصورات، في ظل مشهد سياسي متناقض تغذيه الهزات والمهاترات، وسط تساؤل عن فرص إيجاد التوليفة المناسبة التي يمكن أن تتفق عليها مختلف الأطراف للمضي في هذا الاتجاه.

ويرى مراقبون أن مقترح تنظيم انتخابات جديدة، يتطلب توفر عدة أسباب وشروط، أهمها كيفية استعداد الأحزاب البرلمانية في السلطة والمعارضة لقبول الفكرة بما يتماشى و”تكتيكاتها” السياسية وتموقعها في المشهد، فضلا عن التخوف من سيناريو إعادة إنتاج نفس المشهد المأزوم من جديد، وهو ما يجعل الانتخابات فاشلة بكل المقاييس.

واستبعد المحلل السياسي خليفة بن سالم “الذهاب نحو انتخابات سابقة لأوانها لسبب بسيط وهو أن المشهد السياسي سيظل هو نفسه”، قائلا “لن تكون هناك انتخابات سابقة لأوانها قبل سنة أخرى”.

وأضاف بن سالم في تصريح لـ”العرب”، “لا بد من تغيير النظام الانتخابي القائم، وتعديل بنود الدستور، الأزمة ليست في التمثيلية النيابية، بل في التسيير الحكومي.. من سيجري استفتاء على الدستور وهيئة الانتخابات غير مكتملة”.

 وتساءل “كيف تريد لانتخابات جديدة أن تأتي بمشهد جديد وهي تُجرى بنفس مكونات المشهد، ولا توجد توليفة سياسية جديدة حتى نراهن عليها؟”.

ويمنع النظام الانتخابي استفراد أيّ حزب بغالبية حكم، ويؤدي دوما عبر قانون أكبر البقايا إلى برلمان مفتت لا جامع بين مكوناته سوى التعطيل المتبادل.

ووضعت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي رأسها عياض بن عاشور سنة 2011 والتي كلفت بتكوين مؤسسات تشرف على الانتقال الديمقراطي في تونس نواة القانون الحالي.

فؤاد ثامر: الانتخابات المبكرة ستتسبب في خسائر وإضاعة للوقت
فؤاد ثامر: الانتخابات المبكرة ستتسبب في خسائر وإضاعة للوقت

وأفاد النائب عن حزب قلب تونس بالبرلمان فؤاد ثامر في تصريح لـ”العرب”، بـ”أن المشهد الحالي هو نتيجة لما أفرزه صندوق الاقتراع، ولذلك لا وجود لأي جدوى من تنظيم انتخابات جديدة، في ظل وجود مبادرات جديدة للحوار الوطني”.

وأضاف ثامر “سيعاد نفس المشهد، وإذا أردنا التغيير فعلينا أن نغير النظام الانتخابي ونؤسس محكمة دستورية، أما الانتخابات المبكرة فستتسبب في خسائر وإضاعة للوقت”.

وترى شخصيات وأحزاب سياسية تونسية أن القانون الانتخابي الحالي يمثل عائقا أمام تقدم مسار الممارسة الديمقراطية بالبلاد، ما جعلها تدفع وبقوة من مناسبة إلى أخرى إلى ضرورة مراجعته وإصلاح ما يجب إصلاحه مخافة الوقوع في المحظور.

وتشهد تونس منذ 2011 أزمة اقتصادية، وأرهقت سياسات الحكومات المتعاقبة لتجاوزها التونسيين، اقتصاديا واجتماعيا. ودفعت صراعات الرئاسات الثلاث في ما بينها ودخول تونس دوامة تعيين وإقالة حكومات الواحدة تلو الأخرى، عددا من التونسيين إلى الحنين للنظام السياسي السابق، الذي يمنح صلاحيات كبرى لرئيس الجمهورية.

وأطلقت بعض الشخصيات السياسية والأمنية التونسية على مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، تحذيرات من خطورة ما قد يؤول إليه الوضع في تونس في ظل تصاعد التوترات الاجتماعية في مختلف المحافظات والجهات والتي تنذر بتفكك الدولة وإمكانية تفجر ثورة جديدة قد تجرف الطبقة السياسية الحالية برمتها.

وأعربت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي عن رفضها للنظام السياسي والانتخابي الحالي، قائلة إنها تدعم نظاما رئاسيا معدلا تكون للرئيس فيه صلاحيات تعيين الحكومة والمصادقة عليها دون الرجوع إلى البرلمان.

وكانت موسي أعلنت في عدة مناسبات موقف الحزب الدستوري من النظام السياسي في تونس، الذي يعتمد على تعدد رؤوس السلطة، بين برلمان وحكومة ورئاسة للدولة، وهو ما يشتت القرار السياسي ويسبب تضاربا بين رؤوس السلطة وعدم تنسيق بينها.

وقالت “إن هذا التضارب يؤول إلى عدم الفعالية في اتخاذ القرارات السياسية وعدم اتباع منهجية واستراتيجية واضحتين على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما أضر بالدولة التونسية”.

وتتبنى تونس نظاما برلمانيا معدّلا يسميه البعض أيضا بالنظام النصف أو شبه البرلماني، ويمنح مجلس نواب الشعب صلاحيات التشريع والرقابة ويمنح الثقة للحكومة وسحبها منها والرقابة على عملها، فضلا عن إسناده لرئاسة الحكومة جلّ الصلاحيات التنفيذية، في حين ينحصر دور رئيس الجمهورية في 3 مجالات فقط وهي الدفاع والأمن القومي والعلاقات الخارجية.

4